تكمن أهمية هذه اللغة في كونها لغة التراث الإسلامي في منطقة جنوب آسيا كلها فقد دون بها التراث الإسلامي منذ أكثر من أربعمائة عام وإلى اليوم كما أنها تعد لسان الدعوة الإسلامية دواعي التنوع في المحيط اللغوي الهندي كثيرة جدًا وقوية جدًا أكثر من 150 لغة وأكثر من 30 لهجة أنتجت مجاميع من الثقافات والفلسفات والأفكار. يقول ديورانت مؤلف كتاب قصة الحضارة.. الهند وجيرانها.. لقد شهدت الهند الوسيطة لغات ولهجات مختلفة كان أهمها اللغة الهندية والتي تولد عنها في القرن الثاني عشر اللغة الهندستانية والتي باتت لغة النصف الشمالي من الهند وأخيرًا جاء [الفاتحون] المسلمون.. فكونوا لغة جديدة هي اللغة الأردية. عندما شرعت في الدراسات المتعلقة بجنوب آسيا وبالذات شبه القارة الهندية وجدت أن معظم المصادر التي استقيت منها دراساتي مراجع مكتوبة باللغة الأردية فأدركت حاجتنا إلى هذه اللغة في دارساتنا المتعلقة بالوجود الإسلامي في شبه القارة الهندية وبالرغم من أن اللغة الأردية قد واجهت أزمة وجود عميقة وتحديات خطيرة إلا أنها اعتبرت أكبر لغات العالم الإسلامي وأوسعها انتشارًا بعد العربية والفارسية فالمتحدثون بها يزيدون على الأربعمائة مليون في كل من باكستانوالهند وبنجلاديش وأفغانستان بالإضافة إلى عدة ملايين من المهاجرين المستوطنين بنيبال وسريلانكا وجنوب إفريقيا وبلدان شرق القارة الأفريقية وانجلترا وكندا وأمريكا واستراليا وغيرها. نشأة هذه اللغة التي تعد من أكثر اللغات تأثيرًا بعد العربية زمن الحكم الإسلامي في شبه القارة الهندية والذي امتد لأكثر من 8 قرون متصلة وذلك عن طريق اختلاط الجيوش الإسلامية التي استوطنت شبه القارة الهندية من عرب وفرس وأفغان وترك ومغول ثم وبمرور الزمن انتشرت مع انتشار وامتداد الحكم الإسلامي في شبه القارة الهندية واتساع نطاق المتحدثين بها وما هي إلا حقبة من الزمن حتى صارت لغة الثقافة والعلوم والأدب الإسلامي في جنوب آسيا وإلى يومنا الحاضر. وقد تفاعلت اللغة الأردية وتطورت تدريجيًا من خلال الاحتكاك باللغة العربية واللغة الفارسية أثناء الفتوحات الإسلامية في شبه القارة الهندية وازدهرت أثناء حقبة سلطة دلهي 1206 – 1526 والإمبراطورية المغولية 1526 – 1858. يقول د. جميل جالبي وهو بالمناسبة أديب أردي أن اللغة الأردية حلت مع الفاتحين المسلمين أينما حلو فتشكلت من خلال تأثيرات المنطقة اللسانية وتكونت في السند وملتان ثم زحفت إلى بنجاب وبعد مائتي عام انتقلت إلى دلهي ومن هناك اختلطت باللغات المحلية وتأثرت بها ثم انتشرت في شبه القارة الهندية. وتكمن أهمية هذه اللغة في كونها لغة التراث الإسلامي في منطقة جنوب آسيا كلها فقد دون بها التراث الإسلامي منذ أكثر من أربعمائة عام وإلى اليوم كما أنها تعد لسان الدعوة الإسلامية. وإن كان الهندوس يرون أن اللغة الأردية لغة دخيلة على شبه القارة الهندية جاءت مع الفتوحات الإسلامية وازدهرت مع الحكم الإسلامي للهند وأن بقاء هذه اللغة بعد نهاية الحكم الإسلامي لا يليق بالأمة الهندية ولذا يرون التخلص منها باعتبارها لغة دينية إسلامية في الوقت الذي يؤكد فيه بعض النقاد الهندوس أن اللغة الأردية لغة هندية عريقة كان لها وجود قبل الفتح الإسلامي وإن لم تكن تسمى بالأردية وكانت لها آدابها وتقاليدها وعندما جاء الفتح الإسلامي تداخلت هذه اللغة مع الفاتحين وأدخلوا عليها كلمات عربية وفارسية وتركية فتغير شكل اللغة وبقيت قواعدها هندية. ونعتقد أن تسميتها بالأردية انتقلت إليها من اللغة التركية أو المنغولية وتعني كلمة أردو [ معسكر الجيش وتسمى اللغة الأردية [ زبان أردومعله ] أي لغة الجيش الرفيعة. وكانت اللغة الأردية في بداية عهدها كتبت بالأحرف الديوناكرية وبعد أن توسعت كتبت بالخط العربي والفارسي وقد نهضت اللغة الأردية نهضة واسعة في ظل الحكومات الإسلامية المتعاقبة التي حكمت شبه القارة الهندية وحظيت برعاية بلاط الحكومات الإسلامية ودخول الكثير من الألفاظ والتراكيب والمصطلحات العربية والفارسية والتركية ذات الصبغة الإسلامية إلى اللغة الأردية واستقرار الأردية على اتخاذ الحروف العربية والفارسية خطًا لها واعتزاز المسلمين في شبه القارة الهندية بالحديث والكتابة باللغة الأردية وقد نافس النتاج الأدبي والفكري والثقافي باللغة الأردية اللغات الهندية الأخرى. فقد شهدت السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر إنتاجًا أدبيًا وفيرًا في الشعر والنثر وكان الشعر في طليعة الأجناس الأدبية الأردية وقد أخذ الشعر الأردي عن العربية والفارسية نظام العروض وقواعد الشعر والأغراض الشعرية كالغزل والمدح والوصف والرثاء والحكمة. وكان أول شاعر كتب بالأردية محمد قولي قطب شاه وجاء من بعده ميرزا محمد رافي ساودا ومير تقي ومرزا أسد الله خان غالب والطاف حسيني حالي وأكبر اله أبادي. أما على مستوى النثر فقد كان مير أمن وبادر علي حسين وكاظم علي جوان ومير شير علي أفسوس. وفي العصر الحديث تفاعلت الأردية مع اللغات الأخرى وفي باكستان شهدت تغيرًا كبيرًا واتخذت اللغة نكهة باكستانية وهناك عدد كبير من الصحف تنشر باللغة الأردية في باكستان. أما خارج جنوب آسيا فيتحدث باللغة الأردية حشد من المهاجرين إلى دول الخليج العربي وموريشيوس وألمانيا وكوبا والنرويج وفرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة وبريطانيا والسويد. وتعد اللغة الأردية أكبر لغات العالم الإسلامي وأوسعها انتشارًا بعد العربية والفارسية هاجرت إلى أجزاء كثيرة من العالم وقد تكونت نتيجة امتزاج الحضارات العربية والفارسية والهندية وهي لغة اجتماعية سهلة مرنة تقبل ألفاظ اللغات الأخرى وتفسح لها المجال في قاموسها لتقف في الصفوف الأولى من مجموع اللغات الموجودة في العالم والأردية اليوم لغة باكستان القومية وفي نفس الوقت لغة الهند الثانوية. ولذلك من الأهمية ترجمة التراث الإسلامي المكتوب باللغة الأردية والتعرف على تاريخ الإسلام في بلدان جنوب آسيا وحضاراتها وعصورها المختلفة قديمًا وحديثًا والتأثير الذي أحدثه المسلمون في مجالات الثقافة الهندية المختلفة.