شهدت العلاقات السعودية العراقية، تطوراً كبيراً منذ تولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة العراقية، حيث أكدت المملكة دعمها للعراق ضد حربه مع الإرهاب والمتمثل بتنظيم "داعش" الإرهابي، فيما جددت ذلك الدعم بالاتصال الهاتفي الذي أجراه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- برئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي أمس الأول، والذي أبلغ رئيس الحكومة العراقية برفض المملكة تقسيم العراق على خلفية الاستفتاء الذي تم اجراؤه بكردستان العراق وشمل محافظة كركوك والمتنازع عليها بين بغداد والإقليم وكذلك المناطق المختلفة والمتنازع عليها. وبحسب بيان للمكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن الأخير "تلقى مكالمة هاتفية من الملك سلمان بن عبدالعزيز". وأكد الملك، وفقاً للبيان، "دعم المملكة لوحدة العراق ورفضها نتائج الاستفتاء الذي حصل في إقليم كردستان حيث إن المملكة تتابع عن كثب تطورات الأوضاع في كركوك، خصوصاً وأن العراق قد حقق انتصارات ملحوظة ضد الإرهاب". ونوه الملك سلمان على "حرص المملكة على إقامة أفضل العلاقات مع العراق وتعزيز التعاون بين البلدين". بينما أشاد العبادي ب"موقف المملكة الداعم للعراق"، معتبراً أن "ما قامت به الحكومة العراقية هو إعادة لنشر القوات العراقية في محافظة كركوك بعملية سريعة وسلسة لم تسفر عن وقوع أي ضحايا أو جرحى، وتم الإنتشار بيسر إذ أن كركوك ينبغي أن تكون تحت سيطرة السلطة الاتحادية وفق الدستور". وأكد العبادي، "حرص العراق على إقامة أفضل العلاقات مع المملكة، والتي سيزورها في الأسبوع المقبل وفد وزاري عراقي لتوقيع اتفاقيات تعاون تصب في صالح البلدين". وعن موقف المملكة، قال المتحدث باسم المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي، الدكتور سعد الحديثي: "أن موقف المملكة الداعم لوحدة العراق تجسد من خلال الاتصال الذي أجراه الملك سلمان، مع رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي". وأضاف "المملكة تدعم سلامة الحكومة العراقية من خلال مساندتها على الحفاظ على الأراضي العراقية واحتكامها للدستور كسقف لحل المشاكل الخلافية بين الحكومة الاتحادية التي يتزعمها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي والحكومة المحلية للإقليم". وأكد، أنه "تم التأكيد على توطيد وتدعيم العلاقات الثنائية بين البلدين". فيما وصف رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية، واثق الهاشمي، الاتصال الأخير بين الملك سلمان والعبادي بأنه "خطوة لتوثيق العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين والتأكيد على خطوات رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي تجاه وحدة العراق". وأكد الهاشمي، "وجود تسريبات عن زيارة العبادي إلى المملكة الأسبوع المقبل، على رأس وفد وزاري لتوقيع اتفاقيات في مجال التعاون بين البلدين". ونوه إلى أن "العلاقات السعودية العراقية تمر في أحسن ظروفها بمختلف مجالاتها". بينما ذكر رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية، الدكتور عدنان السراج، "أن الاهتمام المتبادل بين البلدين الذي يتم على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية والتفاهمات بين المملكة والعراق يصب في مصلحة المنطقة". وأوضح، أن "المشاورات والاتصالات الهاتفية تنم عن الاهتمام الذي وصل إلى مرحلة التعاون المثمر من أجل أن تكون المنطقة آمنة ويكون التعاون عن هذا المستوى"، مشيراً إلى أن "المكالمة الأخيرة بين خادم الحرمين الشريفين ورئيس الحكومة العراقية تدل على الاهتمام الكبير ما بين البلدين، والاتصالات قد جرت على أعلى المستويات من أجل تخطيط وتنسيق لمستقبل العلاقات بين البلدين على وجه الخصوص وللمنطقة بشكل عام". ويشير إلى أن "هذه الرسالة تعبر عن روح إنسانية وقومية عربية من أجل أن يبقى العراق منتصراً وموحداً ولا يمكن أن تأخذ دعوات التقسيم طريقها، وهو دعم كامل من قبل المملكة بثقلها السياسي والاقتصادي وعلاقاتها الدولية"، منوهاً إلى أن "هذا يعطي اهتماماً سعودياً بهذا المنحى". وذكر، أن "الاتصال الهاتفي ما بين الملك سلمان والعبادي يشير بوضوح إلى دعم خادم الحرمين الشريفين لوحدة العراق"، معتبراً أن "هذا الأمر مهم جداً". ورأى أن "الاتصال بعث برسالة أخرى إلى إقليم كردستان، بالتخلي عن تلك الأساليب الداعية إلى الانقسام وبدء صفحة جديدة من العلاقات". وبين السراج بالقول، أن "العبادي يرى بأن المملكة بلد شقيق وجار مهم للعراق وأن هذا التنسيق يخدم مصالح البلدين". فيما قال النائب السابق، فوزي أكرم ترزي، إنه "لا يخفى على أحد بأن هناك روابط وثيقة وتاريخية مابين المملكة والعراق، ومنها روابط اللغة والدين والجغرافية". وأضاف، أن "مبادرة دعم المملكة لوحدة العراق هي مبادرة إنسانية عربية إسلامية أخلاقية ومساندة للحكومة الاتحادية والشعب العراقي في هذه المرحلة الحساسة في تاريخ البلاد المعاصر"، مؤكداً أننا "نطالب المملكة بمزيد من الدعم والمساندة وأن تنال المملكة شرف المساهمة والمشاركة في إعمار البنى التحتية المحطمة في العراق". وتمنى، أن "يتم احتضان العراق من قبل الدول الخليجية وخاصة المملكة، لأن دورها مؤثر في المنطقة وهي تستطيع توطيد العلاقات أكثر فأكثر بين العراق واشقائه الخليجيين على كافة المستويات الاقتصادية والثقافية والسياسية والأمنية لكي نضع حداً للإرهاب والإرهابيين وفتح صفحة جديدة مع العراقيين". وعن رفض المملكة للاستفتاء الذي تم إجراؤه في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، اعتبر النائب السابق من القومية التركمانية، التي رفضت المشاركة في الاستفتاء، فيما ترفضه بغداد بشدة لعدم دستوريته، أن "موقف إيجابي مشرف آخر للمملكة في رفض الاستفتاء لأنه لحزب واحد ولعشيرة واحدة ولشخص واحد". وذكر، أن "الاستفتاء تجاوز على سيادة وهيبة وكرامة الدولة العراقية ويجب وضع حد لهذه التجاوزات ووقوف المملكة مع الحكومة الاتحادية المتمثلة برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي الرافض للاستفتاء يشار له بالبنان وهو موقف مشرف". وأكد أن "المملكة تسعى للحفاظ على العراق وهي ترفض التقسيم والطائفية". من جانبه أكد رئيس تحرير مجلة البيارق العراقية عبد الكريم سلمان، أن "الشعب العراقي بكل مكوناته تلقى بفرحة غامرة جداً الاتصال الهاتفي الذي أجراه الملك سلمان بن عبدالعزيز مع رئيس الوزراء العراقي، لأن هذا الاتصال أكد على حرصه وحرص حكومته وشعبه على العراق وضرورة الحفاظ على وحدته أرضاً وشعباً". وشدد على، أن "الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الملك سلمان والعبادي قد تطرق إلى حرص العراق على إقامة أفضل العلاقات مع المملكة والتي سيزورها في الاسبوع المقبل وفد وزاري عراقي لتوقيع اتفاقيات تعاون تصب في صالح البلدين وهذا مؤشر إيجابي جداً سيسهم في تعزيز العلاقات بين البلدين فضلاً عن فتح آفاق أخرى مستقبلية من أجل تطويرها وتعزيزها بالشكل الذي يرضي أبناء الشعبين العراقي والسعودي في آن واحد". ورأى سلمان، أن "العراق اليوم يحتاج إلى أشقائه العرب ولاسيما المملكة لما لها من تأثير قوي في المنطقة وكذلك في العالم بعد أن بدأ العراق يتخلص من محنة الإرهاب التي آذته وحاولت القضاء عليه"، مبيناً، أن "تأكيد خادم الحرمين الشريفين على وحدة العراق وعدم السماح بتقسيمه قد أثلجت صدورنا كعراقيين من جميع المكونات وقد جاء هذا التأكيد في وقت حرج جداً يشهده العراق بعد أن قامت الحكومة الاتحادية باستعادة مدينة كركوك وفرض سيطرتها على المناطق التي انسحبت منها في منتصف شهر يونيو من عام 2014، لافتاً إلى أن "العراق اليوم ينظر الى المملكة نظرة مختلفة عن نظرته إلى الدول الأخرى، لأنه يأمل منها مساعدته في مواجهة التحديات التي تنتظره وفي مقدمتها إعادة إعمار المدن التي تعرضت إلى التخريب على يد تنظيم داعش، وهنا لابد من الإشارة إلى وجود رغبة حقيقية من قبل المملكة للمساهمة في هذا الأمر دون النظر إلى طائفة أو مكون أو قومية يخص الشعب العراقي". وتمنى سلمان، أن "تتطور العلاقة بين العراق والمملكة إلى مستوى متقدم جداً وتعود إلى ما كانت عليه في سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم، لأن تكاتف البلدين سيسهم مساهمة فعالة في حل الكثير من مشاكل المنطقة وهذا ما نأمله حقيقةً في القريب العاجل سواءً كنا كمتابعين أو محللين أو مواطنين عراقيين لديهم الحرص الكبير على العودة الى الحضن العربي الحميم". وتابع، "العراقيون يرغبون رغبة جادة بفتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية بين البلدين ورجم الفجوة بينهما التي حصلت بعد الغزو العراقي الذي قام به النظام السابق لدولة الكويت ومن ثم تعززت تلك الفجوة بعد الاحتلال الأميركي بسبب عدم وجود حنكة سياسية عراقية في التعامل مع المحيط العربي، نتيجة خضوع القرار العراقي إلى الضاغط الخارجي ولاسيما من قبل إيران التي حاولت أن تبعد العراق عن محيطه العربي". واثق الهاشمي