يأتي (مجمع خادم الحرمين الشريفين للحديث النبوي ) تجسيداً لعناية الملك سلمان -حفظه الله- بالسنة النبوية، وهذه البلاد المباركة قامت على تطبيق الشريعة الإسلامية والالتزام بالكتاب والسنة في كافة أنظمتها، وولاة أمرنا في المملكة حرصوا على خدمة الوحيين: القرآن والسنة، فكان (مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف) صرحاً شامخاً في نشر القرآن بجميع اللغات، وتم توزيع المصاحف على جميع المسلمين في العالم. ويأتي (مجمع خادم الحرمين الشريفين للحديث النبوي) محققاً لتطلعات المسلمين في العالم؛ بنشر السنة، وتحقيق الاعتدال والوسطية، والابتعاد عن الإفراط والتفريط. فيعتبر الإسلام دين وسطية واعتدال، فلا مكان فيه للغلو والتطرف والمتتبع لنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة سيجد أن فيهما الكثير من الأوامر التي تحث المسلمين على الوسطية والاعتدال في كل أمورهم، كما أن هناك العديد من النصوص بالمقابل، التي تنهى عن التطرف والغلو وتحذر المسلم من مغبة الانجرار وراءهما. قال تعالى: ( وكذلك جعلناكم أمة ًوسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً). وقد جاءت آيات كريمة لتبين ضرورة التوازن بين رغبات الدنيا ومطالب الآخرة، وتحقيق الاعتدال والتوسط، قال سبحانه: (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين). * وقال صلى الله عليه وسلم:( إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من قبلكم الغلو في الدين )، وقال صلى الله عليه وسلم: (بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا)، وهناك العديد من الأدلة الأخرى التي جاءت كلها لتؤكد على أن الإسلام دين وسطية واعتدال، فلا إفراط فيه ولا تفريط، ولا غلو فيه ولا تقصير، بل دعوة إلى الاعتدال والتوازن بين مطالب الدنيا والنظرة إليها، ومطالب الآخرة والعمل لها، والأخذ بالأسباب المؤدية إلى ذلك. والناظر في حال العالم الإسلامي في الآونة الأخير سيجد نزعات التطرف والغلو التي أصبحت تنتشر في بعض دول العالم الإسلامي عبر تنظيمات وجماعات منحرفة وهو الأمر الذي يلقي بأعباء ثقيلة على المسلمين؛ دولاً ومؤسسات وأفراداً من أجل التصدي لظاهرة الغلو والتطرف التي أصبحت تسيء إلى صورة الإسلام وقيمه السمحة، فجاء مركز خادم الحرمين الشريفين للحديث الشريف لتحقيق هذه الأهداف السامية في التصدي لظاهرة الغلو والتطرف، ونشر الاعتدال والوسطية في سنة خير البرية بإعطاء الصورة الناصعة عن الإسلام كدين للعدل والتسامح والوسطية والاعتدال وإبراز شمولية السنة النبوية في جميع المجالات الشرعية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد نص الأمر السامي الكريم على أن يكون للمجمع مجلس علمي يضم صفوة علماء الحديث في العالم، وهذا يؤكد أهمية دور علماء الأمة الإسلامية في الوقوف في وجه ظاهرة الغلو والتطرف بنشر السنة المشرفة. * أستاذ السنة وعلومها بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية