اكد سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى المملكة السيد ديتر فالتر هالر ان المملكة شريك أساسي لبلاده سياسيا واقتصاديا، مشددا على ان رؤية السعودية 2030 الطموحة تخلق العديد من الإمكانيات الجديدة لألمانيا والشركات الألمانية، مضيفا ان المملكة تشكل إحدى الركائز في الحوكمة العالمية، وكانت -ولاتزال-شريكا رئيسيا في هذا المسعى. واوضح هالر أنه يمكن لألمانيا أن تقدم خبرتها في إنتاج وتوزيع مصادر الطاقة المتجددة كونها في طليعة المعرفين بالطاقات المتجددة، واكد السفير الالماني ان برلين تشعر بالقلق إزاء دور إيران في المنطقة، سواء في اليمن أو في لبنان، وتتوقع من طهران أن تلتزم بشكل أكبر بالسياسات الإقليمية البناءة ومكافحة الإرهاب والتطرف. وفيما يلي نص الحوار: * كيف تقيم الحالة الراهنة للعلاقات السعودية الألمانية ونتائج هذه الزيارة؟ * المملكة شريك أساسي لألمانيا سياسيا واقتصاديا، وقد تكثفت العلاقات بين بلدينا بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وتوسعت إلى ما هو أبعد من المجال الاقتصادي، وقد أضافت الزيارة التي قامت بها المستشارة ميركل بعداً إستراتيجيا لهذه العلاقة، ومهدت الطريق لتعزيز التعاون في مجالي الاقتصاد والأمن، وتخلق رؤية السعودية 2030 الطموحة العديد من الإمكانيات الجديدة لألمانيا والشركات الألمانية لاستخدام خبراتنا سواء في التصنيع أو الرقمنة أو التدريب المهني من أجل النجاح في تنفيذ رؤية 2030، ومن الناحية السياسية اتفقنا على مشاريع جديدة للتعاون الأمني وسنقف جنبا إلى جنب لتحقيق التنمية ومكافحة الفقر للبلدان المحتاجة. وأخيرا وليس آخرا، فإن زيارة المستشارة ميركل للمملكة العربية السعودية جاءت في الفترة التي سبقت قمة مجموعة العشرين، وفي هذا السياق، شكلت المملكة إحدى الركائز في الحوكمة العالمية، وقد شددت القمة الأخيرة على أهمية اتباع نهج متعدد الأطراف لمواجهة التحديات العالمية، وكانت المملكة -ولاتزال-شريكا رئيسيا في هذا المسعى. * تواجه منطقتنا مجموعة من التحديات، ما هو موقف ألمانيا من قضايا سورية وإيرانوقطر؟ * نقول دائما إنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري بالنسبة للأزمة في سورية، ولاتزال محادثات جنيف للسلام تشكل الأساس لحل سياسي يحتاج إلى وضع حد للمأساة الإنسانية التي طال أمدها، وفيما يتعلق بإيران، رأينا على مدى العامين الماضيين أن الاتفاق النووي يخدم غرضه في منع إيران النووية، علما أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت مؤخرا أن إيران تفي بالتزاماتها، وفي الوقت نفسه نشعر بالقلق إزاء دور إيران في المنطقة، سواء في اليمن أو في لبنان، ونتوقع من إيران أن تلتزم بشكل أكبر بالسياسات الإقليمية البناءة ومكافحة الإرهاب والتطرف، أما بالنسبة إلى قطر، فإننا نعتقد أن الأزمة الحالية لا يمكن حلها إلا داخل دول مجلس التعاون الخليجي، نحن بحاجة إلى مجلس تعاون خليجي موحد بغية التصدي للتحديات الراهنة من الناحيتين الاقتصادية والسياسية. ألمانيا لا تنحاز إلى جانب في هذه الأزمة ونحن بدورنا نواصل الحوار مع جميع الأطراف ونؤيد جهود الوساطة الكويتية. *ما هو دور القدرات الألمانية في تطوير الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في المملكة؟ * يمكن لألمانيا أن تقدم خبرتها في إنتاج وتوزيع مصادر الطاقة المتجددة كونها في طليعة المعرفين بالطاقات المتجددة، وتشارك الشركات الألمانية في مناقصات REPDO للطاقة المتجددة، ويمكن أيضا تقديم المشورة والخدمات القيّمة عن توزيع الطاقة واستقرار الشبكة، بشكل عام، إن الصناعة الألمانية هي واحدة من أكبر الكفاءات في استخدام الطاقة في العالم بسبب ارتفاع أسعار الطاقة في ألمانيا، هذا لا يطبق فقط في الآلات الألمانية والتي هي نسبيا أكثر كفاءة في استخدام الطاقة فحسب، ولكن يجعل الشركات الألمانية أيضا أكثر كفاءة من حيث التكلفة. علاوة على ذلك، فإن الشركات الألمانية لا تقدم تقنيات جديدة من الدرجة الأولى وحلولا متكاملة فحسب، بل توفر أيضا توطين الإنتاج والتدريب المهني للموظفين السعوديين. * ما هي إمكانيات ألمانيا في الاقتصاد الرقمي والتنقل الكهربائي وكيف يمكن تسخير هذه الخبرة في تنفيذ رؤية 2030؟ * لم تدخر ألمانيا جهداً لدفع الاقتصاد الرقمي والتنقل الكهربائي منذ سنوات، وأصبحت الشركات الألمانية التي تتمتع بخبراتها الهندسية في طليعة التطور التكنولوجي في كلا المجالين، وقد وضعت جميع شركات صناعة السيارات الألمانية الكبرى نماذج مختلفة من السيارات الهجينة والكهربائية البحتة -وقد شوهدت بعض السيارات بالفعل على الطرق السعودية، مثل السيارة الرياضية الهجينة المذهلة بي أم دبليو i8-. وكان الاقتصاد الرقمي موضوعا مهما في حملة الانتخابات البرلمانية الألمانية التي أجريت في 24 سبتمبر، وبالتالي نتوقع مجموعة كاملة من التدابير لتعزيز التكنولوجيا الرقمية في السنوات المقبلة، لكن الشركات الألمانية ذات الشهرة العالمية والمتميزة في المملكة مثل ساب وديتكون وسيمنز وغيرها هي الآن على استعداد لتقديم حلول رقمية لتحديث ورقمنة الحكومة والاقتصاد السعودي تماشيا مع رؤية 2030، ووقعت مذكرات تفاهم في هذا المجال بمناسبة زيارة المستشارة ميركل إلى المملكة في 30 أبريل. * كيف ترى تطور التجارة الثنائية في الوقت الراهن؟ ما هي أحدث أرقام التبادلات التجارية؟ * في عام 2016م بلغت قيمة صادرات المملكة إلى ألمانيا 622 مليون يورو، وذلك مقابل قيمة واردات المملكة من ألمانيا التي بلغت في نفس الفترة 7.3 مليارات يورو، علما أن السنة الماضية شهدت تراجعا لكل من الواردات والصادرات، وذلك نتيجة التأجيل الذي طرأ على عدد من المشاريع المهمة في مجال الاستثمار والبنية التحتية، بيد أن السنوات العشر الأخيرة قد شهدت زيادة كبيرة للتجارة الثنائية بين البلدين، ويحدوني الأمل في أن ينتعش التبادل التجاري قريبا، ونحن نعمل بجد لتحقيق هذا الغرض بالتعاون الوثيق مع مكتب الاتصال الألماني - السعودي للشؤون الاقتصادية (GESALO). في الأشهر الستة الأولى من هذا العام بلغت واردات المملكة من ألمانيا 3.4 مليارات يورو مقابل 3.8 مليارات يورو للفترة نفسها من عام 2016، وبلغت صادرات المملكة إلى ألمانيا 344 مليون يورو، وهذا يزيد بنحو 80 % عن نفس الفترة من عام 2016 (191 مليون يورو). ومن وجهة نظري، يعتبر هذا الأخير علامة مشجعة نحو مزيد من التوازن في الميزان التجاري. * ولكن لايزال الميزان التجاري يرجح كفة ألمانيا بشكل كبير، ما هي اقتراحاتكم لتقليل هذه الفجوة وكيف يمكننا تعزيز التجارة الثنائية بشكل عام؟ * يتمتع الاقتصاد الألماني بقوة خاصة في مجال الآلات وغيرها من السلع الاستثمارية، وبالنظر إلى سرعة تنفيذ المملكة لأعمال البنى التحتية الأساسية، فإن الطلب القوي على هذه السلع أمر طبيعي، ومن ناحية أخرى هناك تطورات مثيرة للاهتمام في المملكة قد يكون لها تأثير كبير على التجارة الثنائية، واحد منها هو السياحة، ويفضل العديد من الألمان قضاء إجازاتهم في الخارج، ويعد مشروع البحر الأحمر واعدا جدا في هذا السياق، ويمكن تصميم عرض مخصص على سبيل المثال مع المرشدين السياحيين الناطقين بالألمانية، وسيلقى اهتماما كبيرا في ألمانيا، وهناك مشروع آخر من شأنه أن يؤثر على التجارة الثنائية بشكل إيجابي جدا هو اتفاق التجارة الحرة المخطط بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، ولدينا اهتمام قوي في إبرام اتفاق من هذا النوع، ونأمل أن تكتسب المفاوضات زخما جديدا في وقت قريب. * كيف تقيّم تطور العلاقات الثقافية بين بلدينا؟ * التعاون الثقافي بين ألمانيا والمملكة يتزايد بسرعة، وكان أبرز ما تم في العام الماضي الافتتاح الرسمي للمبنى الجديد لمعهد غوته في حي أم الحمام بمدينة الرياض في نوفمبر 2016، الآن، يمكن لجميع المهتمين باللغة والثقافة الألمانية تعلم اللغة الألمانية في الرياض على جميع المستويات وعلى أيدي معلمين مؤهلين الذين تعد اللغة الألمانية لغتهم الأم، وبالإضافة إلى التدريب اللغوي، نطمح إلى تقديم حزمة متنوعة من الأنشطة الثقافية وجعل المعهد مركزا للتبادل الثقافي. *ما الذي تتوقعه لمستقبل العلاقات الألمانية - السعودية بعد فوز المستشارة ميركل بالانتخابات مؤخرا؟ * فوزها الانتخابي يعكس ثقة غالبية الشعب الألماني بها، إن حزب المحافظين الذي تتبع له ميركل فاز بنسبة 32.9 % وبهامش واسع وهم أكبر حزب في البرلمان وليس لدي أدنى شك في أنها سوف تكون قادرة على تشكيل ائتلاف مستقر مع الليبراليين والحزب الأخضر، وبما أن المستشارة ميركل تدعو منذ زمن طويل إلى تعزيز التعاون؛ وبما أن سياستنا الخارجية تتسم بالاستمرارية والاتساق، سيتوضح لك لماذا أؤمن بتطور ديناميكي وتعزيز للعلاقات بين بلدينا على المدى الطويل. سفير ألمانيا في المملكة ديتر فالتر هالر