أخذت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى روسيا، مكانها في سجل الزيارات الاستثنائية على الصعيد الدولي، وشكلت انعطافة تاريخية على مستوى العلاقات بين البلدين، كما ودشنت حقبة جديدة من التعاون الوثيق في شتى المجالات، غير أن أهم مفاعيل الزيارة الحافلة، فضلاً عن الاتفاقيات وبرامج التعاون، كان البعد الإستراتيجي الذي كرسته مباحثات خادم الحرمين في موسكو، والتي رسخت النهج الجديد لسياسة المملكة الخارجية عبر توسيع دائرة التحالفات، وتكريس الدور الحيوي للمملكة في القضايا الإقليمية والدولية، مرتكزة على ثقلها السياسي والاقتصادي، ومكانتها الإسلامية، ومستثمرة المكانة الرفيعة التي تحظى بها على الصعيد الدولي، جراء النهج الحكيم والسياسة المتوازنة لقيادتها عبر محطات التاريخ، وسجل الأزمات، هذه العوامل ذاتها التي وضعت المملكة في مقدمة اهتمامات السياسة الخارجية لموسكو، وانعكست في صورة الاحتفاء الرسمي الكبير بالزيارة الملكية، وحجم الاتفاقيات وبرامج التعاون التي جرى توقيعها خلال الزيارة. من جانبها تمثل موسكو أهمية كبرى للمملكة، لمكانتها الدولية، ودورها الحيوي في أسواق النفط، وقبل ذلك بروزها كرقم صعب في ملفات المنطقة، والقضايا الإقليمية الملحة، وامتلاكها مفاتيح اللعب الرئيسية في عدد من الأزمات بالمنطقة، ما يبوئها موقعاً إستراتيجياً بارزاً في اجتراح مخارج لعقد الإقليم وأزماتها المزمنة بالتنسيق مع الدول الإقليمية الكبرى وفي مقدمتها المملكة. زيارة خادم الحرمين عززت التوافق السياسي..واتفاقيات تاريخية تُكرّس الشراكة الإستراتيجية توافق سياسي عقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله - وفخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية جلسة مباحثات رسمية في قصر الكرملين بالعاصمة الروسية موسكو، وأبرز الرئيس الروسي في كلمة له أهمية زيارة خادم الحرمين الشريفين لروسيا، والمحادثات التي تمت وقال: إن هذه المحادثات كانت غنية بالمضمون واتسمت بالثقة، وأضاف "إننا سعداء جداً بهذه الزيارة التي تقومون بها وهي أول مرة في تاريخ العلاقات بين البلدين، وإنني متأكد على أن هذه الزيارة ستعطي زخماً قوياً جديداً لمواصلة تطوير العلاقات بين البلدين". كما ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، كلمة قال فيها: "إنه من دواعي سرورنا أن نكون في بلدكم الصديق للتأكيد على حرصنا على تعزيز العلاقات وترسيخها بين بلدينا وشعبينا في مختلف المجالات، مشيداً بما تتسم به من توافق في العديد من القضايا الإقليمية والدولية، والتنسيق المستمر في كل ما من شأنه تعزيز الأمن والازدهار في أوطاننا وخدمة الأمن والسلم الدوليين، كما أننا حريصون على استمرار التعاون الإيجابي بين بلدينا لتحقيق استقرار الأسواق العالمية للنفط خدمة لنمو الاقتصاد العالمي". وأضاف الملك المفدى "إننا على قناعة تامة أن هناك فرصاً كبيرة تسهم في تنويع وتوسيع قاعدة التعاون الاقتصادي بين البلدين، وإيجاد أرضية اقتصادية وتجارية واستثمارية قادرة على زيادة استغلال وتقوية الميزات النسبية لصالح البلدين، ودفع عجلة التبادل التجاري بكل محاوره وفقاً لرؤية المملكة 2030". وشدد خادم الحرمين على أن المجتمع الدولي مطالب اليوم بتكثيف الجهود لمكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله واستشعاراً من المملكة لما يمثله الإرهاب والتطرف من خطورة عظمى على أمن واستقرار الدول والشعوب؛ فقد دعت المملكة إلى تأسيس مركز دولي لمكافحة الإرهاب في الأممالمتحدة وتبرعت بمبلغ ( 110 ملايين دولار ). كما عملت المملكة على تأسيس التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الذي يضم (41) دولة إسلامية وتأسيس المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف في الرياض. وتابع الملك سلمان في كلمته "إننا نؤكد على ضرورة إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وأن تكون مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية المرجعية للوصول إلى سلام شامل وعادل ودائم يكفل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وإن أمن واستقرار منطقة الخليج والشرق الأوسط ضرورة قصوى لتحقيق الأمن والاستقرار العالمي، مما يستوجب التزام إيران بالكف عن تدخلاتها في شؤون دول المنطقة، وزعزعة الأمن والاستقرار فيها". وفي اليمن أكد خادم الحرمين على أهمية الحل السياسي للأزمة اليمنية وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ونتائج الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن رقم (2216)، وبما يحفظ لليمن وحدته ويحقق أمنه واستقراره. أما ما يخص الأزمة السورية فقد دعا خادم الحرمين للعمل على إنهائها وفقاً لمقررات جنيف (1) وقرار مجلس الأمن رقم (2254)، وإيجاد حل سياسي يضمن تحقيق الأمن والاستقرار، ويحفظ وحدة سورية وسلامة أراضيها. كما أكد الملك على أهمية الحفاظ على وحدة العراق وسلامة أراضيه وتوحيد جبهته الداخلية لمحاربة الإرهاب. ودعا الملك سلمان المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته فيما يخص مشكلة مسلمي الروهينغا وإيجاد حل يحميهم من أعمال العنف والانتهاكات التي يتعرضون لها ورفع المعاناة عنهم. عقب ذلك، جرى استعراض آفاق التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين، والموضوعات ذات الاهتمام المشترك. التقارب السعودي - الروسي يُبشر بمخارج لأزمات المنطقة المزمنة علاقة إستراتيجية شهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وفخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية في قصر الكرملين بالعاصمة الروسية موسكو مراسم تبادل اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبرامج التعاون الموقعة بين حكومتي المملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية. فقد جرى تبادل اتفاقية بين حكومة المملكة وحكومة روسيا الاتحادية للتعاون في مجال استكشاف الفضاء الخارجي واستخدامه في الأغراض السلمية بين مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ووكالة الفضاء الاتحادية الروسية، كما جرى تبادل مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات بين وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة ووزارة الاتصالات والإعلام في روسيا الاتحادية، وتم تبادل مذكرة تفاهم بين وزارة التجارة والاستثمار بالمملكة ووزارة الصناعة والتجارة بروسيا الاتحادية. كما تم تبادل خارطة الطريق السعودية - الروسية بين وزارة التجارة والاستثمار بالمملكة، ووزارة الطاقة في روسيا الاتحادية، وجرى تبادل مذكرة تفاهم للتعاون في مجال العمل والتنمية والحماية الاجتماعية بين وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالمملكة العربية السعودية، ووزارة العمل والحماية الاجتماعية في روسيا الاتحادية، وجرى تبادل برنامج تنفيذي للتعاون الثقافي بين وزارة الثقافة والإعلام بالمملكة، ووزارة الثقافة في روسيا الاتحادية، وتم تبادل برنامج تعاون في المجالات الزراعية بين وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمملكة ووزارة الزراعة في روسيا الاتحادية. كما تم تبادل مذكرة برنامج تنفيذي للتعاون في مجال استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية بين مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة وشركة روس اتوم عبر البحار، وجرى تبادل عقود لتوريد أنظمة عسكرية ومذكرة تفاهم لنقل وتوطين التقنية لتلك الأنظمة بين الشركة السعودية للصناعات العسكرية وشركة روس أبارون أكسبورت، كما جرى تبادل مذكرة تفاهم لإنشاء منصة سعودية - روسية للاستثمار في مجال الطاقة ومذكرة تفاهم لإنشاء منصة سعودية - روسية للاستثمار في مجال التقنية بين صندوق الاستثمارات العامة بالمملكة العربية السعودية والصندوق الروسي للاستثمار المباشر، وتم تبادل مذكرة تفاهم خاصة باستثمار صندوق الاستثمارات العامة وشركة ليدر للاستثمار في ثلاثة مشروعات للطرق والقطارات الخفيفة في روسيا بين صندوق الاستثمارات العامة بالمملكة والصندوق الروسي للاستثمار المباشر. كما جرى توقيع مذكرة تفاهم للتعاون العلمي الجيولوجي بين كل من هيئة المساحة الجيولوجية السعودية والمؤسسة الجيولوجية الروسية القابضة بهدف تطوير التعاون بين البلدين في المجال العلمي الجيولوجي على أساس المساواة وتبادل المنافع، وإيجاد إطار لتبادل المعرفة العلمية والفنية وزيادة المقدرات الفنية الجيولوجية. وتشمل المذكرة التنقيب الجيولوجي وتقويم الموارد، والتنقيب الجيوفيزيائي عن المعادن والمياه الجوفية، وتطبيق نمذجة للمياه الجوفية، والجيولوجيا البحرية، ودراسات جيولوجية وتعدينية وبيئية، وتطبيقات نظائرية لعلوم الأرض، ونظم المعلومات الجغرافية. توسيع التعاون النفطي وقّع معالي وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح على خارطة طريق التعاون المشترك للجنة الحكومية السعودية - الروسية المشتركة مع معالي وزير الطاقة الروسية ألكسندر نوفاك، وذلك على هامش اللقاء الذي جمع الوزيرين في موسكو بحضور مسؤولين من شركة أرامكو، وممثلي عدد من جهات منظومة وزارة الطاقة، وعدد من شركات الطاقة الروسية وخدماتها. واتفق الوزيران على توسيع مجالات التعاون من النفط والغاز إلى التعاون في جميع موارد الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية، والنووية، من خلال توطين الصناعات وجذب الاستثمارات وتبادل الخبرات، بما يَصب في صالح المملكة، ويسهم في تنمية الصناعة المحلية، وخفض تكاليفها باستخدام الخبرات والكفاءات والتقنيات الحديثة. إلى ذلك وقع رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين المهندس أمين بن حسن الناصر، خمس مذكرات تفاهم مع كبرى شركات الطاقة الروسية، وذلك خلال أعمال منتدى الاستثمار السعودي - الروسي الأول الذي نظمته الهيئة العامة للاستثمار بالتعاون مع مجلس الغرف السعودية، والصندوق الروسي للاستثمار المباشر في العاصمة الروسية موسكو. لقاءات ملكية عقد خادم الحرمين الشريفين جلسة مباحثات مع دولة رئيس وزراء روسيا الاتحادية ديميتري ميدفيديف. وعبر دولة رئيس الوزراء الروسي عن سعادتهم بالزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لروسيا الاتحادية. وأكد دولته حرص بلاده على تعزيز وتطوير التعاون المشترك بين البلدين والدفع بها لآفاق أوسع عاداً المملكة شريكاً مهماً لروسيا في مختلف المجالات. وأشاد دولته بالمباحثات البناءة التي جرت بين خادم الحرمين الشريفين وفخامة الرئيس الروسي يوم أمس، ودورها الكبير في تعزيز وتطوير التعاون بين البلدين الصديقين في المجالات كافة. بعد ذلك ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -رعاه الله- كلمة قال فيها: «تعيش المملكة العربية السعودية مرحلة تاريخية ومفصلية من التطور الشامل، وقد ترجمت هذه المرحلة في رؤيتها 2030. ونتطلع إلى مشاركة دولتكم الصديقة في التعاون لتنفيذ برامج هذه الرؤية بما يخدم مصالحنا المشتركة». كما استقبل خادم الحرمين -حفظه الله-، في مقر إقامته بالعاصمة الروسية موسكو، فخامة الرئيس رمضان قديريوف رئيس جمهورية الشيشان، واستقبل الملك المفدى فخامة الرئيس رستم مينخانوف رئيس جمهورية تتارستان. وجرى خلال الاستقبالين، بحث مجالات التعاون، وسبل تعزيزها وتطويرها. مباحثات سعودية - روسية عمقت التفاهم لقاء الملك سلمان والرئيس الروسي نقل العلاقات لآفاق جديدة الملك سلمان وبوتين يشهدان توقيع الاتفاقيات