ماهي الماتريوشكا؟ ما السمات التي تميز المدراء الروس؟ عندما نسمع كلمة "روسيا"، تتبادر إلى أذهان الكثيرين صور الجنود السوفيت يحملون البنادق ورائحة البارود والماكينات القديمة وغيرها من الصور النمطية التي زرعتها فينا أفلام هوليود. ونتناسى كثيراً أسماء يوري جاجاين أول رائد فضاء في تاريخ البشرية وإلسكي ليونوف أول رائد فضاء يسبح خارج مركبته الفضائية ناهيك عن أدباء أثروا الأدب العالمي مثل ألكسندر بوشكين وليو تولستوي وغيرهم الكثير من العلماء الذين أنجبتهم روسيا عبر تاريخها. في الأسطر التالية أترككم مع بعض السمات الإدارية التي تميز الروس في أعمالهم التجارية والحكومية ومنها: السلطة الإدارية القوية: تتميز المؤسسات الروسية بالتسلسل الهرمي. وتكون الكلمة المسموعة لرئيس المنظمة الذي يصدر الأوامر لمن تحت إمرته. وينطبق الأمر في الإدارات الداخلية التي تسلم السلطات القوية لمدرائها الذي لا يتجاوزون صلاحياتهم أبدا وتعليمات من فوقهم. والأمر شبيه جداً بلعبة بابوشكا أو ماتريوشكا (Матрёшка) وهي عبارة عن دمية مصنوعة من الخشب على شكل فلاحة روسية داخلها دمى أخرى بنفس الشكل ولكن بأحجام أصغر. ويرى بعض الخبراء الإداريين أن استعمال القوة والتهديد بالعقوبات من المدير أحد العوامل التي تساعد على الانضباط في المؤسسات الروسية. وكما يقول المثل الروسي:"النعاج بدون راع لا تصنع قطيعا". طول النفس في المفاوضات: قد تجد الروسي يغادر قاعة الاجتماعات وأحيانا يهدد بإنهاء العلاقة كنوع من الضغط في المفاوضات. وبشكل عام يكفيك أن روسيا تعلم الشطرنج في مدارسها للتعليم العام. وكما يقول الروس في مثلهم: "تصادق مع الذئاب على أن تكون فأسك مستعدة". الطاعة العمياء من الموظفين: لا يحب المدير الروسي من يناقشه أو يرفض تنفيذ الأوامر مباشرة من الموظفين. فالنقاش العلني بمعارضة توجيهات المدير يعتبر في الثقافة الروسية تصرفاً ينم عن عدم الاحترام والتقدير. بكلمة أخرى، فمصنع القرار ومهده في الإدارة العليا. وللأمانة، فقد لا تكون تلك الطاعة نابعة من الولاء والانتماء للمؤسسة بقدر ما قد تكون نابعة من الخوف والرهبة. وصدقت الحكمة الروسية: "الخوف يجعل الحمار أسرع من الحصان". أهمية التواصل داخل المؤسسة: في بحث بعنوان: "ما الذي لا نعرفه عن الإدارة السوفيتية؟" في عدد نوفمبر- ديسمبر 1990م لدورية هارفارد بيزنس ريفيو ركز الباحثون على ما يوليه المدراء السوفيت من اهتمام للتواصل مع جميع أعضاء المؤسسة بل وحتى أفراد عائلات الموظفين. ولعل أبسط مثال لهذا البرنامج الحواري السنوي على التلفاز مع بوتين في بث مباشر والذي يمتد لساعات يستمع فيه لأسئلة المشاهدين الروس ومشكلاتهم ويحاسب المسؤولين على الهواء مباشرة! وأختم لكم بصفة أخيرة في الروس وهي عدم اليأس والإصرار، فرغم سقوط الاتحاد السوفيتي كقوة عظمى عادت روسيا إلى الساحة الدولية كلاعب قوي يحسب له حساب، وكما يقولون في روسيا: "السقوط مسموح أما النهوض فواجب".