أعلنت شركة تويتر الأسبوع الماضي أنها أقفلت 300 ألف حساب في النصف الأول من هذا العام، لكونها تروج للإرهاب. خطوة تويتر تأتي ضمن حملة لمكافحة الحسابات التي تدعو للتطرف على وسائل التواصل. ولم تكن "منصة التغريدات" الوحيدة التي قامت بذلك بل لاحقت يوتيوب وفيسبوك الكثير من الإرهابيين في العالم الافتراضي. بعد خراب مالطا تحركت تلك الشركات تحت ضغط من الحكومات والجهات الأمنية، الكثير من الدماء أريقت بسبب تخاذل هذه المنصات في التحرك ضد التطرف. إذ يعرف الجميع أن جزءا كبيرا من تجنيد الشباب تم عن طريق شبكات التواصل، بل إن السبب في ظهور وتكاثر الخلايا الإرهابية بنسبة أكبر مما كانت عليه في الماضي يعود لنشاط المتطرفين على الفضاء الالكتروني. كانت طريقة التجنيد السابقة تتم بطريقة تقليدية، يجلس المتطرف مع الشاب وجها لوجه ويقوم بعملية غسل الدماغ، وكان ذلك الإجراء يتطلب الكثير من الوقت والجهد والسرية والحذر، إلا أن هذه الطريقة لم تعد هي الأسلوب المتبع في عمليات التجنيد. أصبح نشر المحتوى المتطرف والمحادثات المباشرة في شبكات التواصل أسرع وأكثر تأثيرا، مدعومة بالصور والفيديوات. تنظيم داعش ومن يحركه، يعملون باحترافية عالية على المحتوى الإعلامي، ويدركون الأهمية البالغة لشبكات التواصل الاجتماعي، وهي الجادة التي يعتزمون سلكها بشكل أكبر جدية خلال الفترة القادمة بسبب خسائرهم الكبيرة على الأرض، فقبل بضعة أشهر أعلن مدير وكالة الشرطة التابعة للاتحاد الأوروبي (يوروبول)، أن تنظيم "داعش" طور وسائل للتواصل الاجتماعي خاصة به تجنبا للحملات الأمنية على اتصالات عناصره وعلى الدعاية التي يقومون بها. الكثير من منتجات داعش الإعلامية مثل "قناة الخلافة" ، "الفرقان" ، " أعماق" و"دابق" وغيرها، بل وحتى فيديواتها ذات الإخراج السينمائي، ماكانت لتنتشر وتُعرف لولا وسائل التواصل الاجتماعي، تلك المنتجات ساهمت بشكل أساسي في عملية التجنيد، ففي دراسة قدمها الباحثان جي. أم بيرقر، وجوناثن مورقان، رصدا فيها 3 ملايين تغريدة بثها التنظيم عبر 7500 حساب وهاشتاقات جهادية. ولك أن تتخيل الأثر الكبير الذي تسببت فيه ملايين التغريدات تلك، كل ذلك تم بسبب تقاعس تويتر عن متابعة ما يدور في فضائها. التحرك الأخير لمحاصرة الدعايات الجهادية في الفضاء الإلكتروني وإن كان متأخرا إلا أنه خطوة مهمة في الطريق الصحيح لتضييق دائرة الدعاية المتطرفة، ويجب الضغط أكثر على تلك المنصات لتقوم بدورها في هذه الحرب التي سئم العالم من تأخر حسمها.