نوع آخر من المعارك تدار بشكل إلكتروني لمخاطبة العالم بطريقة جديدة عن طريق إنشاء العديد من الحسابات والمواقع الالكترونية للتخاطب مع الناس وتغيير مفاهيمهم، وساهم فضاء الحرية على الانترنت بتعزيز فكر التنظيمات المتطرفة كتنظيم "داعش" عبر استغلال شبكات التواصل الاجتماعي، والقدرة على الإقناع والانفتاح والانتشار واستقطاب المراهقين خصوصاً أنها تحمل في ظاهرها مضمونا مستمداً من الشريعة الإسلامية وهي منه براء.. هذا التحقيق يناقش التواجد الإعلامي للجماعات المتطرفة عبر شبكات التواصل الاجتماعي. دراسات وأرقام كشفت دراسة أجراها معهد بروكنجز الأمريكي أن أكثر من 46 ألف حساب فقط في "تويتر" يديرها تنظيم "داعش" حول العالم منها 866 حسابا معلنا من قبل المستخدمين في المملكة في شبكات التواصل الاجتماعي "تويتر"، كما تم رصد 90 ألف حساب ل"داعش" على "تويتر"، إلا ان هذه الحسابات تشمل "مؤيدين مخفيين" وعملاء استخباراتيين تابعين للتنظيم الاجرامي. تعبئة وتجنيد وأكد عمار محمد -متخصص ومدرب الاعلام الرقمي- أن التعبئة وتجنيد إرهابيين جدد هي هدف رئيس للتنظيمات الإرهابية؛ حيث ان استقطاب عناصر جديدة داخل التنظيمات الإرهابية يحافظ على بقائها، وهم يستغلون تعاطف الآخرين من مستخدمي الإنترنت مع قضاياهم، ويجتذبون هؤلاء بعبارات براقة وحماسية من خلال غرف الدردشة الإلكترونية، ونحن نعلم أن الشباب والمراهقين يقضون الساعات الطويلة على الإنترنت للثرثرة مع جميع أنواع البشر في مختلف أنحاء العالم، أو حتى يستطيعون التخفي خلف اسماء وهمية ومستعارة لجذب الشباب. مواجهه داعش وأشار محمد إلى أن الاتحاد الأوروبي أعلن عبر وحدة متخصصة في رصد وملاحقة المتطرفين عن حملة واسعة لإيقاف خطر الإرهاب ولعلها أكبر حرب تشن في العالم الافتراضي باستخدام أساليب ذهنية تعمل على قتل الأفكار من مصادرها وتناقلها، حيث وصل عدد المواقع الإلكترونية لداعش وحدها لأكثر من 9600 موقع على الإنترنت. ولفت محمد أنه وبفضل عدد من المؤيدين، وباستخدام تكتيكات عالية التنظيم، تمكن "داعش" من فرض تأثيره على الطريقة التي يشاهده فيها العالم، من خلال نشر صور لأعمال العنف التي يقوم بها، بما في ذلك قطع رؤوس الصحافيين الأجانب وحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، في الوقت الذي يستخدم فيه وسائل التواصل الاجتماعي لتجنيد عناصر جدد، لذلك تلجأ "داعش" إلى الحصول على التمويل من خلال الإنترنت، ويتم عبر إنشاء مواقع خيرية أو إرسال بريد إلكتروني يحمل صور أشخاص تعرضوا لكوارث ثم الطلب من الأشخاص ذوي القلوب الرحيمة واستجداؤهم لدفع تبرعات مالية لأشخاص اعتباريين، يمثلون واجهة لهؤلاء الإرهابيين، ويتم ذلك بواسطة البريد الالكتروني بطريقة ماكرة لا يشك فيها المتبرع بأنه يساعد أحد التنظيمات الإرهابية. حسابات عديدة وكشف عمار محمد، أن أكثر من 46 ألف حساب فقط في تويتر وحسب دراسة أجراها معهد بروكنجز الأمريكي، اعتمدت الدراسة في الوصول إلى تحديد عدد الحسابات المقدّرة على مقاربات عدّة، حيث تم جمع بيانات قوية من 50 ألف حساب، من بينها 30 ألفاً معرّفة بأنها تخص مؤيدي "داعش"، وأصحابها هم مستخدمون حقيقيون، كذلك، تم جمع بيانات جزئية من 1.9 مليون حساب إضافي، يعتقد أن ما لا يقل عن 16 ألفاً منها تخص مؤيدي "داعش"، وتخلص الدراسة إلى أنه يمكن في الحد الأقصى رصد 90 ألف حساب ل"داعش" على "تويتر"، لكنها توضح أن هذه الحسابات تشمل "مؤيدين مخفيين" و"عملاء استخباراتيين تابعين "للتنظيم المتشدد، بالإضافة إلى حسابات ل"عملاء استخباراتيين مناهضين" له، والهدف منه مراقبة نشاطاته الإلكترونية. نتائج الدراسة وأضاف: خلصت الدراسة إلى ان التقدير الأفضل لعدد حسابات المؤيدين العلنيين ل "داعش" على "تويتر" هو 46000، والتقدير الأقصى لعدد حسابات المؤيدين ل "داعش" على "تويتر" هو 90000، معظم الحسابات هذه تم إنشاؤها في عام 2014، وتحديداً في شهر أيلول، عدد الحسابات التي رصدت استخدامها تقنيات "سبام" و"بوت" لبعض التدوينات كان 3301، والمعدل الوسطي لعدد التدوينات لكل حساب 7.3 تغريدات يومياً، أما معدل التغريدات قياساً إلى كل مستخدم هو 2219، ومعدل التابعين لكل حساب هو 1004، أما فيما ما يتعلق باستخدام الهواتف جاءت النتيجة على الشكل التالي: (69%) للهواتف العاملة على نظام "أندرويد"، و(30%) لهواتف "آي فون"، و(1%) لهواتف "بلاكبيري"، أما فيما يتعلق بالنطاق الجغرافي لهذه الحسابات، فقد حلل الباحثون حوالي 20 ألف حساب، وأشارت الدراسة إلى أن الوسيلة الأفضل لتحديد هذه المسألة يتعلق بمعرفة العلامة الجغرافية "geo tag"، " لكن الدراسة توضح أن معظم مؤيدي "داعش" لا يستخدمونها لأسباب أمنية. حجب الحسابات وأوضح عمار محمد أنه تم انشاء وكالة الشرطة الأوروبية "يوروبول" لتقوم بالعمل مع شركات تواصل اجتماعي من غير أسماء لتتبع حسابات "داعش" وإقفال كل حساب جديد يتم إنشائه بعد ساعتين من بدئه، وتفيد إحصائيات "يوروبول" أن ما يعادل 5000 مواطن أوروبي من بريطانيا، وفرنسا، وبلجيكا، وهولندا قد نزحوا إلى مناطق قوى "داعش" للانضمام إليهم مما يؤكد قوة التأثير التي تمتلكها المنظمة على مواقع التواصل الاجتماعي. ونوه محمد أنه ومن الامور التي جرت في الفترة الأخيرة أن الرئيس التنفيذي لموقع "تويتر" تحدث مؤخراً عن تهديدات بالاغتيال وجهها تنظيم "داعش" لموظفي الشركة وإدارييها، وذلك بعدما أغلق "تويتر" حسابات بعض المستخدمين التابعين للتنظيم، في وقت رفعت فيه شركة "تويتر" دعوى قضائية ضد الحكومة الأميركية متهمة إياها بتجاوز الدستور الذي يكفل حرية التعبير، بعد تقديم الحكومة طلبات للشركة لمعرفة حسابات المستخدمين بتفاصيلها الدقيقة، بحجة أن بعض تلك الحسابات يهدد الأمن القومي الأميركي، وبذلك تقف شركة "تويتر"، كما هو الحال بالنسبة لشبكات التواصل الاجتماعي الاخرى، موقفا حرجا بين حدود" الحجب" لمحتوى معين بحجة تهديده الأمن أو الإساءة والتحريض، وحدود حرية التعبير التي ضمنت لهذه الشبكات توسعها وانتشارها المتزايد عندما فتحت فضاءات كبيرة أمام الناس للتعبير عن الرأي. مراهقو تويتر ولفت -المتخصص ومدرب الاعلام الرقمي-الى ان المحتوى اصبح أداة لإقناع بعض الشباب للانضمام لصفوف "داعش" حيث جذبت وفق تقرير الخارجية الأمريكية السنوي قبل عامين أكثر من 16 ألف مقاتل انضموا لهم من 90 دولة مختلفة، الى ذلك ذكر المرصد التكفيري في تقريره الخامس والعشرين، والذي جاء تحت عنوان "دور المنتديات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي في تجنيد الإرهابيين.. الخطورة وسبل القضاء عليها"، أن (80%) من الذين انتسبوا الى تنظيم "داعش" تم تجنيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ مشيراً المرصد إلى أن عدد المواقع المحسوبة لهذه الجماعات ارتفع من نحو 12 موقعًا إلكترونيًّا عام 1997 ليصل-بحسب آخر الإحصائيات-إلى 150 ألف موقع هذا العام. وأشار أنه وبحسب دراسة أجراها معهد بروكنجز الأمريكي، تقول أيضا إن من بين 20 ألف حساب لم يستخدم سوى 292 (1.5) خاصية العلامة الجغرافية في تدويناتهم، ولذلك فقد اعتمدت الدراسة معيارين آخرين هما، المكان المعلن في وصف الحساب، والمكان المحدد وفق المنطقة الزمنية، وختم محمد بالإشارة الى أن تنظيم "داعش"، يملك قوة دعم، لذلك توفر كل الامكانيات الموجودة لنشر وفرض قوتها على الانترنت والسيطرة على المحتوى بكافة اللغات حيث أن لديها متطوعين وفرق متخصصة لذلك ولا علاقة لها بالوضع المعيشي للدول التي يقيمون بها، مشددا بأن قيم التواصل الحضاري بين البشر تكمن بالمشاركة الإيجابية والسلام وتعزيز احترام حقوق الإنسان وكرامته، مما يتيح إمكانية الحوار والفهم المتبادل، فلغة العنف لغة ينبذها العالم ولا يرى لها مكاناً في آليات التواصل بينه، وحرب الأفكار التي لا تنتهي قد تطول نهايتها، والمهم أن نحصن شبابنا ليفهم واقعه ورسالته بالحياة. فضاء الانترنت الميدان الجديد للتنظيمات المتطرفة عمار محمد