مع بداية كل عام دراسي تتجدد معاناة المعلمات مع خطر النقل في عربات يفتقد الكثير منها لوسائل السلامة ولا يخضع السائق فيها لأي اختبار يقيس مدى أهليته للقيادة سوى اجتياز ما يسمى باختبار القيادة، وفي رحلة محفوفة بالمخاطر وعبر محطات توقف متعددة، تتكرر رحلة اليوم الدراسي التي تبدأ مع خيوط الفجر الأولى أو قبله أحياناً بساعات على حسب المسافة وعبر طرق طويلة تعاني هي الأخرى من تقادم الزمن، هذا هو حال الكثير من المعلمات، فبعد أن بدأت هذه المهنة بحلم طال انتظاره لدى البعض تحقق فيها الحلم بتفاصيل مؤلمة تقطر دماً وألماً في أغلب الأحيان حتى أصبح حلم تعيين المعلمة الذي طالما انتظرته كابوساً مقلقاً بمجرد علمها بأنها عينت في منطقة تبعد مئات الكيلومترات عن مقر سكنها، تلك هي معاناة المعلمات اللائي يتساءلن: "لماذا يحدث هذا مع مربيات الأجيال؟". إن التعيين العشوائي للمعلمات الذي يفتقد إلى الكثير من التنسيق من قبل وزارة التعليم يجعل الكثير من المعلمات يدفعن أرواحهن ثمناً لذلك في أغلب الأحيان، فعلى سبيل المثال تجد الوزارة تعين خريجات من الشمال في أقصى الجنوب والعكس، وخريجات من أقصى الشرق في الغرب والعكس على الرغم من توفر معلمات في هذه التخصصات في المنطقتين؛ حيث تترك الوزارة المعلمات بعد ذلك في دوامة من القلق للبحث عن النقل الذي قد لا يأتي أحياناً إلا بعد سنوات من الانتظار والمعاناة مع أن الوزارة تملك الكثير من الحلول، ومنها: تعيين المعلمات ليس في مدينتهن ولكن على الأقل في منطقتهن بدلاً من الزج بهن في متاهات المناطق البعيدة عن سكنهن أو النائية، أو توفير وسائل نقل آمنة تشرف عليها الوزارة بالتنسيق مع وزارة النقل وتكون متاحة في كل منطقة، كذلك يمكن إيجاد سكن مأمون ملحق بالمدارس والمجمعات التعليمية في المناطق النائية يؤجر على المعلمات بمبلغ مناسب يستفاد منه في صيانة تلك المجمعات وتهيئة البيئة التعليمية المناسبة ويضمن استقرار تلك المعلمات في تلك المناطق بعيداً عن أخطار النقل والطريق. وحتى تجد الوزارة الحلول المناسبة تتساءل المعلمات في قلق: "أليس من حقنا أن نعيش في وضع مستقر بعيداً عن القلق؟"، إلى متى تستمر المعاناة وتبقى المعلمة تعاني الظروف القاسية والضغوط النفسية، فإذا سلمنا أن الحوادث وكوارث الطرق قضاء وقدر، يبقى قلق التفكير في المستقبل ومفاجآت الطريق حمود دخيل العتيبي