على مدى أكثر من عامين.. وأكثر من مائة شخصية كانت قد جاءتنا دائمًا مطرًا يترك العشب في آثاره .. كنت منهم ولهم وبهم في هذه المساحة برفقة الفنان الأنيق سليمان المسيهيج ، الذي اختار من ملامحهم ما أحببت قوله فيهم ..وكان معي ولي في كل الرؤى منذ هاجس الزاوية الأول وحتى آخر قطرة لون تركتها أنامله على ملامح النبلاء الكثيرين فيها. حيث لم نطمع معًا إلا بالحب ولم نبتغِ غير مرضاة التاريخ حينما كتبوه عملا وقرأناه وفاءً.. ظلّت ملامحهم على مدى الأسابيع الغيم وتذاكرهم الربيع وغوايتنا بهم الضوء .. لهذا لم تكن كل تلك السطور المنذورة للحب والمتأصّلة على الامتنان لوجودهم بيننا واحتمالاتنا بهم إلا رسائل حب افترضها حضورهم وفرضتها مآثرهم وعشتها حبا لهم وغبطة بزمنٍ جمعني بهم ولو من وراء غياب. واليوم وأنا أطوي صفحة الحب تلك حيث مساحة أخرى نجرّب فيها الحرف ونقلّب فيها ماتيسّر من القول في هذه الصحيفة التي امتدت علاقتي بها لأكثر من ربع قرن . لايسعني إلا أن أتوجّه بالشكر لكل من ساهم في استمرارها ودعمها بدءا بالأستاذ عماد العباد الذي انطلقت الزاوية في عهد إدارته لتحرير الشؤون الثقافية وانتهاء بالصديق الوفي عبدالله الحسني مديرالتحرير الحالي الذي كفلها وتكفّل بها دائما .. كذلك الشكر الكبير لكل تلك الشخصيات التي منحتني بعضها لأكون لها ثم تركت في ذمتي ماقلته عنها وأعتذر من جهة ثانية لكل الكثيرين الذين فاتني عناقهم بعد أن خشي الحرف من ملل قارئه واستدراجه لما أحب حين اكتفى بما يحب . لهذا سألقاكم هنا في انعكاساتٍ أخرى وخطوات قادمة يحفها الأمل والإصرار على أن تستنفد الروح ما لديها كلما تحشرج البوح في حنجرة المغني ..! المغني الذي قال للناس (صدري تشقّقَ فاختبئوا ) جاءكم آخرٌ يقرئ الناس أبياته ثم يقفز فوق السطور المغني أحالوه للكلمات ..فمات كثير من الناس في صدره حين عاد إلى أرضه عينوه وزيرًا على حزنه ..ثم حين تقاعد كان بها شاهدًا للقبور ..