إن آخر حل للبطالة هو تحميل المنشأة الخاصة "تكلفة البطالة"، بعد تفاقم معدلاتها وللحد من آثارها السلبية على القوة الشرائية والنمو الاقتصادي الذي يضعف الطلب على السلع والخدمات، حيث كشفت ملفات العمالة الإدارية ما لم تكشفه مسموحات هيئة الإحصاءات العامة سابقا باستمرار تصاعد معدل البطالة إلى (12.7 %) في الربع الأول من 2017م، مما يعتبر أمرا محرجا لصانعي القرارات العمالية بكشف المستور عن خفايا البطالة المتزايدة إلى معدلات غير مقبولة، رغم ما تحمله من أبعاد اجتماعية واقتصادية خطيرة. إنها نتيجة ضعف أداء السياسات العمالية وعدم استغلالها للمعطيات الاقتصادية المتاحة وتدني مساهمة القطاع الخاص في دعم النمو الاقتصادي، مما زاد من تراكم معدلات البطالة وعسر توليد الوظائف، حيث أثبت الأدب الاقتصادي في معظم الأوضاع الاقتصادية أن العلاقة بين النمو الاقتصادي الحقيقي أو معدل التضخم ومعدل البطالة عكسية، فكلما زاد المعدلان كلما زاد معدل التوظيف وتقلصت البطالة. فكيف يكون لدينا معدلات تضخمية بين (2 %-3.5 %) ونمو اقتصادي جيد في السنوات التي سبقت عام 2017م، ومع ذلك انحرفت البطالة عن مسارها الصحيح، ألا يؤكد ذلك على خلل ما في المنظومة الاقتصادية، ألا يدل استقدام القطاع الخاص وتوظيفه لملايين العمالة الأجنبية سنويا برواتب متدنية وساعات عمل طويلة على عدم رغبته في توظيف السعوديين إلا بنسب متدنية، رغم تحمل صندوق الموارد البشرية نصف راتب السعودي. هكذا لم يستطع برنامج وزارة العمل (نطاقات) تقليص معدل البطالة التراكمي بتركيزه على جانب الطلب وتجاهله لجانب العرض من العمالة الأجنبية. إن الأسوأ ما يردده أصحاب المنشآت دائما بأن السعوديين غير مؤهلين للعمل وأن تخصصاتهم نظرية لإحلالهم مكان العمالة الأجنبية أو خلق وظائف جديدة لهم، وكأن هؤلاء الأجانب متخصصين ومؤهلين قبل وصولهم لهذا البلد، بل إن معظمهم يعملون داخل اقتصاد الظل بتستر بعض أصحاب هذه المنشآت عليهم وحرمان مواطنيهم من فرص العمل؛ وللأسف أن تقارير وزارة العمل دائما تؤكد عدم رغبة القطاع الخاص في توظيف السعوديين للأسباب السابقة دون اتخاذها قرارات حاسمة بتوظيفهم لأبناء الوطن طوعا أو بقوة النظام. إن الحل الأخير هو تحميل المنشآت الخاصة المقصرة تكلفة البطالة "No free ride" وهو الحل الأشد حسما وأكثر فعالية من أجل توظيف السعوديين وإحلالهم مكان الأجانب في الوظائف العليا والمتوسطة أولا من خلال تحديد نسبة هذه التكلفة مقابل نسبة توظيف السعوديين في هذه المنشأة بما لا يقل عن 90 % سنويا في إطار رؤية 2030 وبرامجها لخلق بيئة أعمال وطنية شعارها "توظيف السعودي أولاً".