لماذا البطالة السعودية؟ هل لنا أن نتعلم شيئاً من خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله أمام مجلس الشورى يوم الأحد الماضي الذي أوضح فيه وبمنتهى الشفافية "أن ما تحقق من إنجازات لا يُلبي طموحاتنا جميعاً والتي نسعى إليها لتكون بلادنا في مصاف الدول المتقدمة---"، إذاً أين يكمن الخلل؟ عندما تعبر رسالته الصادقة عن هاجس كل مواطن سعودي على جميع مستوياتهم ويؤكد أن الفجوة مازالت واسعة بين ما تم انجازه والمتوقع انجازه وعلينا أن نضيق تلك الفجوة. إننا لا ننكر ما تم انجازه ولكن هنا نتكلم عن الفجوة بين حجم القوى العاملة السعودية ونسبة المشتغلين التي تؤدي إلى تقليص حجم البطالة. إن الذي خلق تلك الفجوة هي خططنا الإستراتيجية الميتة التي تشاهد القضايا المهمة دون التعامل معها لردم تلك الفجوة بين العرض والطلب في سوق العمل في حدود مواردنا المتاحة، معدل نمو القوى العاملة، الفترة الزمنية. إن المواطن يتساءل إذا اقتصادنا قوي وفوائضنا المالية مرتفعة، فكيف تكون العلاقة طردية بين معدل البطالة والنمو الاقتصادي؟ وإذا لم نستطع تحويل البطالة الحالية إلى عمالة فهل نحن مقبلون على بطالة متراكمة مع عدد السنوات وارتفاع عدد الفئة الشابة المؤهلة للعمل وانتشار استخدام التقنية التي تؤدي إلى تسريح العمالة؟ إن النظريات الاقتصادية والبحوث العلمية تبرهن على إن العلاقة عكسية بين البطالة ومعدل النمو، فكلما ارتفع النمو الاقتصادي تقلص معدل البطالة، فلماذا لا يحدث ذلك داخل اقتصادنا؟ إن ذلك نتيجة لفشل استراتيجيات بشكل عام والتوظيف بشكل خاص في تطوير نموذج توظيف متكامل يشتمل على إصدار بطاقة عمل لكل سعودي، إحصائيات أسبوعية عن العاطلين، خلق وظائف جديدة تتناسب مع رغبات الباحثين عن العمل ومستوى المعيشة الحالية والمستقبلية. من الواضح أن قضية العمالة الأجنبية لا تمثل العامل الأساسي في عدم توظيف السعوديين، بعد أن أوضحت إحصائيات المصلحة العامة، إن إجمالي عدد العاطلين عن العمل تجاوز 488 ألف عاطل منهم 463 ألف سعودي و 25.8 ألف أجنبي في 2009م، أي أن البطالة السعودية تراجعت إلى 5.4%, بينما البطالة الأجنبية بلغت 0.3%. ما يشير إلى أن معدل توظيف السعوديين قد ارتفع مقارنة بالعام الماضي، بينما انتقلت عدوى البطالة إلى العمالة الأجنبية التي يعمل معظمها في المهن الهندسية الأساسية المساعدة بمعدل 34.4% ومهن الخدمات بنسبة 26.5%. فإن الأهم ملاحظة أن نسبة الأجانب الذين يعملون في مهن مديرين بلغت 1.8% أو 77840 فرداً تقريبا. فلو كان حل قضية البطالة عملية إحلال لاستطعنا ترحيل فقط نصف مليون من الأجانب ليتم توظيف هؤلاء السعوديين، لكن علينا أولا أن نمعن النظر في تلك الإحصائيات لكي نستنتج أن توظيف السعوديين يعود إلى أسباب أخرى مهمة، منها نوع الوظيفة، الراتب، المكان الذي يلبي رغبات الباحثين عن العمل. لقد مضت عقود ونحن نتكلم عن آثار الطفرة وعدم احتضان القطاع الخاص للشباب السعودي الذي يمثل إنفاقهم على الخدمات والسلع قوة شرائية تدعم الطلب على منتجاته وخدماته. لذا دعونا نعترف أن ثقافتنا تسيطر على سلوكياتنا ودائماً نرغب في المستقبل الأفضل حتى نضع حلول بدلاً من مصادمات ويصبح السعودي والعائلة السعودية ضحية سوق العمل. إن الحل يكمن في استثمارات الصناديق الحكومية في مشاريع خاصة ذات كثافة عمالية، وليست استثمارات في أسواق العقار والأسهم، تستهدف توظيف السعوديين وذات قيمة مضافة تحقق لها عائداً مجزياً يجمع بين المنافع الاقتصادية والاجتماعية. *عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية عضو الجمعية المالية الأمريكية