بعد نجاح حج هذا العام نشكر الله جل وعلا، ثم نشكر دولتنا المباركة على ما بذلته من جهود واضحة لإنجاح الموسم بالشكل الذي ملأ العيون روعة والنفوس حبرة والقلوب بهجة، وقذى عيون المفسدين.. فكل هذه الإنجازات التي تحققت، والنجاحات الرائعة لم تدع مجالاً للشك في بطلان ما نعق به نواعق الفتن، وروّجه سماسرة المحن ممن كان شغلهم الشاغل التشكيك في قدرة المملكة على إدارة الحج، والأخذ به للطريق السليم، والمنهج القويم، والواقع الحاضر، والتاريخ الغابر يثبتان بطلان مطلبهم الوضيع، واقتراحهم القبيح ألا وهو تدويل الحج، وهذا المطلب المتناهي في رعونته وفجاجته، الفريد في وقاحته وسماجته، لم يكن نابعاً من استجلاب مصالح، أو دفع مفاسد، بل وراءه غايات خبيثة، ومقاصد دنيئة، منها ما انطوت عليه نفوسهم، وأشربته قلوبهم من الحسد للمملكة سيدة العالم الإسلامي على ما اختصها الله به من المكانة المرموقة، وما حباها به من المواهب المغبوطة، حسد لا تنضج ناره سوى أحشاء الحاسد، وحقد لا يثقل سوى كاهل الحاقد، وقد استماتوا ليجدوا لهذا الهراء آذانًا واعيةً، أو نفوساً راضيةً، فلم يأبه أي أحد بما يقولون، ولم يعر أدنى اهتمام لما يدعون، فباءت تلك المساعي بالفشل الذريع، ومني أصحابها بالخسران الوجيع، ثم تغنوا باتهام آخر مزيف، مهلهل مضعف ألا وهو زعمهم الباطل تسييس المملكة للحج وللحرمين، وكسابقه ذهب زبده جفاءً، وصار هباءً، فلم يعد في جعبتهم إلا النفخ في أبواق الفساد من القنوات الفتانة المسعورة، ووسائل التواصل المأجورة، فاستغلوها للتطاول على قيادتنا المبجلة، وعلمائنا الأجلة، وتولت كبر هذا قناة الفتنة والجريرة، التي يقال لها قناة الجزيرة، نعم هي جزيرة لكنها جزيرة ترسو على مرافئها سفن الخائنين، ويترامى في ظلالها المشؤومة أعتى الحاقدين، ويتسكع على ضفافها شذاذ الآفاق، ويكرع في أجاجها ألفاف الأباق، وقد أغرت من ثعالبها العابثة، وضباعها الهائجة كل من أنست منه القوة في القضم، ووجدت فيه الجلادة في النهش، ولم تكتف بهذا بل أدلت دلاءها في مستنقعات وسائل التواصل الاجتماعي، فاستقت أقذر ما يلهج به السفهاء، وأبشع ما يتقيؤه الأنذال، ولم تكتف بما يستهدف آحاد الناس، بل ركزت على ما يسيء إلى ملكنا وتاج رؤوسنا خادم الحرمين الشريفين ذلكم الطود الأشم، والبدر الأتم، وما يمس جناب ولي العهد، نجل الملوك الكرام، وشبل الأسود العظام، وبصنيعها ذلك نبذت كل الأعراف والتقاليد الاجتماعية، والتعاليم الدينية القاضية بإجلال وتوقير الكبار قدرًا ومكانةً، لكن الأمر كما قيل: يا ناطح الجبل العالي ليكلمه أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل ونحن هنا إذ نستنكر وندين هذا التطاول، ونحتفظ بحقنا في دفع الظلم لنستيقن أن كل ما صنعوه لم ينقص مثقال حبة خردل من القدر الرفيع للمملكة كدولة، ولقادتها كقادة، فالمكارم والمآثر مرهونة بالمساعي الحميدة، والأخلاق النبيلة، ومن اتصف بها لم يؤبه بقول ناعق يذمه، بل إنما يذم القادح فيه نفسه، ويثبت للناس أنه قاصر النظر، أعشى البصيرة والبصر، فمن سوق بين الناس أن أسد الغابة جبان مهين لم يربح سوى التصاق صفة الحمق والسذاجة به. ولا يعدو أمر هؤلاء الظلمة الغاشمين سوى أنهم يغيظهم ما انتجز بفضل الله تعالى ثم بجهود المملكة من انسياب أداء شعائر الحج، وحسن تنظيمها، وراحة الحجاج وسلامتهم، فلم يجدوا متنفساً سوى استماتتهم في تجاهل ما نالته المملكة من الشرف في حصول الأمن والدعة والطمأنينة للحجاج. فتنبهوا لدسائسهم الخطيرة، والتفوا حول قيادتكم الرشيدة، واستمسكوا بغرز الجماعة، فما خاب من استمسك به، وافخروا بمبادئ دينكم، وبجهود دولتكم، وببسالة رجال أمنكم، وبنصاعة سجلكم في خدمة حجاج بيت الله الحرام، وزوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.