عقد مركز الخليج للدراسات بدولة الإمارات العربية المتحدة ندوة تحت عنوان "قطر والربيع العربي" في دار "الخليج" للصحافة والطباعة والنشر، بحضور عدد من المفكرين والباحثين ورؤساء ومديري تحرير الصحف العربية والإماراتية والسعودية، حضرها ممثلاً عن صحيفة "الرياض" الزميل الدكتور علي القحيص. وأدار الندوة الأستاذ حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، رئيس تحرير صحيفة الخليج المسؤول. الدوحة تدفع ثمن نواياها السيئة ولا خيار أمامها سوى العودة لمحيطها الخليجي «الربيع العربي» شكل فرصة لقطر لبدء مشروع تخريبي لتفتيت المنطقة من الداخل وأكد المشاركون على أن النظام القطري مارس أدواراً فوضوية في ما كان يجري في الوطن العربي بعد عام 2011 وأنه ضلّل الجماهير والرأي العام العربي عبر إعلامه وتحديداً قناة "الجزيرة" التي قدمت رسائل مغلوطة هدفها خلط الأوراق في المنطقة. ولفتوا إلى أن الدور القطري كان واضحاً في مصر وليبيا وسورية والعراق، حين دعم النظام القطري جماعة الإخوان المسلمين في مصر بعد وصولهم إلى الحكم عام 2012، وسوقهم على أنهم حركة سياسية إسلامية وسطية، وسعى إلى فتح قنوات مع الولاياتالمتحدة الأميركية بهدف قبول هذه الجماعة في المشهد العربي عموماً. وفي الإطار أوضح المشاركون أن الدعم القطري لم يتوقف عند دعم وإيواء جماعة الإخوان المسلمين واستثمار الحراك المجتمعي الذي كان حاصلاً في فترات ما يُعرف ب"الربيع العربي" بغية تمرير مشروع هدّام ينعكس سلباً على الأنظمة الحاكمة والشعوب هناك فحسب، بل توسع الدور القطري إلى حد توجيه الدعم بالسلاح والمال، خصوصاً في ليبيا وسورية، كما وظفت قطر قناة "الجزيرة" بوقاً إعلامياً للعب هذا الدور السلبي ضد الدول العربية وشعوبها. وشددوا على أن الدوحة لعبت دوراً أكبر من حجمها، والنتيجة أنها حين مارست أحداثاً خارج بيئتها الداخلية، سرعان ما كشفتها وانعكست عليها إلى بيئتها الداخلية، مما خلق حالة من عدم التوازن والاستقرار في وضعها الداخلي ومع جيرانها. وبخصوص المقاطعة الخليجية لقطر، أجمع المشاركون في الندوة على أن هذه المقاطعة أجهضت مشروع قطر الهدّام، وأدت إلى نتائج عكسية فاقمت من صعوبات الأوضاع السياسية والاقتصادية والمعيشية داخلها، كما أنتجت حالة من عدم الارتياح والشك من سياسات النظام القطري الذى يدعم المنظمات والميلشيات للتمرد وتفتيت الدول وشرذمتها. وفي مقابل هذا المشروع الهدّام والضار على الوطن العربي، أكدوا أن هناك مشروع إصلاحي سعودي إماراتي لصون وحماية وحدة المنطقة العربية، مشيرين إلى أن لدى المملكة العربية السعودية والإمارات فرصة متاحة لإيجاد رابطة عربية جديدة نحو مشروع تنموي تنويري حقيقي. وأضافوا أن المملكة والإمارات نجحت بالفعل في تعرية وكشف مشروع قطر الهدّام، وقدمت مشروعاً عربياً حقيقياً يستوعب آمال المنطقة، وهو مشروع بديل عن نموذج الهدم والتخريب الذي تتبناه قطر، مشيدين في هذا الإطار بالنموذج السعودي - الإماراتي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً باعتباره مشروع مهم يمكن البناء عليه. وفي المحور الأول الذي ناقش موضوع "قطر ومقدمات الربيع العربي"، نبّه المشاركون إلى أن قطر تجني الآن ثمار تدخلاتها في "الربيع العربي"، وأن خيار المقاطعة هو خيار استراتيجي لأنه يؤسس لوقف تيار التطرف والسياسة الهدّامة التي تتبناها الدوحة. ونوهوا إلى أن الشباب العربي فقد الحماس لما يسمى ب"الربيع العربي"، وأنه يبحث عن تنمية حقيقية مستدامة يكون أساسها ومحركها الفاعل، واصفين هذا الربيع بأنه شتاء وأنه جاء بمثابة هدية لقطر حيث استثمرته في تأجيج النزاعات الداخلية وتثوير الشعوب من الداخل. أما في المحور الثاني المتعلق بموضوع "قطر وتطورات الربيع العربي"، فقد جرى خلاله نقاش مطول حول أهداف النظام القطري في ممارسة دور تخريبي يتجاوز حدوده الجغرافية، حيث حضر هذا الدور بقوة في مصر التي خصصت لها الدوحة محطة فضائية لنقل الأحداث هناك وتكبيرها وخلط الحابل بالنابل، في إطار وظيفة الإعلام القطري القائمة على دعم الإخوان المسلمين إبان حكم محمد مرسي، وضمان محافظتهم على السلطة. ونبهوا إلى أن قطر انحازت صراحةً إلى تيارات معزولة واستخدمت أدواتها المالية والإعلامية للتحريض على دول الخليج والمنطقة العربية، في حين نشرت الفوضى عبر أكاديمية التغيير التي استقطبت من خلالها الدوحة الشباب لتركب موجة التغيير السلبي. وعن المحور الثالث "قطر ونتائج الربيع العربي"، أشار المشاركون إلى أن النظام القطري يعيش أوضاعاً داخلية صعبة هي نتاج هذا التدخل في الشؤون الداخلية لعدد من الدول العربية وفي ممارسة دور ظلامي مبتعد كثيراً عن المسؤولية الوطنية. وفي هذا السياق دعوا قطر إلى العودة للحضن الخليجي والقبول بقائمة مطالب الدول العربية الأربع المملكة والإمارات ومصر والبحرين، والالتزام بالبنود وفي المتن منها ممارسة خطاب إعلامي متوازن وحقيقي يعكس التوافق الجمعي حول قضايا وطنية مسؤولة وملتزمة وغير هابطة. ونوهوا إلى أن بند إغلاق قناة الجزيرة لم يكن مضمناً في قائمة مطالب الدول الخليجية، وإنما جرى الحديث عن القنوات الإعلامية القطرية بالعموم، غير أن قطر استثمرت ورقة "الجزيرة" في الإعلام الغربي من أجل إثارة هذا الأخير وتأليبه على الدول العربية. ولفت حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، رئيس تحرير الخليج المسؤول، إلى أن حمد بن خليفة منذ أن تولى مقاليد الحكم في قطر منتصف التسعينيات من القرن الماضي، وهو يتبنى مشروعاً لزعزعة المنطقة، منذ تبني فكرة الإخوان المسلمين الحزبية الضيقة، مشيراً إلى أن الدوحة اشتغلت طوال العقدين الماضيين في هذا الجانب، إلا أنه حين جاء "الربيع العربي" أججت قطر الشعوب العربية ضد أنظمتها وكان الثمن باهظاً، وإذا نظرنا إلى الأمور بخواتيمها فإنها مكلفة كثيراً. واتفق حبيب الملا رئيس مجلس إدارة "بيكر مكنزي حبيب الملا" مع المشاركين من حيث أن ما يسمى ب"الربيع العربي" انتهى إلى ما كانت تشتهيه قطر ولم تتمكن من فعله، مشيراً في هذا الإطار إلى أن لا أحد يختلف على أن لقطر مشروع تخريبي وهدم للحصول على غنائم، وهناك التقاء مصالح بين قطر والإخوان، فهما يلتقيان عند الخطر لكنها كانا سيتحاربان في حال توزيع الغنائم. وأضاف أن للإمارات مشروعاً إصلاحياً ربما هو الوحيد والموجود اليوم لحماية والحفاظ على المنطقة العربية، والمملكة العربية السعودية تشهد تغيرات كبيرة في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والإمارات اتخذت قراراً استراتيجياً صحيحاً للوقوف مع المملكة العربية السعودية والاستثمار في هذه العلاقة. وأكد الدكتور علي القحيص المدير الإقليمي لصحيفة "الرياض" في الإمارات على أن المشكلة ليست مع الشعب القطري لأن الشعب القطري جزء من نسيج المجتمع الخليجي وهم أهلنا وامتداد للقبائل والعوائل الخليجية، ومن حسن حظ النظام القطري أن المجتمع الخليجي يتسم بالهدوء وطاعة ولاة الامور وعدم الخروج عن المألوف إلا أن النظام القطري رضي لنفسه أن يكون مخلب قط وخنجر في خاصرة اللحمة الخليجية، ورضي لنفسه أن يكون رأس حربة في مشروعه التخريبي الخبيث، والدوحة تعاني من أزمة جغرافيا وتضخم مالي، وشدد الدكتور القحيص على أن الخلاف ليس مع دولة قطر كعضو في مجلس التعاون الخليجي، ولكن المشكلة مع "الحمدين"، حمد بن خليفة وحمد بن جاسم، كما مارست قناة "الجزيرة" دوراً سلبياً في تأجيج الأوضاع الداخلية في عدد من الدول العربية، لأن من يديرها أشخاص ليس لهم علاقة بالبيئة الخليجية ولكن لديهم أجندات خارجية في إذكاء الأعراض الطائفية، وتأجيج الصراع المذهبي، وتمرد الشعوب على أنظمتها الشرعية، ونهجت نهجاً غير مألوف في سياق الاعلام الخليجي الوطني المنضبط الذي ينسجم مع قيم وعادات وتقاليد أهل الخليج وأخلاقهم، وفي غياب المشروع العربي تخرج مشروعات صغيرة مثل مشروع قطر التخريبي التدميري الذي تمادى في تمرير الشر والعدوان ولكنه سرعان ما انكشف واحبط من قبل الدول الواعية والشعوب الذكية. وأضاف د. القحيص: "ورغم التحذيرات السابقة إلا أن حكومة قطر ظلت تماطل وتراوغ حتى وضحت نواياها الشريرة التي أحبطت في مهدها، إلا أن هناك مايبث روح الأمل في التنسيق والتناغم والأنسجام ما بين المملكة ودولة الإمارات في هذه العلاقة المميزة التي تشهد تطوراً متقدماً جداً وهو مانستشف منه ولادة مشروع عربي خليجي وهو بذرة طيبة ممكن أن يبني عليه لمشروع عربي كبير قادم يحمي الامة العربية والإسلامية من هذا التشظي والتصدع ومنع التدخلات الأجنبية والإقليمية لحماية أمن دولنا وهذا ما لحظناه من خلال الزيارات المتبادلة خصوصا في زيارات صاحب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلي للقوات المسلحة المتكررة للرياض وجدة والتقائه مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولى عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في هذا الإطار التنسيقي المتناغم والقوي". وقلّل علي عبيد الهاملي مدير مركز الأخبار في مؤسسة دبي للإعلام من حجم قطر وقال في هذا الإطار لا ينبغي أن نعطي قطر أكبر من حجمها إذا اعتقدنا أنها من خطّط لما أطلق عليه "الربيع العربي"، وما حصل أن دور قطر الأساسي برز في مصر وليبيا، وتركيزها على الأولى جاء مع وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم، وهي التي تؤوي قادة هذه الحركة منذ سبعينيات القرن الماضي. واتفقت ناعمة الشرهان عضو المجلس الوطني الاتحادي مع المشاركين على أن قطر تدفع ثمن نواياها السيئة على الصعيد الداخلي، والإعلام القطري والتمويل أيضاً إلى جانب الخطط المنظمة، جميعها لعبت أدواراً مشوهة أثرت سلباً عليها وعلى سمعتها، مشيرةً إلى أن أبناء الإمارات خلال أزمة قطر التفوا حول قيادتهم الرشيدة وسطّروا صور الولاء والانتماء للدولة. من جهته أكد الدكتور أحمد الهاملي رئيس ومؤسس الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، على أن قطر ليست الدولة التي نعرفها منذ تولى حمد بن خليفة الحكم، حيث كانت توعد وتخلف وعودها، وعملت وفق أجندات خفية سعت لتنفيذها في الدول العربية، وهي تمتلك قناة "الجزيرة" ومراكز أبحاث وأكاديمية تغيير ومؤسسات بحثية في الولاياتالمتحدة ولندن، واستطاعت أن تُجيّش حشداً من المجتمع المدني على مستوى العالم، وتحاول إقناع العالم أنه بدون قطر لا يمكن جمع الأطراف على طاولة الحوار. المهندسة عزة سليمان عضو المجلس الوطني الاتحادي تحدثت عن الفرص التي أعطيت لقطر من قبل الدول الخليجية لتغيير موقفها، غير أن الدوحة تعنتت في مواقفها، وتبرعت للعب دور سلبي أكبر من حجمها، حيث ضخّمت الأحداث في البداية ووظفت قنواتها المعروفة "الجزيرة" ووسائل التواصل الاجتماعي لتعميم الفوضى تحت ما يسمى ستار الحرية الإعلامية ونقل الحقائق، بينما هي في الواقع كانت تُزيّف الحقائق وتخدمها لدعم الإرهاب في المنطقة. جميلة الهاملي المدير العام لجمعية الإمارات لحقوق الإنسان نوهت إلى أن قطر أقامت منتدى المستقبل من قبل، حيث جري تخصيص ورشة للشباب والتركيز على التغيير الذي كان الهدف منه المطالبة بالديمقراطية بالوصفة الغربية، إلا أنه وبعد عام 2010 بدأ يتضح الدور القطري وكان للدوحة يد خفية طولى في التأثير السلبي على الشباب، ولم تكن قطر ظاهرة على الوجه حينذاك وإنما كان لديها ذراع هي منظمة الكرامة التي دعمت بالأموال وغير ذلك من أجل تثوير الشعوب خصوصاً في مصر وسورية. وعبّر محمد خلفان الصوافي الكاتب في صحيفة الاتحاد عن تشاؤمه من الدور القطري الذي يشكل علامة استفهام، نظراً لسلبية هذا الدور وممارساته الفوضوية في الدول العربية، فضلاً عن دور قناة "الجزيرة" السلبي في تهيئة مناخ عربي حاقد ومعبأ من أنظمته الحاكمة. الدكتور عمر عبدالعزيز مدير الدراسات والنشر بدائرة الثقافة في الشارقة، أشار إلى أن المحافظين الجدد في الولاياتالمتحدة الأميركية تبنوا نظرية الفوضى الخلاّقة ولديهم الفرصة للانتظار وتمرير أي أجندة في اللحظة المناسبة، وهذا ما حصل فعلاً مع انبثاقة "الربيع العربي" التي استنبطوها من "ربيع براغ" الذي اعتبر منطلقاً لهد النظام الموازي للنظام الأميركي العالمي ممثلاً بالاتحاد السوفيتي آنذاك. أما خالد عمر بن ققة الكاتب والإعلامي الجزائري، المستشار الإعلامي للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، رئيس التحرير التنفيذي لمجلة "الكاتب العربي"، فقد نبّه إلى أن قطر عبارة عن دولة خليط بين الإعلام والأيديولوجيا والمصالح، و"الجزيرة" حرّضت كثيراً وزيّفت الحقائق واستهدفت الشعوب والأنظمة، وحينما كان الإعلام القطري موجهاً ضد الشعوب والأنظمة، تنبّه الجميع إلى أن قطر خطر داهم للمنطقة، ومشاركة في مقدمات التغيير السلبي في الوطن العربي مشاركة مباشرة إعلامياً. وفي نهاية الندوة ألمح المشاركون إلى أن المرحلة المقبلة مهمة في طريق إعادة قطر إلى الحضن الخليجي، خاصةً وأنه ليس هناك من خيار أمام النظام القطري سوى العودة إلى هذا الحضن، وأن المقاطعة ستستمر إلى أن تستجيب الدوحة إلى المطالب الخليجية ومن دول المقاطعة لتنفيذ الشروط المطروحة والواضحة والتى تحمي المنطقة من الكوارث. حبيب الصايغ يدير الندوة الزميل د. القحيص متحدثاً بالندوة