اعتاد المجتمع لاسيما عبر شرائحه الشعبية التعامل مع مرض اضمحلال الذاكرة للمسنين, أو مايعرف طبيا (بالزهايمر), بأنه مرحلة عادية متوقعة لابد أن يمر بها المسنون, ويتعاملون معها ببعض الشفقة المبطنة بالسخرية فيقولون فلان (خرف أو هذرى)!! ومع ما في هذا اللفظ من قسوة وعقوق, إلا أن الأمر سيغدو أشد فداحة عندما يوكل مهمة التعامل معه أو مجالسته للغرباء, ويرى اقرباؤه أن صمت المصاب الطويل أو سهومه هو مؤشر على انقطاعه عن الموجودات حوله, ودخوله في غيمة بيضاء من الغياب. وعندما أشار أحد رجال الأعمال المعروفين في وصيته ( التي تداولتها الوسائط بكثافة) إلى أهمية مشاركته وتطييب خاطره ودعمه في المجالس التي تدير أمواله , في حال فقد بعض طاقاته العقلية, لامس بحديثه هذا الكثير من قلوب المجتمع إلى حد الصدمة, لاسيما أن هذا الموضوع يعكس حقيقة واقعة تروي حولنا للعديد من حالات العقوق والتحييد والتناسي لكبار السن . بينما الأبحاث الطبية والدراسات أثبتت أن مصاب الزهايمر حاضر وموجود, فقط هو اختار طريقا مختلفا للتواصل مع محيطه, ولايعني هذا نهاية المطاف, بل هي مرحلة حياة بشروط مختلفة يدخلها المسن, لاسيما إن هنالك علاجات قد تحسن جودة حياة مَن يعانون منه. الكثيرون ممن يعانون من أعراض الزهايمر يصابون حتى بالاكتئاب ويتلقون علاجات لتخفيف أعراض الاكتئاب التي تظهر بسبب الارتباك والعجز الذي يسببه المرض, وكثيرا ما يظهرون تغيرات شديدة في السلوك، فهم يصبحون غير قادرين على رعاية أنفسهم في كثير من الحالات وحتى انهم لا يميزون بين الاشخاص, ويفقدون تدريجيا متعة الأمور التي طالما أحبوا القيام بها. على المستوى المحلي توفر الجمعية السعودية لمرضى الزهايمر عبر موقعها, ومن خلال أنشطتها المتعددة, باقة من المعلومات حول المرض ...علاماته المبكرة ...مظاهره ...التعامل مع حالاته المتأخرة ....وأخيرا السبل المثلى في التعامل معه بالنسبة لمجالسي ومخالطي ومقدمي العناية للمصابين بهذا المرض. يبقى هنا مراجعة مألوفنا وأسلوب تعاملنا مع الفئات المصابة بهذا المرض, ولاسيما أننا كنا نراهم يتسنمون أوج عنفوانهم وتألقهم ,وحضورهم الذهني,وتوقد ذاكرتهم ثم (وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا). فنحفظ لهم كرامتهم الإنسانية, والتعامل مع أعراض المرض بمهنية وطريقة علمية, وتوفير محيط كريم وآمن لهم ,وعدم التوقع منهم نفس ردود الفعل التقليدية التي كانت تصدر منهم , .... فليس هناك خطوة باتجاه البر أعظم من أن نصبح ...نحن ذاكرتهم.