مقال اليوم خفيف لطيف مناسب للعيد ولسفرياته القصيرة ولاحتفالاتنا العائلية وما يطيب لي مشاركتكم إياه هي تجربة السياحة البرية في الوصول إلى الدول القريبة، والبحرين هي الأقرب في هذا السياق. ولم يكن اختيار البحرين لجوها في هذا الحر القائظ والرطوبة التي تعوض عن الأمطار السماوية، وإنما للاستمتاع بلقاء الأحبة من الوالدين والأقارب، وكثير من الأصدقاء، وكانت الفرصة سانحة للأطفال وقد بلغوا سناً يعون فيها التاريخ والحضارة أن نشركهم في رحلات تاريخية أثرية خفيفة تعمّق فهمهم لتاريخ الجزيرة العربية. وقد أتيحت لنا زيارة عدد من معالمها الجميلة التي تشير إلى أن البحرين تعمل على استثمار موقعها التاريخي الفريد باعتبارها قلب مملكة وحضارة دلمون التي تعود أسطورياً إلى خمسة آلاف سنة وتاريخياً إلى أربعة آلاف، ممثلة العمق التاريخي لشرق الجزيرة العربية في مواردها الخاصة وعلاقاتها الواسعة في كل الاتجاهات مع مراكز الحضارات العريقة القديمة. فقامت باستثمار تاريخها القديم وتسجيل قلعة البحرين على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي، كموقع تواترت عليه الحضارات منذ دلمون وانتهاء بالعصر الحديث. كما استثمرت تاريخها الحديث وتوثيق مهنة الصيد بتسجيل مسار اللؤلؤ ضمن قائمة اليونسكو للتراث الإنساني العالمي والذي يمتد على طول جزيرة المحرق ماراً بالمصائد والأسواق ومجالس الطواشين وبيوت كبار التجار والساحات العامة والمقاهي والمدابس وقلعة بوماهر حتى يصل إلى الجهة المقابلة من الجزيرة ومراكز التصدير والذي سوف يكتمل جزؤه الأول في 2018 عند تولي جزيرة المحرق عاصمة الثقافة الإسلامية. وقد استمتعنا ببدء صباحنا بفطور شعبي بحريني في «زعفران» بدعوة كريمة من معيدتي السابقة طالبة الدكتوراة فاطمة علي. ويوثق متحف البحرين كل المواقع التاريخية في جزر البحرين بكل حرفية وأناقة وتصميم فني يوازي المحتوى الفريد. وقد كانت زياراتنا تحمل تجارب متنوعة منها الإيجابي ومنها ما يحتاج إلى لفت انتباه القائمين على الآثار. فقد كانت زياراتنا خلال فترة العيد والإجازات، فوجدنا أن عدداً من المواقع التي زرناها مقفلة خلال هذه الفترة مما فوّت علينا الفرصة وعلى البحرين أن تستثمر ما لديها سياحياً، منها قلعة البحرين، فقد زرناها الاثنين، فكان هو يوم إقفال متحفها وكل السماعات التي تتيح الإرشاد الذاتي متوقفة. ولدى زيارتنا مسار اللؤلؤ كانت كل المواقع مغلقة خلال فترة الصباح يوم ثلاثاء ما عدا بيت الشيخ عيسى بن علي، فقد حاولنا زيارة بيت جمشير، بيت سيادي، والمكتبة الخليفية بلا جدوى. أما موقع عين عذاري حيث أقدم العيون الحلوة التي تخرج من الخليج المالح، فقد كان مخيباً للأمل بكل المقاييس وساقيته آسنة. لكن لا بد من الإشادة بمراكز الزوار والتطوير الذي تشهده المواقع الأثرية والتي شاهدناها في القلعة وفي مسجد الخميس، أقدم مساجد البحرين والذي يعود إلى القرن الأول الهجري، لكن المزيد ما زال مطلوباً.