صدر قبل أسابيع قرار مجلس الوزراء بالموافقة على إنشاء "المشروع الوطني للطاقة الذرية في المملكة" كما وقرر المجلس الموافقة على اللائحة المالية واللائحة الإدارية لمدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة وذلك بناء على ما رفعه سمو ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود. ومن المعلوم أن المشروع الذي تمت الموافقة عليه يندرج تحت البرنامج الوطني للطاقة المتجددة والذي يعتبر مبادرة استراتيجية من ضمن برامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030، ويهدف إلى زيادة حصة الطاقة المتجددة المستدامة إلى إجمالي مصادر الطاقة في السعودية. حتى سنوات قليلة لم تكن المملكة العربية السعودية معنية باستخدام مثل هذه الطاقة إلا أنه ومنذ فترة والمملكة تدرس امتلاك هذه الطاقة للمساعدة في إنتاج الكهرباء والماء، وسعياً منها للبحث عن مثل هذه الحلول فقد تم في مارس 2016 توقيع اتفاقية بين الحكومة السعودية وروسيا في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، وتم كذلك في مارس 2017 بماليزيا توقيع اتفاقية بين شركة اترابا القابضة السعودية وشركة افماكو الماليزية الصينية المتخصصة في الطاقة الكهربائية للعمل معاً على تنفيذ مشروعات الطاقة وقد دخل التحالف في مناقصة إنشاء أكبر محطة للطاقة في المملكة باستثمارات مليار ريال سعودي (226,7) مليون دولار كما وتم توقيع مذكرات تفاهم في الشأن ذاته مع فرنسا. وتشهد المملكة نمواً متسارعاً وتزايداً كبيراً في الطلب على الكهرباء والمياه المحلاة، وذلك تزامناً مع ازدياد أعداد السكان، ومن المتوقع أن يزيد الطلب على الكهرباء في المملكة بحلول 2032 إلى 120 جيجا واط فقد أصبحت الحاجة ماسة لإنتاج طاقة بديلة وعمل سياسات ونظام يحافظ على الطاقة وإلا ستكون الحاجة للوقود الخام لإنتاج الطاقة والنقل والصناعات وتحلية المياه إلى ما يعادل 8.3 ملايين برميل بحلول 2028م مقارنة ب3.4 ملايين برميل في عام 2010م، فمن الطبيعي اللجوء إلى الطاقة النووية بحكم أنها آمنة وموثوقة وخالية من الغازات الضارة ولا تلوث البيئة ولا تتعرض المحطات النووية إلى الانفجار، وتعتمد المحطات النووية على مساحات صغيرة نسبياً مقارنة بالمحطات التي تعتمد على الطاقة الشمسية أو الرياح. ومن الواجب إيضاحه أن 30 بلداً حول العالم تستخدم طاقة نووية آمنة وصديقة للبيئة لتوليد الطاقة الكهربائية، كما وأنه هناك 443 محطة طاقة نووية تنتج 14% من الطاقة الكهربائية في العالم ويتم حالياً العمل على إنشاء 65 مفاعلاً نووياً جديداً، 16 منها في قارة آسيا، كما ويجري التخطيط لإنشاء 400 مفاعل جديد اثنان منها في منطقة الخليج ومن المتوقع أن يكون في السعودية والإمارات. ومن أهم فوائد الطاقة النووية أن كمية الوقود النووي المطلوبة لتوليد كمية كبيرة من الطاقة الكهربائية هي أقل بكثير من كمية الفحم أو البترول اللازم لتوليد نفس الكمية من الطاقة، وأن محطات الطاقة النووية التي تعمل بشكل جيد تنتج أقل كمية من النفايات بالمقارنة مع أي طريقة أخرى لتوليد الطاقة فهي لا تطلق الغازات والانبعاثات التي تسبب الاحتباس الحراري، وأن مصدر وقود اليورانيوم متوفر بكثرة وبكثافة عالية وهو سهل الاستخراج والنقل مقارنة بمحدودية مصادر الفحم والبترول ومن الممكن أن يزيد من عمر المحطات النووية لفترات طويلة عند قصور مصادر البترول عن تلبية حاجات المجتمع. * عضو جمعية الاقتصاد السعودية