لا أستطيع اختصاره أو اختزاله في هذه الزاوية، هل أختصر الإنسان فيه..! أم ال 40 عاماً التي قضاها كسندباد يجول في عالم الأدب، هنا قليل من كثير القاص والروائي والشاعر المصري "سمير الفيل" هل أسمية مايسترو القصة أم صوت كمان الرواية؟ عرّاب الخيال أم مرهف الحس وعميق التحليل, يكتب القصة في هامش لا يتوقعه القارئ, يطرق المشكلة ويترك لأبطاله معالجة قضاياهم ومشاكلهم, تقرأه وكأنك جالس ترتشف الشاي في أحد المقاهي المتناثر في شوارع مدن وقرى مصر العظيمة والتي تعج بألوان البشر وأنت ترقب المارة الغارق بعضهم بالبؤس والآخر غارق بقليل من الفرح, تغيب مع سطوره التي يرسمها كفيلسوف أعياه البحث عن الحقيقة الغائبة, وبكل تجلياته ورؤاه, وأحساسه الغارق بتفاصيل الإنسان العادي يحمل هم الوطن والوطنية والحب والانتماء, صُنف من كتُاب الحرب الذين شغلهم الهم الوطني, فتغيب مع سطوره وتفيق على حقيقة أنه كاتب لا يجيد الادعاء, ولكنه شاعري بلغته وإحساسه والتي قد يفاجئ من لا يعشق إلا قصصه أنه شاعر بالفعل حيث صدر له خمسة دواوين شعرية بالعامية, فهو يكتب القصة والرواية والشعر كما يفكر ويتحدث لأن كتاباته تحرضك على التفكير ومراجعة النفس, وتفحّص تفاصيل يومك بكل دقة, هو نبيه لتفاصيل الروح قبل الجسد, وكلما قرأت له تغيب وتصحو على أفق أوسع من محدودية الواقع ومرارته، في مجموعته القصصية التاسعة "هواء بحري" ينسف عبقري الكلمة ما تعارفنا عليه أن القصة مجرد حكايات، هي حياة جديرة بالتأمل والتعلم منها وحبها، يكتب بروح العارف والمقتنص لكل موقف بروح نقية صادقة، ومن منا لا يحب الروح المصرية..! هذه الروح التي بهمومها ومشاكلها وتفاصيلها الصغيرة ما هي إلا انعكاس لكل مشاكل المجتمع، فهو يقول: "أنا مهتم جداً بالبحث عن مفهوم الأشياء الكبيرة داخل الحياة، مهتم بالجهد البشري في الحياة". لذلك تجده في "هواء بحري" والتي من اسمها تتأكد أنك تتعامل مع شخصيات ساحلية منبسطة الروح متسامحة لها مشاكلها وكسوراتها ولها ذكاؤها في تجاوز عثرات الحياة، لفت نظري عناوين القصص داخل المجموعة وكأنها مواقف يومية تحصل لنا حيث الأولى "هواء بحري" والثانية "رأس البر" والثالثة "مخابئ" وكل عنوان ينثال منه عناوين قصص كلما قلت هذه جميلة فاجأك الأجمل منها أيضاً هناك قصص قصيرة في المجموعة تأتي لوحدها تخبرك عن حالها تحمل عناوين لافته تميّز الحياة المصرية وكأنك تتفرج على شريط سينمائي وأنت تقرأ, ماذا عساي أن أكتب عن هذا الثراء الحكائي واللغوي ولست هنا بمن يقيم سندباد الأدب كما أحب أن اسميه سمير الفيل ولكني أحببت أن أقدم لقرائي قاصاً وروائياً وشاعراً عربياً مبدعاً وملهماً لي.