ذكر الإمام ابن الجوي -رحمه الله- قصة وقعت لأعرابي في الحج, عندما قام هذا الأعرابي أمام الناس وهم يشربون من بئر زمزم فحسر عن ثوبه, وبال في البئر, فانهال عليه الحجاج بالضرب المبرح الذي كان سيفقده حياته, لولا أن خلصه الحراس من هؤلاء الحجيج, ثم ذهبوا به إلى والي مكة, فقال له: لما فعلت هذه الفعلة النكراء؟ فكان الرد الصادم من الأعرابي: فعلت هذا لكي يعرفني الناس وأكون موضع حديثهم. واليوم مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة تناقل المعلومات والأخبار, كثر أتباع الأعرابي الباحثون عن الشهرة, الذين لايهمم سوى أن يصبحوا مشاهير, بغض النظر عن الفعل صحيحاً كان أو خاطئاً, مخالفاً للأخلاق والآداب العامة, ولعل ما حدث في مدينة جدة الأسبوع الماضي يعد مثالاً واحداً, عندما قام فتى يبلغ من العمر 14 سنة, بالرقص على خط المشاة, أمام الإشارة المرورية, معرضاً حياته للخطر, ومخالفاً للآداب العامة؛ وذلك على حساب الشهرة. وللأسف الشديد, إن أمثال هؤلاء يحظى بمتابعة كبيرة من الناس على وسائل التواصل الاجتماعي, ويملك مئات الآلف من المتابعين, ولا يقتصر الأمر على هذا, بل ساهم بعض التجار وأصحاب المراكز التجارية في دعم هؤلاء مادياً؛بغرض الإعلان عن منتجاتهم. وأنا من هنا, لا أمانع أن يكون الشخص مشهوراً, فلكل شخص حريته وقراره, فالشهرة جميلة إذا كانت فيما يفيد المجتمع, ولكن لا تكون الشهرة على حساب الأخلاق والمبادىء وتشويه صورة المجتمع, وإلا كانت الشهرة عاراً على صاحبها.