مشكلة أن يكون الإنسان مصابا بهوس الشهرة ثم لا يملك المفاتيح الكافية للوصول إلى مبتغاه، فلا يتبقى له بعد ذلك سوى الانتقال للخطط البديلة التي تكون غالبا قصيرة وغبية وبلهاء أيضا والتي سيعرفه الناس بعدها، إلا أنهم سيدعون له بالشفاء العاجل بعد الانتهاء من ذكر اسمه! تبرز النسخة القديمة لذلك المرض في ذلك الأعرابي الذي لم يفلح أن يكون شيخا مفتيا ولا معلما للصبية ولا نحويا بارعا ولا طبيبا معالجا، فاختار أقصر الطرق، حين ذهب إلى مكة في موسم حجها الأعظم ثم وقف على بئر زمزم وانتظر حتى تجمع أكبر قدر من الناس ثم حسر عن ثيابه وبال في البئر! صحيح أن الحُجاج أمسكوه بعد ذلك وطبقوا عليه جميع العقوبات الجزائية المعروفة قبل أن يحملوه إلى الخليفة الذي سأله عما حمله على ذلك؟ فأجاب بدم بارد: أردت أن يذكرني الناس! والحق يقال إنه نال مبتغاه وتوارثت الأجيال قصته دون اسمه إلا أنه وبعد فراغهم من ذكره فإنهم ينهون الحكاية بقولهم «عليه لعنة الله»! اليوم تبرز نسخ عديدة جديدة وفريدة للنسخة الأقدم «مع فارق الشبه في الجرم طبعا» وإلا ما رأيكم بما فعله صديقان من سكان مدينة «سان فرانسيسكو» بولاية كاليفورنيا اللذان يتشابهان كثيرا في كمية القدرات العقلية المفقودة حين تم تسجيل اسميهما في موسوعة «جينيس» باب «الفاضين» وبإنجاز لا يمكن لغيرهما أن يحققه إلا إذا كان البطل القادم لا يملك أي مواصفة عقلية على الإطلاق! فقد حقق الشابان إنجازا يتمثل في «تسع ساعات ونصف من المصافحة دون كلل أو ملل»! وأترك لك عزيزي القارئ تخيل منظرهما وهما متصافحان من الثانية عشرة ظهرا حتى التاسعة مساء في أفضل تجسيد لمعنى البلاهة في التاريخ الحديث! المدهش أكثر أنه عند سؤال صاحبي الإنجاز الكبير عن السر في اختيار تلك الطريقة أجاب أحدهما بالإجابة النموذجية التالية «أعرف أننا لم نمنح الكثير للبشرية بهذا الإنجاز، ولكننا اخترنا الأرقام الأضعف في موسوعة «جينيس» حتى نحطمها، وكما ترى فأنا أزن 115 كيلوجراما بما معنى أنني لن أستطيع أن أحطم الرقم العالمي للركض لمسافة 100 م»! أما أنا فقد اقتنعت!