روى الإمام ابن الجوزي حادثة وقعت أثناء الحج في زمانه؛ إذ بينما الحجاج يطوفون بالكعبة ويغرفون الماء من بئر زمزم قام أعرابي فحسر عن ثوبه، ثم بال في البئر والناس ينظرون، فما كان من الحجاج إلا أن انهالوا عليه بالضرب حتى كاد يموت، وخلّصه الحرس منهم، وجاؤوا به إلى والي مكة، فقال له: قبّحك الله، لِمَ فعلت هذا؟ قال الأعرابي: حتى يعرفني الناس، ويقولوا: هذا فلان الذي بال في بئر زمزم!! الأعرابي حصل على مراده وبلغت شهرته كل مكان من خلال سوءته ، ولعل مما لاشك فيه أن طلب الشهرة والسعي خلف الأضواء نزعة يمتلكها غالب الناس إلا أنهم يتفاوتون في طريقة إشباع هذه الرغبة بحسب غاياتهم النفسية، فالرئيس والوزير قادته هذه الرغبة إلى العمل والوصول إلى قمة الهرم القيادي في المجتمع، والطبيب والعالم والمخترع قادته هذه الغريزة إلى الإبداع وخدمة البشرية من خلال عقلة واكتشافاته ونظريته، والفيلسوف والأديب وغيرهم كثير. إلا أن هناك نوعية من البشر يعانون من غباء مفرط أو شذوذ مريع يقودهم إلى أعمال وتصرفات يتفق الجميع على سوئها وشناعتها ، ومن هؤلاء الشاب الذي ظهر في برنامج "أحمر بالخط العريض" على قناة LBC اللبنانية بطريقة مقززة يتحدث فيها عن مغامراته الجنسية بطريقة لا يمكن قبولها في أي مجتمع مسلم ناهيك عن أن يكون محافظا، فالحرية ليست في الاستهتار بمشاعر الناس عن طريق الخوض في أعراضهم، حيث ظهر الشاب وكأنة نموذج من نماذج شباب مدينة جدة الذين تشكل الغالبية منهم نماذج في الأخلاق والطيبة. صباح أمس طالعتنا صحيفة الرياض بخبر يقول (صدرت تعليمات من الجهات المعنية بتحويل الشاب الذي جاهر بالرذيلة على إحدى الفضائيات إلى هيئة التحقيق والادعاء العام ومساءلته عمّا صدر منه وبعد ذلك سيتم تحويله إلى المحكمة الجزئية بعد انتهاء هيئة التحقيق من إجراءاتها). وفي ظني أن هناك أكثر من دعوى يمكن أن ترفع على الشاب بعيدا عن الادعاء لأنه ذكر أشياء كثيرة يمكن أن تكون خطيرة إذا ما قورنت بقضية برجس ونفق النهضة، لأنها اشتملت على اعترافات مسجلة يمكن أن يأخذ بها القضاء كدلائل. الشاب وغيره من الشباب المتهورين يمكن أن يجدوا الشهرة في غير أعراض المسلمين وبناتهم، وليست القضية الكبرى في كون هذا الشاب مارس الرذيلة أو وقع فيها لكن القضية هي أنه يرى أن ممارسته لهذا الأمر مغامرة واستكشاف يجب أن لا يتوقف وهواية يمارسها كل يوم؟! قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" والذي نفسي بيده لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل على المرأة فيفترشها في الطريق، فيكون خيارهم يومئذ من يقول: لو واريتها خلف هذا الحائط " حديث صححه الألباني. واليوم نقول إن الرجل تجاوز الطريق الذي يمر منه العشرات إلى قنوات يشاهدها الملايين! ولست أطالب بمجتمع مثالي لا يخطئ ولا بشاب ليس له صبوة! وإنما بالحد الأدنى من الحياء البشري الذي يواري فيه الإنسان سوءته عن أقرب الناس إليه والديه وإخوته! ، أما أن تكون الشهرة على حساب قيم وثقافة مجتمع بأكمله فهو ما لا يمكن قبوله والسكوت عليه، وإذا سقط الحق العام فثمة حقوق خاصة ستخرج ابتداء من جيرانه!؟ الذين زعم أنه مارس الجنس مع محارمهم! إلى المجتمع القريب منه. هذه القضية تعيدنا إلى دوامة نفق النهضة وقضية برجس لكنها اليوم بشكل أسوء وأشنع في قضية شاب جدة على طريقة البول في زمزم .