يُعد مرض "الأنيميا المنجلية" أحد أنواع فقر الدم الوراثي الذي ينتقل من الأبوين إلى الأبناء، ويحدث ذلك بسبب خلل وراثي في كرات الدم الحمراء ينتج عن ذلك تغير شكلها من الدائري إلى الشكل المنجلي، وهو ما يؤدي إلى بروز أعراض مؤلمة مثل فقر الدم وشحوب الجسم وصفار العينين، وكذلك أزمات الصدر وجلطة الرئة وجلطة المخ، إضافةً إلى وجود إعاقات اجتماعية يسببها المرض ويكون لها تأثير نفسي سيء كالتنويم المستمر بالمستشفى، وهو ما يتطلب رعاية خاصة من قبل فريق طبي متخصص داخل المستشفيات؛ نظراً لحالة المريض النفسية القابلة للإنهيار، كذلك لا بد من الدعم الاجتماعي والنفسي من المجتمع للمرضى. تأخر الاستقبال وقال خالد مدخلي -سكرتير مدير إدارة التواصل في المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة نجران-: زوجتي مريضة بفقر الدم المسمى الأنيميا المنجلية، ولقد راجعت بها عدة مستشفيات على مستوى المملكة على أمل تخفيف معاناتها، مضيفاً: فوجئت بأن الأطباء يتأخرون باستقبال حالتها، وأفادوني بقولهم: اذهب إلى مدينة الرياض وأعلمنا بعلاج محدد ونحن سنقوم بتوفيرة، وقمت فعلاً بمراسلة وزير الصحة عبر برامج التواصل الاجتماعي وشرحت له مشاكل المرضى الذين يعانون من مرض الأنيميا المنجلية، وقمت أيضاً بمراسلة مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة نجران وأخبرته عن معاناة مرضى الأنيميا المنجلية وقد باشر بالوقوف بجانبي شخصياً، إضافةً إلى أنني قمت بمقابلته بمكتبه وقد أحال الموضوع للمختصين وذهبت للمستشفى واستقبلني مساعد المدير د. محمد المصعبي واستمع لي وبعد ما تحدثنا في هذا الاجتماع تقرر أن يتم صرف بطاقات أولوية لجميع مرضى الأنيميا المنجلية لتسهيل مهمتهم بالطوارئ وأقسام التنويم على أن يتم التعميم على الطاقم الطبي وكذلك الممرضات بشكل خاص على التعامل الراقي وعدم اهمالهم، مع اعطاءهم علاجاتهم وهي المسكنات التي تخفف عنهم آلامهم، إلى جانب تغيير الدم لمن يتطلب حالته ذلك. 16 مريضاً وأوضح مدخلي: أنه أحصى عدد المرضى بهذا المرض فكان عددهم (16) مريضاً بمنطقة نجران يعانون فقط من هذا المرض، فهل يعجز أي مستشفى عن علاج هؤلاء واعطاءهم فقط العناية والاحترام كونهم مرضى يأتيهم الموت في اليوم مرات كثيرة، مضيفاً: كلمة ابعثها إلى كل من ينعت هؤلاء المرضى بمدمني المسكنات، هل جربت ألماً يجعلك كسيراً كطفل لتو يتعلم المشي يقف تارة ويتعثر تارة أخرى؟، هل عشت ألماً وأنت شاب يجعلك كمسن جار الزمان عليك ولا تستطيع المشي دون عكاز تتكئ عليه؟، وربما تحتاج يداً تكون لك نوراً تعينك على سير دربك دون السقوط. معاناة مستمرة وذكرت رنيم محمد أحمد -29 عاماً- أنها تعاني من مرض فقر الدم -الأنيميا المنجلية- منذ طفولتها وتتألم من صغرها وتعاني نفسياً بسبب نقص الاهتمام من المستشفى، بل ولا تجد شيئاً سوى الضغوط النفسية من قبل الطاقم الطبي، كذلك لا تجد علاجاتها إلاّ بعد بكاء وشقاء. وأشارت ريمة محمد حسن دغريري -29 عاماً- إلى أنه منذ طفولتها لم تجد لعبة بيدها تلعب بها، فقط وجدت إبرة ومغذي، مضيفةً: تعبت نفسياً من جبروت بعض الأطباء!. وقالت صالحة مجرشي -34 عاماً-: أعاني من مرض فقر الدم -الإنيميا المنجلية- منذ مرحلة مبكرة من عمري سواء بنقص الدم وتكسره بشكل دائم أو بنوبات الألم التي تأتيني بأسباب كثيرة ومنها العمل بالبيت أو رعاية أطفالي، مضيفةً: يؤكد الطاقم الطبي وكذلك ممرضات المستشفى أنني مدمنة للمسكنات، مبينةً أنها تشعر بخوف شديد من الموت ليس اعتراضاً على مشيئة الله ولكن على إهمالها من قبل المستشفى. وأوضحت مريم عواجي -30 عاماً- أنها تشعر بألم شديد في المفاصل بشكل مؤلم وتتعب منها بشكل دائم فتحضر للطوارئ وترغب بالتنويم من شدة الألم، إلاّ أنها تشاهد تعاملاً سلبياً جداً، متسائلةً: لماذا لا نحصل على أولوية بالعلاج؟، نحن نحصل على مكافأة قدرها (800) ريال من قبل الشؤون الاجتماعية، ونعتبر من ذوي الاحتياجات ولا نحصل على كرسي متحرك يساعدنا للوصول إلى سرير أبيض بالطوارئ بشكل عاجل!. تحمل الألم وتحدثت عائشة مدخلي -37 عاماً- قائلةً: تخرجت ولم أستطع التعيين إلاّ بعد مدة طويلة، ولم تستطع الوقوف بالمدرسة كونها مريضة والوقوف كثيراً يسبب لها الدوّار، مضيفةً: لم تقصر إدارتي معي فجعلوني إدارية أقوم بالعمل وأتغيب أحياناً، مبينةً أن والدها صار في الآونة الأخيرة قاسٍ جداً ولم يتجاوب معها، مؤكدةً على أنها تعاني من المشي على العكاز كون مفصلها صار فيه هشاشة بسبب مرض الأنيميا المنجلية. وأوضح علي دوكل -26 عاماً- أنه يذهب كل يوم مرتين إلى المستشفى من شدة الألم، متمنياً وجود قليل من الاهتمام من الطاقم الطبي، مضيفاً: نعاني نحن مرضى الأنيميا، ونريد أن نعيش بأمان. وأشار مشعل مجرشي -19 عاماً- إلى معاناته قائلاً: أتحمل الألم أحياناً ولكن وقت النوبات أبكي ولا أجعل أحد يرى دمعتي لأنني حرمت من اللعب مع الأطفال، أحاول أن أعيش حياتي بشكل طبيعي لكن المرض أرهقني. خلل وراثي وقال د. زكريا الهوساوي -استشاري أمراض الدم والأورام بكلية الطب جامعة طيبة بالمدينةالمنورة-: الأنيميا المنجلية هي أحد أنواع فقر الدم الوراثي الذي ينتقل من الأبوين إلى الأبناء ويحدث ذلك بسبب خلل وراثي في كرات الدم الحمراء ينتج عن ذلك تغير شكل الكرات من الشكل الدائري إلى المنجلي، ومن أسباب انتشار هذا المرض زواج الأقارب، وينتشر هذا المرض في بعض مناطق المملكة مثل المنطقة الشرقية والجنوبية عسيرجيزانونجران وكذلك منطقة المدينةالمنورة وينتج عن ذلك تكسر كريات الدم الحمراء، مضيفاً أن أعراض المرض مؤلمة للمريض، مثل فقر الدم وشحوب الجسم وصفار العينين وأزمات الصدر وجلطة الرئة وجلطة المخ وتكون الحصوات في المرارة، وتكون هناك أثار جانبية للمرض كما يسبب إعاقات مختلفة بسبب جلطات المخ كشلل في الأطراف والإعاقة الذهنية بسبب فقر الدم المزمن، مبيناً أن هناك إعاقات اجتماعية يسببها المرض ويكون لها تأثير نفسي سيئ كالتنويم المستمر بالمستشفى وهذه يؤدي إلى الانقطاع المتكرر للمدرسة وضعف التحصيل العلمي وعدم القدرة على تكملة التعليم، وكذلك قلة فرص التوظيف بسبب الإعاقة وضعف التأهيل العلمي، وينتج عن ذلك أثار نفسية مثل الاكتئاب والقلق والتدهور النفسي العام. رعاية خاصة وأوضح د. الهوساوي: أنه ليس هناك علاج لهذا المرض الوراثي، لكن هناك بعض الأدوية المسكنة للآلام، وأيضاً هناك علاج يسمى الهيدروكسي يساعد على تخفيف الأزمات والمضاعفات المتكررة، إضافةً إلى الوقاية من أزمة الألم بالإكثار من شرب السوائل خاصةً في الصيف وتجنب التعرض للبرد الشديد، مضيفاً: أن الوقاية من هذا المرض من خلال برنامج الفحص قبل الزواج للمقبلين على الزواج والتأكد من عدم زواج الحاملين للصفة الوراثية، وأيضاً تجنب زواج الأقارب للأسر التي ينتشر بينهم هذا المرض، وهؤلاء المرضى يحتاجون إلى رعاية خاصة من قبل فريق طبي متخصص في أمراض الدم، ونظراً لحالة المريض النفسية القابلة للانهيار يجب معاملته معاملة جيدة وكذلك أهمية الدعم الاجتماعي والنفسي من المجتمع للمرضى من خلال مؤسسات المجتمع المدني من الجمعيات التطوعية، لافتاً إلى أن هناك حقوقاً للمرضى تكفل لهم المعاملة الكريمة إلى جانب الدعم النفسي والاجتماعي في مراعاة حالتهم النفسية. فحوصات ما قبل الزواج إحدى أهم الخطوات للحد من انتشار المرض يحتاج مريض الأنيميا المنجلية إلى عناية خاصة