وصلتني الرسالة الحزينة من نجل الفقيد العزيز أحمد، فتذكرت حديث الوالد عن الفقيد: "محمد العجيان أجمل ذكريات المهنة، نعمل بروح الفريق، زملاء وأصدقاء ما امتد بِنَا العمر".. بهذه الكلمات وصف الوالد الأستاذ محمد العجيان رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته. تولى المرحوم أدارة صحيفة "الرياض" بين العام 71 حتى العام 74 ميلادياً، وبعد ذلك طلبت منه إدارة المؤسسة تولي تطوير مجلة اليمامة، ولمكانته الصحفية أُختير لتولى رئاسة تحرير صحيفة اليوم، وأظنه أول روساء تحريرها عام 76 ميلادياً، وهذا إن دل على شيء فعلى مهنيته، لست أنا من يقيم أستأذاً كبيراً مثله، لكن المخضرم دَاوُدَ الشريان كان شاهداً على تلك المرحلة وهو قامة صحفية يستشهد به، فقد ذكره بهذا الوصف "محمد العجيان بدّد خيبة أملي بالوصول إلى صحافة سعودية تحتفي بالنص الموضوعي. كان صحافياً يكتب الجملة القصيرة، ويحترم معايير الخبر. لم يكن في جيله، ولا من سبقه، من يكتب لغة الصحافة الحديثة مثله. محمد العجيان أول من نقل النص الصحافي من الجملة الأدبية إلى الخبرية،وأفسح المجال للنص الموضوعي،والجملة القصيرة، والمباشرة؛وهو الأب الروحي للصحافة السعودية الحديثة من دون مبالغ". اقتبست هذا النص من مقال الأستاذ دَاوُدَ بعنوان (العجيان وحريق مصفاة النفط)، والمقال ممتع لكل من يقرأه كعادة زاوية الأستاذ دَاوُدَ. بعد ذلك بسنوات عاد المرحوم لمدينة الرياض، وكانت فرصة لمؤسسة اليمامة أن تطلب منه أن يكون عضواً في مجلس إدارتها للاستفادة من خبرته التحررية والصحفية لتعزيز القرارات الاستراتجية للمؤسسة، حيث كانت المؤسسة تحرص أن يضم مجلس الإدارة أصحاب الخبرات التحريرية والإدارية، وعلى سبيل المثال وليس الحصر المرحوم عبدالله القرعاوي -رحمه الله- والذي كان مديراً عاماً للمؤسسة، ولم يكن يرغب العودة من أجل الاستمتاع بتقاعده وحياته، وكذلك الشيخ محمد الهوشان وغيرهم، لكن المؤسسة كانت تطلب منهم ذلك بفضل قيمة خبرتهم، وهنا عاد الفقيد لبيته القديم بين أصدقائه وزملائه القدام في المؤسسة، ولكن للأسف بعد سنوات تعرض الفقيد لأزمة صحية أقعدته منزله وسط اهتمام زملائه به وحرصهم على زيارته والاستفادة من حديثه. رحل الفقيد والجميع يذكر فضله المهني ومعدنه النبيل وشخصيته الكريمة، وأتمنى أن يسمى شارع باسمه كذكرى لرجل يعد من رواد الصحافة السعودية الحديثة.. رحمه الله. أخيراً أحب أن أوضح بأني أنا لم أكتب هذا المقال.. بل هو تركي السديري الذي في داخلي.