لماذا ازدهرت السياحة في عسير بين العامين 1998 و 2005؟ السبب هو حجم الاستثمارات الكبيرة والذكية في تلك الفترة، تم تطوير منطقتي الحبلة والسودة بتلفريك معلق يربط جبال السراة بقرى سياحية في تهامة، وتم افتتاح فنادق خمس نجوم أهمها فندق قصر أبها بمدينة ترفيهية عصرية وفعاليات على مدار الصيف، هذه الاستثمارات استقطبت السياح من دول الخليج، اكتشاف عسير لم يكن قائما على السياحة الداخلية بل أراد الأمير خالد الفيصل أن يستقطب السائح الخليجي ليحفز سياح الداخل لاستكشاف عسير، منذ العام 2005 بقيت المنطقة هي هي بلا تطور أو مشروعات مثيرة للزيارة. الطقس البارد والمناظر الطبيعية والشاطئ النظيف لا تصنع سياحة، هناك 150 دولة حول العالم يوجد فيها طبيعة وجو بارد وشواطئ نظيفة، من جبال جورجيا إلى ربوع النمسا ومن قرى تركيا إلى شواطئ المغرب، السعودي يذهب إلى هذه الدول لأنه يجد خصوصيته محفوظة عبر اختلاطه بالسياح من جميع الأجناس، فيعيش لأسابيع على طبيعته وهذا ما يفتقده في الداخل. أكبر مشكلة للسياحة الداخلية أنها سياحة داخلية، فالسعودي حين كان يذهب إلى عسير كان يرى السائح الخليجي، وحين توقف هذا الأخير عن زيارة المنطقة اندثرت السياحة هناك إلا من سكانها الأصليين. في ديسمبر 2014 أُقر نظام وافق عليه مجلس الوزراء لمنح تأشيرات سياحية للراغبين في دخول السعودية لهذا الغرض، على أن تصدر الهيئة العامة للسياحة والتراث تأشيرات سياحية مطلع رمضان 2015. اليوم وبعد أكثر من عامين بلغ عدد التأشيرات السياحية صفرا. نعم هناك نية طيبة لكن الرقم حتى اليوم صفر مربع، ازدهار السياحة الداخلية يكون بفتح الباب للسياح من خارج السعودية. هناك مسألة مزمنة وهي قلة شركات الطيران المحلي، هيئة الطيران المدني نشرت تقريرا عن حركة السفر من وداخل السعودية خلال النصف الأول من العام 2017، 11 مليون شخص سافروا داخل السعودية بينما 11 مليونا آخرين سافروا إلى خارجها إلى وجهات مجاورة بالترتيب هي القاهرة ثم دبي وإسطنبول والدوحة وأبوظبي. الزميل عبدالله الشهراني كتب مقالا بعنوان "الطيران الاقتصادي والسياحة الداخلية" يفترض فيه أن مواطن القصيم على سبيل المثال لديه خيار السفر للسياحة إما إلى الشارقة في رحلة مباشرة وبتكلفة 933 ريالا أو إلى أبها في رحلة غير مباشرة ب 1420 ريالا، بينما مواطن ينبع فلديه خيار السفر إلى القاهرة في رحلة مباشرة بتكلفة 914 ريالا أو إلى أبها في رحلة غير مباشرة ب 772 ريالا. بمعنى أن سكان المدن الصغيرة في السعودية لديهم خيارات أرخص ومباشرة للسفر لدول مجاورة بينما يعاني من خيار السفر الداخلي الأغلى وغير المباشر، هناك سياسة لدى هيئة الطيران بترقية المطارات المحلية لتصبح دولية أو إقليمية وهذا ما حدث في 11 مطارا محليا، بحيث تسهل السفر للخارج وليس للداخل. في العام 2016 ذهب مراسل صحيفة نيويورك تايمز إلى جزيرة فرسان، سكن في أفضل فندق هناك (فندق نجمتين)، ومع غروب شمس اليوم الأول انتهت الحياة في الجزيرة، اضطر صاحبنا للنوم باكراً تلك الليلة، وفي الصباح ارتدى ملابس الشاطئ وكله حماسة، حين وصل إلى الشاطئ اكتشف الحقيقة، أنه السائح الوحيد هناك... هل آن لنا أن نفكر بالسياحة كمصدر دخل أساسي عبر فتح الباب للسياح من الخارج؟