لم تعد خطوات قطر اليوم مبهمة وغير معروفة الاتجاه، بل أصبحت مكشوفة للعلن وإن لم تعلن الحكومة القطرية عن حقيقة تحركاتها، فصفقة البرازيلي نيمار دا سيلفا سانتوس والتي كلفت خزائن قطر مبالغ تفوق ربع مليار يورو، هي خطوة قطرية لها أهداف أبعد بكثير من الجوانب الرياضية وقد أجمع عدد كبير من وسائل الإعلام العالمي على ذلك، فقد كتبت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية :" إن قطر المعزولة بسبب دعمها للإرهاب تبعث من خلال التوقيع مع نيمار رسالة مباشرة للمستثمرين والحلفاء الأجانب أنها لم تتأثر بالمقاطعة والإجراءات الصارمة التي اتخذتها الدول الداعمة والمساندة لمكافحة الإرهاب ضدها منذ أشهر، ولذلك فإن قطر تبحث عن أي وسيلة لإنكار ما حاق بها من أضرار جراء هذه المقاطعة بسبب سياساتها المتصلة بالإرهاب ودعمه" ونقلت الصحيفة عن كريستوفر دافيدسون المحاضر في جامعة درم البريطانية قوله :" من خلال إنفاق الأموال الطائلة على هذه الصفقة فإن القطريين يحاولون تسجيل هدفٍ بالمعنى الحرفي للكلمة ، فنيمار اليوم بات استثماراً بالنسبة لقطر ولم يعد لاعب كرة قدم وهذا يدخل في تسليع البشر وتوظيفهم لتحقيق مآرب وأهداف تتجه إليها حكومة قطر والتي أرادت من خلال الصفقة أن تبرهن للعالم أن لديها الكثير من الأموال وقدراً كبيراً من السيولة ليظل الآخرون يأخذون هذه الدولة على محمل الجد" وقالت الصحيفة الأميركية في محاولة منها لربط الأحداث ببعضها:" إن شراء نجم برشلونة بهذا المبلغ الفلكي والخيالي له ارتباط بحملة العلاقات العامة التي تشنها الدوحة على الصعيد الدولي في محاولة منها لغسل يديها مما تورطت فيه من دعم للتنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة ولم تكن هذه الخطوة الأولى لها في استغلال الرياضة بل سبق وأن استغلت نجوماً كرويين عالميين لتحقيق مثل هذه المآرب فقد استضافت ثلاثي برشلونة جيرارد بيكيه وجوردي ألبا وسيرخيو بوسكيتس ونظمت لهم زيارة إلى الدوحة ثم منحتهم قميصاً يحمل صورة تميم بن حمد أمير قطر ليبرزوها في الصور التي التقطت لهم " وواصلت صحيفة "واشنطن بوست" استعراض البطولات التي استضافتها الإمارة المعزولة مؤكدةً على أن الاستضافة كانت لأهداف بعيدة عن الشأن الرياضي وقالت:" من بين هذه البطولات كانت دورة الألعاب الآسيوية عام 2006 وكأس الأمم الآسيوية لكرة القدم عام 2011 بجانب تنظيم بطولات تنس وجولف وسباقات للدراجات النارية بشكل سنوي ، ويبقى استضافة مونديال 2022 هو الأمر الأكثر إثارة للجدل في ظل الدعاوى التي تحاصر الدوحة بتورطها بالفساد للفوز بشرف الاستضافة" ، صحيفة "دي بريسه" النمساوية انضمت لقائمة المؤكدين على أن كسر عقد البرازيلي نيمار مع برشلونة لم يكن شأناً رياضياً وكتبت تحت عنوان : "نيمار جاءت به قطر لأهداف سياسية" تقريراً قالت فيه:" لم تكن الصفقة لتتم لولا الأزمة الأخيرة التي تواجهها قطر مع الدول الخليجية والعربية على خلفية تورطها بدعم الإرهاب وتمويله فقد اختارت أن تدفع ملايين طائلة لجهات عدة مقابل إتمام هذه الصفقة لتكون سبباً في صرف الأنظار عنها وعن تورطها بدعم الإرهاب " وتضيف الصحفية النمساوية :" رغم أن البرازيلي الشاب ارتدى قميص باريس سان جيرمان لكنه في الحقيقة بات يلعب اليوم لصالح قطر فالصفقة لم تقتصر على الجانب الرياضي وحسب بل تتعداه لجوانب أخرى لاسيما وأن النادي الفرنسي تملكه الحكومة القطرية " وتؤكد الصحيفة في ختام تقريرها أن الصفقة كلفت خزانة قطر قرابة 300 مليون يورو. وتؤكد صحيفة "تيلغراف" البريطانية أن صفقة نيمار ليست رياضية وتقول:" إن قطر تحتاج لتجميل صورتها بأي ثمن في الفترة الحرجة الحالية ففي وقت كانت شركة قطر للاستثمار التي تمتلك النادي الفرنسي تسعى لإتمام صفقة البرازيلي نيمار كانت قطر لدى منظمة التجارة العالمية تشكو بشأن المقاطعة التجارية التي جرت خسائر على الاقتصاد القطري وفق مضمون شكواها ، وفي الوقت الذي تقلصت فيه الواردات القطرية بنسبة 40% بسبب مقاطعة الدول المجاورة لها سعت الدوحة بكل قوتها لإتمام صفقة رياضية تفوق 222 مليون يورو، لتسجل أول صفقة انتقال سياسي في تاريخ انتقالات اللاعبين في العالم " وتضيف الصحيفة البريطانية عن السبب الذي لا يجعل صفقة نيمار رياضية قائلةً :" بالطبع ، لا يمكننا وصف هذه الصفقة بأنها رياضية لأن المنطق يشير إلى بحث البرازيلي الشاب عن مزيد من التحدي في كرة القدم ليستمر في صعود وتحقيق المجد الكروي وهو ما يبحث عنه أغلب اللاعبين، ولكن ذلك معاكس لما حدث على أرض الواقع فإنه انتقل في صفقة تحمل الصبغة الصينية لكنها داخل أوروبا وهو ما يؤكد على أن الصفقة سياسية ومالية وليس لها شأن في كرة القدم إطلاقاً " وعن السبب الذي جعل الدوحة تختار فرنسا تحديداً لتستثمر أموالها هناك تتساءل الصحيفة واسعة الانتشار: "لماذا لم تستثمر الدوحة أموالها في أسبانيا وإنجلترا وإيطاليا ، لماذا كان الاختيار فرنسا فقط ؟ والإجابة عن ذلك لا يحتاج مزيد جهد لأن التحول هنا كان في عملية حصول الدوحة على استضافة مونديال 2022 وما دار في كواليس الاجتماع الشهير بين ميشيل بلاتيني ونيكولا ساركوزي" وصادقت الصحيفة البريطانية على أن الثروة القطرية عدوانية جداً وهو ما يتوافق مع رؤية الدول الأربع التي اتخذت قرار المقاطعة قبل نحو شهرين من الآن وقالت مختتمة تقريرها:" إصرار الدوحة على إتمام تلك الصفقة غير النظيفة هو تأكيد على صحة موقف السعودية والإمارات والبحرين ومصر فيما أعلنوه حول أن الثروة القطرية عدوانية جداً ويبرهن على الخلفية الجيوسياسية التي تسعى قطر اليائسة من خلالها لتحقيق أهمية لها على المدى الطويل" . موقع "بي بي سي" أكد على أن صفقة انتقال نيمار من أسبانيا إلى العاصمة الفرنسية هي سياسية بحته وقال: "تواجه قطر نزاعاً مريراً مع جيرانها من البلدان العربية لذا فإن صفقة تعاقدها مع البرازيلي نيمار لها مغزى سياسي واضح لأنها تسعى إلى إظهار أنها لم تتأثر بالمقاطعة التجارية ولا الظروف المحيطة بالمنطقة في الوقت الراهن، وباريس سان جيرمان يعد أحد الطرق التي يمكن للدوحة أن تحقق طموحاتها وأهدافها من خلاله بعد فوزها باستضافة مونديال 2022 ".