الشاعر الفحل عواد صالح البلوي شاعر فذ، وُلد قبيل توحيد المملكة عاش يتيما وتحمل مسؤولية أسرة في سن صغيرة جدا, حيث توفي والده وهو ابن الثانية عشرة, ليجد نفسه رغم صغر سنه معيلا لأسرة مكونة من والدته وأخوته السبعة, لكن عزيمته لم تجعله يستسلم للظروف الصعبة, رغم سوء الأحوال وانتشار الفقر وقلة فرص العمل, بل واجهها بقوة إرادة وصلابة, ساعدت في صقل شخصيته والنضوج المبكر, فعمل في الاحتطاب ليعول أسرته من مردودها الذي بالكاد يطعمهم, ونستدل من أبياته التالية التي قالها وهو ابن الثانية عشرة يبرر السبب الذي أجبره عليها, وهو سد حاجة أسرته الذي أصبح مسؤ ولا عنهم فيقول: زمان سنين وحنا نجمع اليابس من العيدان نبيع بضاعة ما تستر يا محمد وجه راعيها ولا وعيني اللي عقْتها في شوكة الغصنان يعالجها الطبيب ولا ينفع ذر الدوى فيها ولا وعيني اللي يا محمد ذكرها عدمان ولا وشيب قلبي من هقاويها وطاريها أبيات عبرت عن شعوره بالقهر, لعدم مقدرته على القيام بعادة العرب و أعظم شيمهم, وهو إكرام الضيوف التي تضمنها البيت الثالث. اشتهر شاعرنا عواد زوغان بحفر الآبار في واحة (أبا القزاز) الشهيرة بغابات الدوم, ويظهر اهتمامه بزراعة النخيل حتى قيل أن السيد عواد زوغان وهي شهرة شاعرنا, أنه من حفر أكثر آبار واحة أبا القزاز وقد قال في ذلك بيت شعر ضمن قصيدة وهو: يا بير يا اللي حفرتك بين سدٍ وسحير بالفرعة الي عسيراتٍ مداريجها ويظهر في البيت السابق مدى الخبرة التي تمتع بها الشاعر عواد, بقدرته على حفر الآبار والتي اكتسبها من إقامته في واحة ظليلة ومشهورة بغابات الدوم كواحة أبا القزاز. عرف باستقامته وحبه لمساعدة الآخرين, فيما يعود عليهم بالخير فهذا الشاعر حمدان الوابصي يشكره على الحفر رغم صلابة الأرض وصعوبة الحفر فقال له: يعيش اللي حفر بيره بروس مشمرخ الضلعان لحق جمّه وشاف الماء وحال السد من دونه ويقصد الشاعر بالسد في البيت السابق أي الجبل وهي دلالة على صعوبة الحفر وتجدر الإشارة هنا بأن منطقة أبا القزاز منطقة جبلية. كان شاعرا محبا للطبيعة الخلابة وسحرها, فقد حبا الله منطقة الوجه ووديانها وواحاتها جمالا في طبيعتها يأخذ اللب, نرى أثره في ما تركه الشعراء في الشعر والقصص وفي آثار المكان التي ما زالت موجودة كغابات الدوم, يقول الشاعر عواد زوغان: وانا مما بقلبي صرت مثل ملعب السلقان احوبي من كثير الطرد بالخليان تعباني ولا يا مل عين كل ما شافت لها غزلان تمر مع الرواة وتختلف في فرق الاسناني وانا أشوف الثريا والحمير والتويبع بان اليا غاب الرقيب إيبين نجم سهيل وحداني ألم بشاعرنا مرض ظل يعالج منه مدة من الزمن وعندما شعر بدنو أجله ألقى هذه الأبيات على مسمع من كان حاضرا للاطمئنان عليه فقال: ساعة تعيضك عن ثلاثين ساعة وجبة بها كل الدوا و التعاليل وكلت نفسي مع وكيل الوداعة عن الزلازل والمحن والغرابيل واقفيت عن وادي تعاوى سباعه واقفيت عن خضرا الودايا المجاهيل وله أيضا : الله اليا راد لك يا خليف قادر وبصير يجعلك من وين ما وجهت مقدي بها يا خليف مالك عن المقسوم لونك تطير لو تختلق طير والجنحان تومي بها. كان شاعرا محبوبا, وكانت له مكانة عند حضوره المناسبات حيث يذكر من عاش في تلك الحقبة أنه الشاعر المشهور في ساحات شعر القلطة, وملاعب فن الرفيحي, توفي شاعرنا بعد معاناة من المرض في عام 1390ه. عن عمر يناهز الخامسة والستين ودفن بقرية (الكر) التي تبعد عن أبا القزاز مسقط رأسه بحوالي20 كيلومتر. عواد صالح البلوي ( زوغان)