يقول مشعان الهتيمي تفلهم قافٍ نهض بين الضلوع المغاليق(1) قافٍ حلا من در عفراً ترزم لا رايعو لوليدها بالتفاهيق(2) لا روحة من خايعٍ فيه خمخم ومخالطٍ نبت الشقارا زماليق(3) في صاحبٍ من دونه الطير حايم دونه سراب القيض جاله تباريق(4) ريقه حلا من در بكرٍ ترزم ولا محاقن سكرٍ في صناديق(5) ليته سقاني من شقاياه يا عم من مبسمٍ ما اشوفه الا تراميق(6) من مبسمٍ زاهيه لبس الزميم عليه من فوق الزميم عشاريق(7) ابو ثليلٍ ٍ ياصلن المحزم يشرب به العطشان من ما ابريريق(8) لا جت انا وصويحبي بنتلايم بيني وبينه نيهو بالتفاريق(9) غدوا به اللي جعلهم للثلايم وقفوا مع الديان بذويبل الريق(10) ياعم انا بشكي عليك الهضايم انتم ذبحتوني على غير تحقيق(11) خلي طواني طية الثوب ابو كم وأنا طويته مثل بير المرازيق(12) طواني طي ثياب قزٍ اتخدم اللي تخيط بالسلوك الملابيق(13) ترحلوا يبغون تين ويبا يم يم الغروس اللي ثمرهن مداليق(14) عساه يزي دارهم يوم نلتم يزي وطن اهل القلوب المشافيق(15) من دونهم ما يتعب الذيب الاسحم خدٍ بعيدٍ للمها به طواريق(16) ما ياصله يا كود هجنٍ تدرهم شيب المحاقب زاهيات المعاليق(17) الله على اللي لا عدا بي اينسم يشدي غزال ٍ طاردينه سلاليق(18) وانهب عشيري في دجى الليل الاظلم واطفي لهب نارٍ صلت للمعاليق(19) وازبن بها ضلعٍ منيعٍ اململم حيدٍ طويل ولا بخده طواريق(20) مني على المختار اصلي واسلم ما ناح ورقٍ بالغصون المواريق(21) الشاعر: هو مشعان الهتيمي من شعراء القرن الثالث عشر الهجري ولم يدون له سوى قصيدتين هذه إحداهما. دراسة النص: ورد في عدد من المصادر وهنا اعتمدت على ما جاء في مخطوط الربيعي وهو أقدم المصادر في إيرادها وتتشابه مع قصيدة للشاعر مخلد بن شايد القثامي وهو أيضا من شعراء القرن الثالث عشر ومطلع الرابع عشر الهجري وقد أثير على صفحة خزامى نقاش بين الأستاذ موسم القثامي والأستاذ فالح الشراخ واختلفوا حول أي الشاعرين صاحب هذا البيت: خلي طواني طية الثوب ابو كم وأنا طويته مثل بير المرازيق فكان استدلالهم بمصادر تورده مرة لمخلد وأخرى لمشعان وليتها توقفت عند هذا الحد بل وصل الأمر إلى أبيات أخرى نتيجة تشابه النصين في القافية والبحر والغرض الشعري،والتشابه بين قصائد الشعراء ظاهرة شائعة منذ القدم وقد يكون للصدفة دور في ذلك وأحياناً يكون نتيجة التأثر كشاعر تعجبه قصيدة شاعر آخر فيجاريها بقصيدة على نفس البحر والقافية بل أن البعض يرى ذلك نوعاً من التحدي لإثبات مقدرته الشعرية وانه سيأتي بأفضل مما أتى به الشاعر الآخر هكذا..ومع تقادم الزمن يختلط الأمر على الرواة فيدخلون أبياتاً من قصيدة هذا الشاعر على أبياتاً من قصيدة الشاعر الآخر فيتم تدوينها بهذا الخطأ بل قد يكون الرواي لم يسمع بالشاعر الآخر وعندما يسمعها بروايات مختلفة يعتقد أنها لنفس الشاعر وهكذا حتى نخرج في بعض الأحيان بقصيدة ثالثة هجين بين القصيدتين هذا إذا لم تحصل أيضا زيادات من بعض الرواة،وطالما لا توجد وثيقة يستند عليها في الإثبات فكافة الاحتمالات واردة ومن الصعوبة بمكان التفريق بينهما خاصة إذا كان المستوى الشعري بين الشاعرين متقارب ،ولكن هناك أدوات يمكن للفاحص استخدامها للتفريق بين النصين كوضوح فكرة النص وترابط المعنى في سياق واحد وعدم اختلاف لغة الخطاب وغيره..وسنطبق ذلك على النص الذي بين يدينا فنلاحظ أن الشاعر بدأ قصيدته مفتخراً بمقدرته الشعرية وانه نظم أبياتا في حبيبته التي هي في مكان بعيد ويحول من دونها السراب ثم يتمنى انه حظي منها بقبلة شاكياً ذلك على عمه ثم يستمر بوصفها وان شعرها طويل بل يمكن أن تصبح حبالاً يتدلى بها العطشان ويشرب من ماء (بئر بريريق) ثم يقول انه كلما أراد أن يجتمع بها افترق القوم وارتحلوا لينتقل الشاعر في لغة خطابه في الحديث عنهم(كجمع) وإنهم قد ذهبوا بحبيبته إلى الصحراء البعيدة وهنا نتوقف في البيت العاشر،إلا أن البيت الحادي عشر عاد فيه الشاعر وخاطب عمه(كمفرد) ثم جاء البيت الذي يليه (الثاني عشر) ،في البيت محل الخلاف ،متحدثاً عن حبيته(خلي طواني..)ثم في البيت (الثالث عشر)كرر المعنى ببيت ركيك( طواني طي ثياب قز اتخدم) وعاد بعد ان فصل (طي الملابس) في شطر البيت السابق بطي البئر في الشطر الثاني وهذا أسلوب لا يتبعه شاعر بمستوى مشعان الهتيمي،وإنما هو من زيادات الرواة،ثم نلاحظ في البيت الرابع عشر أنها تعود صيغة الخطاب للغائب الجمعي(ترحلوا يبغون..) ويستكمل فيها المعنى الذي توقف عنده في البيت العاشر مما يوحي بان الأبيات الثلاثة التي فصلت بينهما مدخلة ولا تربط بين السابق واللاحق ولو أنا قرأنا النص بدون هذه الأبيات الثلاثة والتي منها البيت محل الخلاف،لم نجد هذا الانقطاع في فكرة النص ولا في السياق المعنوي ولا لغة الخطاب الجمعي، كذلك نلاحظ البيت الخامس عشر(عساه يزي دارهم)فصل بين البيت الذي قبله وبعده ولا يربط بينهما في معنى بل التساؤل من هو الذي (يزي) وهو لاشك سيكون (السحاب أوالبرق)ولكن أين هذا البيت الذي يحمل هذا المعنى؟!إذا هذا البيت دخيل ويثبت ذلك البيت السادس عشر(من دونهم..)الذي يرتبط مباشرة بالبيت الرابع عشر،ثم يستمر الشاعر في الحديث عن قوم حبيبته ويتمنى راحلة سريعة ليختطف عليها حبيبته ويلتجئ إلى قمة احد الجبال المنيعة، وما عليك أخي القارئ إلا قراءة القصيدة بدون الأبيات الأربعة وستجد أنها بدأت وانتهت بسياق متسق ومعنى واضح ومترابط ولغة سلسة بعد أن حذفنا منها الزيادات. وبالتالي يثبت لنا أن هذه الأبيات ومنها البيت محل الخلاف هي مدخلة على النص.وما طبقناه هنا سنطبقه على قصيدة مخلد القثامي. قصيدة مخلد القثامي: يقول مخلد رد قافٍ محكم قافٍ يعجز بادعين الطواريق(1) يا الله يا مطلوب يا جالي الهم يا مبري السقمان يا جالي الضيق (2) يا الله من نوٍ مزونه تهشم برقه على الطارف سرا له تخافيق(3) اياسره وادي صفينه ورمرم وايامنه ضلعٍ يسمى صعافيق(4) يسقي قرارة نجد لين انتليم وتستر باللاما القلوب المحاريق(5) عهدي بخلي والعراجين تصرم يوم العباد يدورون التوافيق(6) جلست انا وياه فالليل الاظلم حتى ان نور الصبح جاله تراويق(7) أليا طلبته حاجةٍ قال لي تم في حال والا حال في صدرها ضيق(8) واليا هرج بالهرج دوب ايتعزم من بعد سده يسرق الهرج تسريق(9) من جوف صندوقٍ اضبابه املحم مابيحوه اهل السدود الخراميق(10) سيدي طواني طية الثوب أبو كم وانا طويته طي بير المرازيق(11) قالوا هيم قلت الهيم حاله اسقم قالوا عليل وقلت مافيه تبريق(12) وانا لقيت دوا العليل المتيم حبة شفايا محرق القلب تحريق(13) اثرك يا ثلاب رمحك مسمم ولايطعن الا بالنحر والمعاليق(14) لاجيت انا وصويحبي بنتليم شد الشديد ونوهو بالتفاريق(15) تتبع شفاة اهل السيوف الملحم حماية التالي ليا يبست الريق(16) أهل مهارٍ بالسواديس تقلم يرهون للطير العشاء بالملاحيق(17) ياحيسفى من عاد عنه اتعلم تمسي سمار الفيح دونه مراهيق(18) ماتاصله هجنٍ تخم الوطاء خم حرايرٍ برقابهن الخنانيق(19) بنات عمليه وبوهن الاسحم عاداتهن قطع الحزوم الرقاريق(20) دراسة النص: نلاحظ أن الشاعر يمتدح قصيدته التي يصعب على غيره أن يأتي بمثلها ثم يدعو الله أن يسقي أماكن محددة في نجد من أجل أن يفرح الأحبة بالاجتماع عليه،ثم يتحدث عن أن نهاية الربيع الماضي كان آخر عهده بالحبيبة متذكراً مقابلته لها وما دار بينهم من حديث عفيف سيكون في طي الكتمان لا يعرفه احد وهنا نصل إلى البيت الحادي عشر والذي هو محل الخلاف فنجد أن معناه متسق ومرتبط مع ما قبله وما بعده ولغة الخطاب لم تتغير وهذا دليل على أن البيت أصل في النص،ثم يستمر في حديثه عن حبيبته لينتقل بسلاسة إلى الحديث عن قومها ويمتدحهم ويذكر انه أصبح بعيداً لا تستطيع أن تصل إليه الركائب القوية.فنلاحظ ان القصيدة من بدايتها حتى نهايتها محبوكة في سياق معنوي متسق وفكرة النص واضحة ومترابطة ولغته سلسة.وبالتالي هذا يعطي دلالة قوية على أن البيت محل الخلاف لمخلد القثامي.