يبدو أن زمن الكبار قد انتهى فعليًا في الدوري السعودي، ولم تعد خسارة أحد الفرق الجماهيرية الكبيرة من فريقٍ صاعد أو أقل تاريخًا وجماهيرية أمرًا مفاجئًا، بعد أن تقلصت الفوارق الفنية بشكل كبير، ولأسباب كثيرة، وانتهت الهيبة التي كانت تدخل بها الفرق الكبيرة أرض الملعب، وصارت الفرق الصغيرة تلعب معها الند للند، بل وتتفوق تنظيمًا ولياقة وأداءً وخطورة عليها في كثير من فترات المباراة، وهو ما بدأ يظهر جليًا في الدوري السعودي الموسم الماضي، وأكدته الجولة الأولى هذا الموسم، التي شهدت إسقاط الباطن للاتحاد في الجوهرة بثلاثية مستحقة، وإحراج الصاعد الجديد الفيحاء لحامل الدوري الهلال في قلب الدرة، وفوز الصاعد الآخر أحد على الشباب، إضافة لسقوط الوصيف الأهلي أمام الاتفاق بثنائية كانت قابلة للزيادة. تناقص الفروقات الفنية والعناصرية بين الأندية الجماهيرية أو الثرية والأقل جماهيرية أو ثراءً جاء لأسبابٍ كثيرة ساهمت في ردم تلك الفوارق، منها قل الدبرة الإدارية في بعض الأندية الكبيرة، يقابلها تفوق إداري وعمل محكم في الأندية الأخرى، حتى صار من الطبيعي أن تشاهد العنصر الأجنبي الفاعل والبارز في أندية الوسط والمؤخرة وبأسعارٍ معقولة، واللاعب العالة والمقلب في الأندية الكبيرة التي تعاقدت مع هؤلاء بأرقامٍ فلكية، وأعتقد وفقًا لذلك أن قرار السماح بستة أجانب قد يغير الكثير في ملامح المسابقات السعودية ويساهم في دخول أسماء جديدة في سجل البطولات!. بقدر ما قد يشكل هذا الأمر قلقًا في نفوس جماهير الأندية الجماهيرية التي ستفتقد لمباريات الطرف الواحد والنقاط المحسومة؛ بقدر ما تصب هذه الظاهرة لصالح الكرة السعودية وندية مسابقاتها وإثارتها، وسيكون من النادر أن تشاهد مبارياتٍ نتيجتها محسومة مسبقًا، خصوصاً بعد ظهور الصاعدين الفيحاء وأحد في الجولة الأولى بشكلٍ فنيٍ رفيع، واستمرار الباطن في تقديم مستوياته ونتائجه المثيرة للإعجاب، وتطور مستوى الاتفاق والقادسية بشكلٍ ملحوظ، وقدرة عنابي سدير ورائد التحدي وفتح الجبال على تصحيح الأخطاء والحضور بشكلٍ أفضل في الجولات المقبلة، ومعالجة المشاكل خلال فترة التوقف المقبلة!. أما الأندية الجماهيرية الكبيرة فعلى القائمين عليها أن يعوا هذه الحقيقة، وأن يدركوا أن الدوري السعودي لم يعد له كبير، إلا من كان كذلك بعناصره وأدائه وعمله الفني والإداري، وأن الأسماء والتاريخ والهيبة والجماهيرية لم تعد كافية للخروج بنقاط المباريات وحسم المواجهات أمام الفرق الأقل تاريخًا وجماهيرية، كما أنَّ على صناع القرار في تلك الأندية أن يكونوا بحجم أنديتهم في أدائهم الإداري والمالي واختياراتهم وقراراتهم الفنية إذا ما أرادوا أن يحافظوا على ما تبقى من تلك الفوارق وتلك الهيبة.