الحج شعيرة عظيمة فرضها المولى عز وجل على عباده المسلمين "لمن استطاع إليه سبيلا"، يكفي أن يؤديها المسلم مرة في العمر بكافة أحكامها وأركانها، ورسول الهدى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم قال في الحديث: (مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)، إذ هناك شروط يجب توافرها لمن أراد الحج أن يؤديه خالصاً لوجه الله عز وجل دون أن يلبس فيه ما يبطله. المملكة وعبر أحقاب عديدة تولت أمور الحج وتكفلت بكل ما ييسر أمور ضيوف الرحمن مُسخرةً كافة إمكاناتها من أجل أن تؤدي جموع الحجيج نسكهم بكل سهولة، فالكل في المملكة يعتبر نفسه مجنداً في خدمة ضيوف الرحمن وهذا أمر ليس إلا تجسيداً لاهتمامنا حكومةً وشعباً من أجل نيل هذا الشرف الذي حبانا الله سبحانه وتعالى به. وعلى الرغم من الجهود الجبارة التي تبذلها المملكة ويشهد لها القاصي والداني إلا أننا نسمع بين فينة وأخرى (أصواتاً نشازاً) تدعو إلى تدويل الحج وتسييسه عبر شعارات ومواقف لا تمت لهذه الشعيرة بصلة، بل إنها هي الفسوق والجدال اللذان نهتْ عنهما الآية الكريمة (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)، وكأن من يطلق تلك الدعاوى الباطلة لم يقرأ القرآن الكريم ولا السنة النبوية المطهرة أو أنه قرأهما وأراد أن يفعل عكس ما جاء فيهما ليحقق أهدافاً دنيوية في زمن شعيرة دينية هي ركن من أركان الإسلام. كل الشعوب المسلمة ترفض تلك الدعاوى وعلى رأسها المملكة، فلا يوجد مسلم على وجه الأرض، عدا من يريدون تسييس أو تدويل الحج، يرى في الحج مناسبة تطلق فيها شعارات سياسية تهدم ولا تبني، تفرق ولا تجمع في أقدس بقاع الأرض لتحقيق أهداف دنيوية قاصرة، من أجل ذلك يجب على من يطلقون تلك الدعاوى أن يعودوا إلى رشدهم إذا كانوا يعتقدون أنهم مسلمون بالفعل لا بالقول.