أجمع عدد من المختصين على أهمية المبيدات الحشرية في معالجة الآفات الزراعية التي تصيب المنتجات الزراعية وتهدد صحة وسلامة المستهلك، شريطة الاستخدام الأمثل لها وفق التعليمات الصادرة من الجهات المختصة، مشيرين في حديثهم ل"الرياض" أن اقتصاديات الدول المختلفة حول العالم تواجه تحديا كبيرا في ضبط المخالفات المتعلقة بشروط الإنتاج الزراعي مما ينعكس على الناتج المحلي ويتسبب بتراجع المنتجات، وحصول خسائر مالية وفشل الكثير من العقود التصديرية بسبب الإجراءات التي يتم اتخاذها دوليا ضد تلك المنتجات. المنتجات الملامسة لصحة الإنسان تتطلب شروطاً صارمة من الجهات الرقابية فحص المبيدات وأكد رئيس اللجنة الزراعية والتمور في الغرفة التجارية الصناعية في القصيم سلطان الثنيان، أن بقاء المبيدات الحشرية على الخضار والفواكه تخضع لعمليات اختبار من قبل الجهات المعنية، مبيناً أن فحص المبيدات يتطلب جهوداً كبيرة، وأن كل مبيد يتم استخدامه يؤخذ منه عينة للفحص مثل المبيد الحشري، اوالمبيد الأكاروسي، او الفطري على اختلاف انواعها، مشيراً إلى أن غالب الفواكة والخضروات والورقيات تكون أخطر بكثير كونها سريعة الاستهلاك والتلف، موضحاً أن بقية المحاصيل مع التخزين تنتهي فترة التحريم ويحصل لها غسيل وذوبان او تكون عليها طبقة قشرية تمنع تسربها أو تخفف من حدة المبيد. مراقبة المنتجين وأضاف الثنيان أن مراقبة الاسواق لا يمكن السيطرة عليها في كافة الأحوال، مطالباً بمراقبة المنتجين من خلال تتبع الانتاج إلى المستهلك عبر برامج وأنظمة يتم العمل فيها، ومعرفة المنتج وكمية انتاج الذي يقوم بإرساله إلى السوق، مشيراً إلى أن القصيم تحتوي على أكبر مزرعة نخيل في العالم ومسجلة في موسوعة غينيس للأرقام القياسية وتعمل منذ 15 عاماً على تحليل متبقيات المبيدات وتظهر النتائج انها خالية من المتبقيات، لافتا إلى أن الضرر الأكبر على صحة المواطن هم الدخلاء على قطاع المبيدات الزراعية، مبيناً أنهم يعمدون على إثارة المواطنين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وتخويفهم من المنتجات الزراعية، مضيفاً أن أكثرههم لا يفرق بين المبيد الحشري والفطري، وفترة استخدام المبيدات قبل فترة الصرام وبعدها، مطالباً بخروج بعض التشريعات التي تحمي المستهلك عند الإنتاج وليس عند وصوله للأسواق. الآفات الزاعية بدوره أكد أ.د. عبدالرحمن بن سعد الداود، الأستاذ في قسم وقاية النبات بكلية علوم الأغذية والزراعة بجامعة الملك سعود، أن المبيدات مثلها مثل الأدوية التي يحتاجها الانسان للعلاج، مبيناً أنها سلاح ذو حدين وأن النباتات غير المصابة بالآفات ليست بحاجة إلى مبيدات إلا في حالة الضرورة القصوى عند حدوث الإصابة كونها مكلفة مادياً، وضارة بالبيئة وعلى صحة الإنسان في حال الاستخدام الخاطئ، مشيراً إلى أنه قبل عام 1940 لم توجد أي مبيدات في العالم بل كان المزارعون يستخدمون الطرق الطبيعية وكانت نافعة، ولكن بعد ذلك تم اكتشاف أول مبيد حشري ويسمى مبيد الDDT ، موضحاً أن ذلك المبيد أثار ضجة في العالم كونه حل إشكالية ليست في النباتات ضد الآفات الزراعية فقط وإنما مع الانسان في القضاء على القمل والبراغيث، مشيراً إلى أنه وبعد عامين من اكتشاف هذا المبيد اكتسبت الافات الحشرية مقاومة ضده بسبب الاستخدام الخاطئ والمتكرر له، وعلى إثرها بدأت الجدية في الاستخدام الأمثل للمبيدات التي اكتشفت بعد ذلك، مفيداً أن المبيدات هي أمر لابد منه، ويجب أن تستخدم بالطرق الصحيحة حسب الحاجة وحسب الآفة. تصاريح المبيدات وأوضح د. الداود أن وزارة البيئة والمياه والزراعة هي من تقوم بالتصريح لكافة المبيدات الزراعية وتعرف كافة التفاصيل عن هذه المبيدات سواء مكوناتها أو منشأها وصفاتها وسلامتها للمجتمع، موضحاً أنه لا يتم التصريح للمبيدات إلا بخطوات عديدة قد تكون متعبة لبعض التجار على حد وصفه، مبيناً أن الهدف من ذلك هو التأكد من كون المبيدات سليمة ومناسبة ومحافظة على البيئة وسلامة وصحة الإنسان، لافتاً إلى أن الآفات الزراعية تعتبر من المشكلات الأساسية في الزراعة والتي إن لم يتم معالجتها بالطرق الصحيحة فسوف نفقد الكثير من المحاصيل الزراعية. الاستخدام الخاطئ وبيّن أنه توجد قلة قليلة من بعض العمالة في المزارع تقوم باستخدام المبيدات بطريقة خاطئة، وأن ذلك لا يعني أن تكون تلك المبيدات غير مفيدة، موضحاً أن كل المبيدات يوجد عليها ملصق يوضح المعلومات الكافية للاستخدام الصحيح ومن ضمنها مدة التحريم التي يمنع استهلاك المنتج خلالها، لافتا إلى أن ما أثار الرأي العام حول المبيدات هو ما حدث في سوق تمور عنيزة والذي تمثل بوجود متبقيات مبيدات في كمية بسيطة جداً من التمور والتي تم اكتشافها من قِبل الجهات الرقابية التابعة لوزارة الشؤون القروية والبلدية في ذلك السوق، مؤكداً أن ذلك الحدث زاد الوعي لدى المستهلكين، وأن المباع في السوق سليم وخالي من متبقيات المبيدات، وهو ما يتم العمل به من قِبل الجهات الرقابية في أسواق التمور الأخرى بالمملكة، مضيفاً أن المستهلك يطالب بتطبيق نفس هذه الإجراءات الرقابية على باقي المحاصيل المباعة في أسواق المملكة خصوصا الخضروات والورقيات. زيادة الرقابة وطالب د. الداود بزيادة الرقابة على ما يقارب 450 ألف حيازة زراعية في المملكة، من خلال السجل الزراعي الذي يوضح جميع أنشطة المزرعة ليسهل متابعة أي خطأ يمكن أن يحدث مستقبلياً وعبر نظام "ترخيص المنتج" الذي يقوم على متابعة المنتج الزراعي من المزرعة حتى وصوله إلى السوق، مؤكداً على ضرورة استحداث رخصة رش للمطبقين للمبيدات في المملكة لضمان معرفتهم بجميع جوانب الاستخدام لها، موضحاً أن هنا تبرز أهمية هيئة الدواء والغذاء في التعاون مع هاتين الوزارتين لسن القوانين التي تضمن سلامة وصحة المستهلك، ومن ضمنها إصدار رخص الرش، وهي من الإجراءات المطبقة في الدول المتقدمة زراعياً، وأنه بعد ذلك تكون المسؤولية على عاتق الآمانات والتي هي مسؤولة عن الأسواق للتأكد من صلاحية المنتجات الزراعية للبيع. وأفاد أن القليل من المزارع يديرها عمالة وافدة ليست متخصصة في الزراعة، وأن عدداً منهم لا يتفاعلون مع القضايا الإرشادية، مؤكداً على أن التمور لن يوجد عليها متبقيات مبيدات إذا تم استخدام المبيدات بالطرق المنصوح بها، مضيفاً أنه من خلال تتبع الآفات التي تصيب التمور من نهاية المحصول للعام السابق حتى استخدام المستهلك لها في هذه السنة، فإنه قد يصيب التمر بعض الآفات مثل: دودة البلح الكبرى، والتي تصيب غلاف العذق، وسوسة الطلع، والتي تصيب الزهرة، ودودة البلح الصغرى، والتي تصيب التمر بعد العقد مباشرة، وآخرها آفة الغبير، والتي تبدأ إصابتها من نهاية شهر إبريل كل عام ويتم مشاهدتها بوضوح في العاشر من شهر مايو، موضحاً أن هذه الآفة حال وجودها في تمر النخيل يتم معالجتها بالمبيدات الأكاروسية المتخصصة وذلك بحد أقصى ثلاث رشات تنتهي بنهاية شهر مايو، وفي حال وجود حاجة للمعالجة بعد ذلك لوجود آفة الغبير فيتم عمل رشة رابعة بالماء فقط، مبيناً أن هذه العملية هي آخر مرحلة يتم فيها استخدام المبيدات على التمر قبل استهلاكه، مما يسمح بوجود فترة شهرين على الأقل قبل توريد التمر للسوق، وهي فترة كافية لتكسر المبيدات وعدم وجود بقايا للمبيدات على التمر. متبقيات المبيدات وأوضح أن هناك عمالة قليلة جدا لا تتبع هذا البرنامج، مما يجعل وجود متبقيات للمبيدات أمر طبيعي، مبيناً أن هذه مهمة مسؤولة عنها وزارة البيئة والمياه والزراعة ووزارة الشؤون القروية والبلدية وهيئة الدواء والغذاء من خلال الفحص للعينات قبل البيع وهي نسبة قليلة لا تتجاوز الواحد بالمئة من التمور في المزارع، مشدداً على أهمية الشفافية من قِبل الجهات الحكومية وهي من أحد حقوق المستهلك للإطمئنان على صحة غذائه، ومن علامات نضج ووعي المجتمع والتي يجب أن نحافظ عليها وأن نسمح للمستهلك بالوصول لهذه الوزارات والجهات الحكومية من خلال خط ساخن سريع الإنجاز لأي إخبارية يود المستهلك إيصالها للمسؤولين، والذين هم بدورهم سيعملون على متابعة الأمر بحزم وسرعة وشفافية. اقتصاد المناطق بدوره أكد المستشار الاقتصادي أحمد الشهري أنه في الوقت الذي يتنامى فيه مفهوم اقتصاد المناطق والمعتمد على الإنتاج الزراعي أو الحيواني يظل هنالك مسائل تحتاج إلى حذر شديد في التعامل مثل المبيدات الحشرية أو الأسمدة أو أساليب التخزين لتلك المنتجات ومدى صلاحية تلك المنتجات للاستهلاك الآدمي، مشيراً إلى أن المبيدات تستخدم في مكافحة الحشرات الضارة للمحاصيل الزراعية وينعكس ذلك على وفرة المحاصيل وجودتها، إلا أن الجهل بطريقة استخدامها وتوقيت استخدامها أو الأفراط فيها يؤدي إلى مضار خطيرة على صحة الانسان والحيوان، وتظهر تلك المشاكل في تدهور الصحة العامة وارتفاع تكاليف فاتورة الصحة العامة وزيادة الطلب على الرعاية الصحية ويمثل ذلك عبئا إضافي على الاقتصاد نتيجة لممارسات ضارة تمت بعيدا عن عين الرقيب. ضبط المخالفات وأضاف أن اقتصاديات الدول المختلفة حول العالم تواجه تحديا كبيرا في ضبط المخالفات المتعلقة بشروط الإنتاج الزراعي أو الحيواني، مبيناً انه في حال انكشاف أي خلل في العملية الانتاجية أو في مراحلها مثل فضائح استخدام مواد محظورة أو ظروف تخزين غير مناسبة تؤدي لانتشار بكتيريا أو أمراض، يصعب السيطرة عليها وفي وقت قصير، بحيث تؤدي إلى خسائر مباشرة وفادحة في القطاع الزراعي، وبالتالي ينعكس على الناتج المحلي وتراجع المنتجات وحصول خسائر مالية وفشل الكثير من العقود التصديرية بسبب الإجراءات التي يتم اتخاذها دوليا ضد تلك المنتجات. خسائر اقتصادية وبيّن أن المنتجات التي تلامس صحة الإنسان تتطلب شروط صارمة من الجهات الرقابية بالإضافة إلى أهمية وجود رقابة مبكرة في مراحل الإنتاج المختلفة لمنع أي انزلاقات نحو الخسائر الاقتصادية، مشيراً إلى أن خسائر القطاع البرازيلي المباشرة بلغت 5 مليارات دولار والبيض الهولندي الملوث بالمبيدات الحشرية بلغت 12مليون يورو من الخسائر الفورية، موضحاً أن مسائل الرقابة وضبط الجودة تبقى من الأولويات القصوى أمام الجهات الرقابية على المنتجات الزراعية لخصوصيتها الاقتصادية وتأثرها بمسائل جودتها وضررها على صحة الإنسان. أحمد الشهري م. سلطان الثنيان أ.د. عبدالرحمن الداود الوقاية من الآفات التي تصيب التمور عن طريق رش المبيدات