بالأمس القريب، صدر قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بإنشاء هيئة ملكية لتطوير محافظة العلا، أو "عروس الجبال" كما يسميها أهلها والمولوعون بها، لوقوعها في حضن سلسلة من المرتفعات الجبلية المُهيبة حضارةً وتاريخاً. هذه الخطوة المفصلية والمهمة في تأريخ "محافظة العلا" والمملكة ككل، باعتبارها قفزة حضارية وتنموية كبيرة لتحقيق رؤية 2030، أدخلت جذوة البهجة وهدير السرور على قلوب السعوديين وسكان المحافظة، شاكرين "سلمان الحزم" و"محمد العزم" على جميل الاختيار و"الانصاف" المُبين لهذه البقعة التاريخية المضيئة والإرث الإنساني العميق. ليلة القرار وبلغة متحشرجة وغصات طال أمدها في حلق المُستقبَل، يُحّدثْني أحد الأصدقاء من أهالي العلا عن مدينة عشقه ومَاضِيه.. "لقد قضيت أعتى وأجمل أيام صباي في العلا، بين حقولها ووديانها وجبالها ومعالمها الأثرية القديمة، وكنت أردد في داخلي: على هذه الأرض ما يستحق الحياة والمستقبل سحراً وأسراً، فأيّان كنت ستلقى منظراً عبقاً، وأيان توغلت في دفاتر التاريخ، تجده في "العلا" متجسداً في لوحات فنية راسخة عظيمة وفاتنة، بدءاً من الحجر ومدائن صالح وديار ثمود، مطرزةً ببيوتٍ منحوتة ومعابد ومدافن أثرية ومعالم شتى..". وللمطلع على تاريخ "العلا الخصيبة" أو"المتحف المفتوح" وعلى مساحة 14 كم تقريباً، يجد أن العديد من القصور والتماثيل والنقوش والآثار لحضارات تعاقبت على أرضها من قبل التاريخ، أشهرها اللحيانية والنبطية، كالقصر الفريد، والبنت والعجوز، ومجلس السلطان، ومقابر الأسود، ومحلب الناقة، ومعبد جبل عكمة، والمزحم حيث عقرت ناقة صالح، ومستوطنة المابيات القديمة، وجبل الحوار والحويرة الأملسين وصخرة الفيل.. ومن الآثار الإسلامية قلعة الحجر العثمانية، وقلعة موسى بن نصير، والبلدة القديمة، ومحطة سكة حديد الحجاز، وخفايا من التاريخ البشري لم تكشف بعد!. لذا كان القرار الملكي بإنشاء هيئة العلا الملكية برئاسة ولي العهد "مهندس المستقبل"، الأمير محمد بن سلمان؛ ثقةً كبرى وإثباتاً مبيناً من خادم الحرمين –يحفظه الله- نحو رؤية سعودية حضارية يكتمل عقدها نحو 2030؛ تتجاوز بها "تابوهات" فكريّة وإدارية بيروقراطية، ولوجستية تمويلية أبعدتها عن عيون الداخل والخارج حيناً من الدهر من جهة، وتعزيزاً لبنية السياحة التحتية بأكملها، وتنشيطاً لقطاعاتها واستثماراً لمشاريعها التنموية، دون أي معوقات أو روتين حكومي من جهة أخرى؛ لأن تكون خلال سنوات قليلة من أهم المزارات السياحية والاستثمارية والخدمية في العالم. وأخيراً، ما ساور قلمي "اليوم" ليكتب شعوراً هو أن "عروس الجبال" والقرار يستحقان الفخر عن جدارة، رغماً عن المناكفين والمترهلين الذين "مازالوا" أسفاً يضربون بين الفينة والأخرى ضد رؤية 2030 ومستقبلها بحججٍ غدت مكشوفة، بل أكل وشرب الدهر عليها!.