لم يدخل وحل هذه المنطقة سوى طرفين. أحدهما لم يكن أحد يلتفت إلى حديثه أو أحاديثه جميعاً، وإن كان قائد دولة عزيزة وعظيمة. إلا أن تعامل العالم معه كان من نوع "ما عليه شرهة". والطرف الثاني عدو لدود تؤخذ أحاديثه مأخذ العداء فقط لا غير، وهو ممن لا يلقي العالم الإسلامي لحديثه بالاً. هذان الطرفان أولهما معمر القذافي، والثاني ملالي إيران، كانا الوحيدان اللذان دخلا وحل تسييس الحج أو دعوات تدويله. وظلت دعواتهما محل استجهان من البعيد قبل القريب. فأهدافهما معروفة من هذه الدعوات، وجهود المملكة مشهودة في هذا الميدان. اليوم حجزت السلطة القطرية مقعدها بين المجانين والأعداء، فانخرطت في هذه الدعوة المذمومة، وخلطت فريضة الحج بموقفها السياسي، وحشدت خيلها ورجلها هجوماً واتهاماً للمملكة، على رغم أنها هي ذاتها التي أوقفت الحجاج القطريين ومنعتهم من التسجيل لأداء الفريضة، بحسب الموقع الرسمي للحكومة القطرية!. المملكة ليست بحاجة للدفاع عنها في هذا المضمار أو سرد جهودها، المملكة وخدمة ضيوف الرحمن وجهان لعملة واحدة بيضاء نقية كريمة، وأجهزتنا الحكومية تستعد للحج كما يتم الاستعداد للعرس، الحج عرسنا الكبير، وخدمة ضيوفه شرفنا الأعظم وفخرنا بين الأمم. ليس انتقاصاً من عدد، فكل الحجاج سواسية بالنسبة للمملكة، لكن هل تظن السلطة القطرية أنها بآلافها الثلاثة من الحجاج أصدق شهادة من ملايين المسلمين الذين يشرفون المملكة لأداء فريضة الحج كل عام؟. ما يمكن تأكيده هنا، هو أن سلطات تنظيم الحمدين في الدوحة، وبهذا التعاطي المذموم مع فريضة الحج تحديداً، بصمت بأصابعها العشرة على سلوكها البغيض طوال العقدين الماضيين، وما واصلت الدول الأربع المقاطعة ترديده منذ بداية الأزمة القطرية، إنها بالفعل سلطة تحمل مزيجاً غريباً من هذا العداء وذاك الجنون، سلطة ممسوسة بجنون العظمة الذي أودى بالقذافي، رغبة مشوهة في السيطرة والتوسع حتى أوهم الحمدين نفسيهما أنهما سيحكمان من خلال المال والجماعات الإسلامية إمبراطورية على أنقاض الدول العربية التي يسعون في خرابها، يسير مع هذه الرغبة حقد دفين خاص على مكانة المملكة وحكامها في قلب العالم، وهي أيضاً سلطة تحمل عداءً واضحاً للمملكة. وزير خارجية البحرين قال في مؤتمر وزراء خارجية الدول الداعية لمكافحة الإرهاب الأخير في المنامة: إن من ينساق إلى تسييس الحج أو تدويله يضع نفسه في مصاف الأعداء، فهو طلب لم يصدر جدياً إلا من إيران، ووزير خارجية المملكة الأستاذ عادل الجبير حسمها بقوله: إن دعوات تدويل الحج إعلان حرب على المملكة، وهي رسالة واضحة لقطر ومن ورائها إيران. وبقي أن نقول: إننا نستعد لعرسنا السنوي خدماً بين يدي الحجيج وتحت أقدامهم، مرحباً بحجاج قطر في أرض الحرمين والمشاعر المقدسة، مرحباً بهم مثل الملايين من ضيوف الرحمن. مثلهم تماماً. بلا زيادة ولا نقصان.