كيف يمكن أن أثق في حديث شخص غير متخصص؟ وكيف تتقبل عزيزي القارئ حديثاً ينقله ويحلله لك بنفس الوقت شخص لم يدرس وليس لدية خبره بالموضوع الذي يخوض فيه؟ المتتبع لوسائل الإعلام في هذه الفترة يلحظ تخبطاً عجيباً في نقل وكتابة ومصداقية الأخبار، مما يجعلنا نتساءل: عن كيفية توظيف أي مسؤول إعلامي؟ وما هي المعايير المطلوبة ؟!. من المعلوم أن كل مؤسسة إعلامية تركز على معايير معينة تريدها، ولديها سياسات وإجراءات خاصة للنشر، ولكن مع الانفلات الإعلامي في الإنترنت ومواقع التواصل أصبح النشر سهلاً جدا، ولا يحتاج إلى أدلة أو براهين، مع التسابق الإعلامي غير المسبوق الذي تعج به وسائل التواصل الاجتماعي. وأعود إلى المؤسسات الإعلامية الرسمية وكيفية اختيارها وانتقائيتها للمسؤول الإعلامي، نحن نعلم أن هناك من المؤسسات الأخرى والتي ترغب في نشر أخبار عنها وعن نشاطها سواء كانت خاصة أو عاملة قد تختار نشر خبر في الصحيفة أو صور، أو حتى فيديو على موقع الصحيفة الإلكتروني، الأكيد أن أي مؤسسة صحفية يتجمع عليها المستفيدون لنشر أخبارهم، وليس دور الصحيفة النشر، بل دورها في البداية التحقق من مصداقية هذه المعلومات أو الصور والفيديو قبل نشرها، وهذا التحقق يكون عن طريق اختيار مسؤول إعلامي مهني لدية خبرة ونظرة وتدقيق في صحة الأخبار وما ينشر بما يتوافق مع وثيقة النشر الإعلامي والصحفي، قبل رفعها لمدير التحرير، وعند اختيار الكفء والحذر والحريص والمهني سيسهل مهمة وضع خطة عمل ناجحة تتماشى مع أهداف المؤسسة وتحقق الهدف من نشر المعلومة والمحافظة على مصداقية الصحيفة. ولكن الواقع مختلف الآن وهو خوض غير المتخصصين في شؤون سياسية أو علمية، أو اجتماعية بدون مرجعية عميقة، وهذا تضليل للمجتمع والرأي العام، ويخلق أزمة عدم ثقة في كل ما يقال، وقد ذكر ماكس فيبر في كتابه (رجل العلم ورجل السياسة): "إن العلم في أيامنا هذه هو دعوة مبنية على الاختصاص"، وهذا ما يضفي المصداقية والثقة على حديث من يحاورك وهو مدرك لما يقول، والعلم في تخصص من التخصصات قوة، حيث إن الدول المتقدمة تقوم على العلم والبحوث والتطوير، ولا شيء ينجو إلا بالعلم والتأكيد على التخصص، فكل شيء يقوم على الإعلام سواء في تقديم نفسك أو مجتمعك وثقافتك، وهنا يأتي دور وزارة الإعلام لسن قوانين صارمة على المواد الإعلامية المطروحة كذلك الإعلاميين والمتحدثين، سواء صحافة مكتوبة أو مرئية أو إلكترونية، نحتاج لتوضيح الحدود وتفعيل الأدوار. وفي النهاية لا أريد أن تتحقق مقولة "فرانس زابا": "جزء كبير من الصحافة عبارة عن أناس لا يجيدون الكتابة يقابلون أناس لا يجيدون التحدث لأناس لا يجيدون القراءة".