أيام وستنتهي الفرصة المتبقية أمام الرئيس الإيراني حسن روحاني على تشكيل حكومة جديدة، لكن التسريبات تشير إلى وجود أزمة بين روحاني من جانب والمرشد علي خامنئي من جانب آخر. اعتاد خامنئي السيطرة على جميع الحكومات الإيرانية وسلب صلاحيات الرئيس فيها من خلال تعيين وزراء للوزارات السيادية، الأمر الذي أدى إلى بروز خلافات بين جميع من ترأس السلطة التنفيذية في إيران وخامنئي حتى الآن. بعض هؤلاء الرؤساء تم التضييق عليهم وإزاحتهم في عهد الخميني من قبل أبرز أعضاء مجلس قيادة الثورة، رفسنجاني وخامنئي واستمر التحكم والتضييق في عهد خامنئي. مطلع فبراير عام 1979 تم تعيين مهدي بازركان لرئاسة الحكومة الإيرانية المؤقتة من قبل الخميني، لكن بعد تسعة شهور وبعد احتلال السفارة الأميركية في طهران تمت إزاحة بازركان من رئاسة الوزراء وعزله بعد ما تحالف ضده رفسنجاني وخامنئي، حيث اقنعوا الخميني على أن بازركان لا يؤمن بولاية الفقيه ويعمل على فصل الدين عن السياسة. وكان مصير رئيس الجمهورية الحسن بني صدر الذي رافق الخميني من باريس إلى طهران وتم انتخابه رئيساً للجمهورية أكثر قساوة من مصير بازركان، حيت اضطر بني صدر أن يتنكر بملابس نسائية ويهرب من الموت ويعود لباريس، بعد ما وصفه الخميني ب"ذراعه الأيمن" وساعده في تولي منصب رئاسة الجمهورية، وكان لخامنئي ورفسنجاني دوراً مهماً في هروب بني صدر. أما محمد علي رجائي الذي كان رئيساً للوزراء في حكومة بني صدر ورئيساً للجمهورية بعد فرار بني صدر اغتيل في "تفجير" ومعه رئيس الوزراء محمد جواد باهنر في نهاية شهر أغسطس عام 1981. وكانت هذه التصفيات كافية للخميني الذي نكث بعهوده للشعب وتخلى عن قراره بعدم تسليم السلطة "للملالي"، حيث أصبح علي خامنئي رئيساً للجمهورية في نهاية شهر سبتمبر 1981 وتم تعيين مير حسين موسوي من قبل الخميني رئيساً للوزراء آنذاك. شهدت فترة رئاسة خامنئي خلافات حادة مع رئيس الوزراء مير حسين موسوي، لكن خامنئي وبتوصية من حليفه رفسنجاني الذي كان يرأس مجلس الشورى لم يقدم على إبعاد "مير حسين موسوي"، وفور رحيل الخميني عام 1989 قام خامنئي ومعه رفسنجاني الذي أصبح رئيساً للجمهورية بإلغاء منصب "رئيس الوزراء" وأصبح رئيس الجمهورية هو من يترأس السلطة التنفيذية، كما حل خامنئي محل الخميني وأصبح قائداً للثورة بمساعدة رافسنجاني. لم يترك خامنئي حليفه وصديقه رفسنجاني الذي شاركه كل هذه المؤامرات وأوصله إلى منصب المرشد الأعلى، بل أخذ يخطط إلى إزاحة رفسنجاني وخطط للبحث عن حليف جديد لتنفيذ مخططاته ولم يجد أفضل من جنرالات الحرس الثوري الذين كان يدعمهم وتدرج معهم حتى أصبحوا يسيطرون على كل مفاصل الدولة الإيرانية واقتصادها. وجاء بعد ذلك محمد خاتمي وكانت نهاية خاتمي أفضل من نهاية رفسنجاني الذي تم خنقه في حوض السباحة بالعاصمة الإيرانيةطهران مطلع العام الجاري بحسب مصادر إعلامية إيرانية مطلعة. وكان مصير مير حسين موسوي الإقامة الجبرية في منزله، لأنه رشح نفسه للانتخابات الرئاسية عام 2009 وحقق فوزا على منافسه أحمدي نجاد لكن خامنئي صادر الأصوات لصالح "نجاد" وتدخل الحرس الثوري في قمع الاحتجاجات الشعبية التي عمت الشوارع الإيرانية التي تعرف ب"الثورة الخضراء" بعد عملية التزوير. كذلك أحمدي نجاد الذي جاء به خامنئي تم تجريده من جميع الصلاحيات الممنوحة للرئيس قانونياً في آخر سنتين من فترة رئاسته للجمهورية وأصبح خارج اللعبة السياسية. أما الرئيس الإيراني الحالي الذي فرض عليه خامنئي وزراء في الفترة الرئاسية الأولى بدأت الخلافات تظهر للعلن بينه وبين خامنئي ومعه جنرالات الحرس الثوري منذ فوزه بفترة رئاسية ثانية، حيث تناقلت وسائل الإعلام الإيرانية والأجنبية بعض تصريحات روحاني الذي بدأ ينتقد جنرالات الحرس الثوري كما انتقدهم سلفه أحمدي نجاد ووصفهم ب"الإخوة المهربون" نسبة إلى تهريبهم الخمور والمخدرات، ومع قرب انتهاء الفترة المحددة لتشكيل الحكومة هناك تسريبات تشير إلى سعي المرشد خامنئي لتقييد روحاني وسلب صلاحياته الدستورية من خلال فرض وزراء تابعين له. يراهن الكثير من المتابعين للشان الإيراني على الخلافات التي ظهرت للسطح بين أجنحة النظام الإيراني خاصة تلك التي يكون خامنئي طرفا فيها لكنني لا اعتقد أن هذه الخلافات تتجاوز التصريحات خاصة وأن روحاني من أبناء النظام ومن ركاب السفينة التي يقودها خامنئي ويهمه تماسك نظام ولي الفقية. كما أن الحل الوحيد لسقوط هذا النظام المجرم هو دعم الشعوب غير الفارسية سياسياً وإعلاميا وما دون ذلك هو مجرد وخز إبر لا يتعدى ألمها بعض الثواني.