اتفق الجميع على ضرورة أن تكون علاقة المسؤول مع الإعلام ورجاله علاقة واضحة وشفافة وخصوصاً في ظل المرحلة التي تعيشها بلادنا المباركة، مؤكدين أن هذه الشفافية والوضوح سترسم خارطة الطريق نحو مستقبل مشرق بإذن الله. "الرياض" التقت عدداً من المتخصصين لأخذ رأيهم حول ما يجب أن تكون عليه العلاقة بين المسؤول والإعلام. فكر إداري يؤكد د. توفيق السويلم -مدير دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية- أن العالم يعيش عموماً والمملكة خصوصاً تغيرات اجتماعية وثقافية وتربوية وإدارية، وكان الإداريون التقليديون منفصلين عن لغة الشارع وهموم الناس وربما لا يكونون قريبين من الاحتياجات الفعلية والواقعية للمجتمع؛ لذلك كان هناك حاجز بين الطرفين، ولكن مع ظهور وسائل الاتصال الاجتماعي وتطور تقنية المعلومات وثورة الاتصالات وتقارب الدول والشعوب والمساحة الكبيرة في الجانب الإعلامي والإعلاني فقد أفرط بعض الإعلاميين وبعض النقاد والمحللين في نقد كبار العاملين في القطاع العام، كما بدأت تظهر احتياجات الناس للشفافية أو الإفصاح لبعض الخطوات الإدارية التي يقدم عليها بعض المسؤولين والتي تتطلب تفاعل المجتمع أو الأفراد، لذا بدا واضحاً تغير كثير من سلوكيات كبار المسؤولين بالتعامل مع المجتمع ووسائل الإعلام المختلفة. وأضاف: إن الراصد لطريقة تعامل بعض المسؤولين مع وسائل الإعلام يجد أن له جانبين أحدهما سلبي والآخر إيجابي، فالسلبي ينشأ عندما لا يثق المسؤول في الصحفي نتيجة لعدم شفافية الجانبين، أما الجانب الإيجابي فيتمثل في أنه إذا بنيت الثقة بينهما فإن كلاً منهما يخدم قضايا وطنه بشفافية دون مداراة أو مواربة لموضوعات تمس المتلقي وتمثل له أهمية كبيرة، وهو ما نلاحظه الآن من شفافية وإفصاح في قطاعات الدولة المختلفة والحمد لله، إن هذه العلاقة تختلف من مسؤول وآخر، فهناك بعض المسؤولين يجد في الإعلام وسيلة ناجحة لإبراز الإنجازات وتحفيز العمل، وهناك مسؤولون آخرون يجدون حرجاً في تعاملهم مع وسائل الإعلام، ويتجنبون أضواءها فيبتعدون عنها تذرعاً بحساسية مناصبهم أو القطاعات التي يعملون بها، مما يجعل صدورهم تضيق لنشر أي خبر أو معلومة، ولا تتسع لأي نقد لتقصير يقع في جهته، مبيناً أنه يفترض الاستفادة من التجارب الناجحة بالدول وبالذات التطورات الإدارية التي تمت خلال الخمسين سنة الماضية. وأشار إلى أنه وفي ظل رؤية 2030م، وبرنامج التحول 2020م، وما تحتاجه من تكاتف جميع الجهود لإنجازهما، فإن هذه العلاقة بين المسؤول ووسائل الإعلام والتحول من الأساليب الرعوية إلى التنوية من المهم فيها أن يقوم كل طرف بدوره لأن المعيار هو خدمة المجتمع ووطننا المعطاء وليس البحث عن الأخطاء أو التصيد على الأطراف باعتبارنا جميعاً فريقاً واحداً داخل الوطن الواحد ولا يمكن الاستغناء عن الآخر، ومن الأسس في العلاقة هي الشفافية والمصداقية، فمن المهم أن تتمسك وسائل الإعلام بالحقيقة ونقلها دون تشويه وهذا يتطلب قدراً عالياً من بناء الثقة مع المسؤولين والجمهور على حد سواء، ولا يمكن بناء هذه الثقة إلا من خلال التحلي بالمصداقية العالية في نقل الخبر دون تحريف أو مبالغة، وكذلك المسؤول لا بد أن يتسع صدره للإعلامي الذي يقوم بواجب نقل المعلومة إلى المتلقي. أبواب مفتوحة وأكد عبد الله المغلوث -عضو الجمعية السعودية للاقتصاد - أنه حان الآن لأن يكون المسؤول أبوابه مفتوحة حتى يتمكن الإعلاميون من الوصول إليه والتواصل معه لمعرفة أي القضايا تهم المواطن والبحث لعلاجها ورؤية 2030 تتضمن الشفافية والتحاور بين المسؤول والإعلام والمواطن، ونحن نرى أن المسؤولين الآن يتعاملون مع وسائل الإعلام والإعلام الجديد عبر التواصل الاجتماعي لطرح القضايا ومعالجتها، ونشاهد في المؤتمرات والندوات والملتقيات قيام المسؤولين بطرح أي قرار فيؤخذ ويدرس أمام الإعلام كي يتفاعل معه المواطنون وأصحاب القرار ومعرفة ما يفيد المجتمع من عدمه. علاقة «المسؤول بالإعلام» بحاجة لتجديد المفاهيم القديمة وتعزيز الشفافية والثقة ومساحات النقد المصداقية مطلب ويرى عبدالله العقيل -نائب رئيس المجلس التنفيذي بغرفة شقراء سابقاً وباحث في الشؤون الاجتماعية- أن علاقة المسؤول مع الإعلام في الأصل مبنية على الصدق الذي يولد الثقة في القول والعمل، وباعتلاله تنحرف العلاقات عن مسارها الصحيح فيشوبها عوالق المصالح المجردة ممزوجة بالحذر الذي يحمل ابتسامة الترحيب، مما يجعل غشاوة على الحقيقة، ويصدر أحياناً من بعض المسؤولين مغالطات لا يمر عليها سويعات حتى يستطيع المواطن التمييز بين القول وبين الصورة الحاصلة، وهنا يرمى الحمل على الإعلام لينقذ الموقف لأنه يستطيع بإمكاناته وضع المشكلة بقالب آخر دون الخروج عن الواقع الأصلي لها، لأن الإعلام لديه القدرة على منح ذلك التوتر الضروري والمحفز للطاقات المجتمعية لبلوغ الهدف حيث يستمد فعاليته من توافقه مع ضمير الجمهور، وعليه فالواجب أن يكون قول المسؤول متطابقاً مع ما يرمي إليه ومناسباً مع الظروف العامة المحيطة به ليستطيع الإعلام خدمته وأداء دوره ويكون ذي بعد وطني يخدم الأهداف. شراكة تنموية وأكد بندر آل مفرح -من أعيان منطقة عسير- أنه يجب أن تكون علاقة المسؤول مع الإعلام مبنية على الثقة والوضوح والشفافية لأن غموضها وتوترها ليس في مصلحة الوطن والمواطن والتنمية وخلال تواجدي في النشاط الإعلامي منذ (20) عاماً لا أرى أن الوزراء ومن يعمل تحت إدارتهم في عموم المناطق يتعاملون مع الإعلام على أنه شريك في التنمية وخدمة الوطن والمواطن بل يرون الإعلام يبحث عن الأخطاء والقصور وهذا غير صحيح، مشيراً إلى أن الإعلام شريك أساس في السمو بأهداف التنمية ورقيها وتميزها، ورقيب فاعل لحفظ المال العام، لكن للآسف فإدارات العلاقات العامة والإعلام بالوزارات غير مؤهلة وينتهي دورها بجودة اللباس وحمل مشالح المسؤولين والتلميع للمشروعات الفاسدة والمتعثرة وحضور المناسبات. وأضاف: إذا أردنا أن تكون العلاقات وطيدة بين الإعلام والوزراء وكافة المسؤولين فإن الأمر يعود لحزم الوزير، وأتمنى أن تقام المؤتمرات وورش العمل التي تجمع الوزراء ورؤساء تحرير الصحف على طاولة نقاش يتم خلالها بحث كل ما هو جديد ومفيد للوطن والمواطن والمسؤول لكي يكون الإعلام هو النافذة التي يتم من خلالها التواصل الإيجابي بين المواطن والمسؤول. دون المستوى ويرى عبدالله القصادي -عميد متقاعد- أن العلاقة بين القطاعات الحكومية والمسؤولين من جهة والإعلام والصحافة من جهة أخرى تحديداً ليست بالمستوى المطلوب، ولا زالت تشهد تذبذباً ملحوظاً في مختلف وسائل الإعلام في عملية التواصل، بالرغم من تطور قنوات الإعلام نرى إجحام بعض القطاعات عن الإعلام، مشيراً إلى أن تفاوت استيعاب أهمية دور الإعلام لدى مختلف القطاعات الحكومية، فمنهم من هو منفتح على وسائل الإعلام بل ويبحث عنها إيماناً منه بحق الفرد في المعرفة وأهمية دوره في إيصال المعلومة والخدمة والتطوير وسماع الشكاوى، وأن الفرد شريك لا يستثنى في نجاح القطاع، وهناك ما هو عكس ما ذكر تماماً، كما أرجع إلى أن هناك قطاعات تعتقد أن الإعلام بوسائله المتعددة المقروءة والمسموعة والمرئية ما هو إلا مراقب يبحث عن سقطاتهم وزلاتهم لذلك يتهربون من الإعلام حتى لا يفتضح ضعفهم ومستوى أدائهم، لافتاً إلى ضعف العاملين على الأقسام الإعلامية في القطاعات المختلفة واصفاً الغالبية منهم بأنهم مجرد موظفين يتبعون لقطاع ما دون أن يكون لديهم التخصص المهني والقدرة والكفاءة على تطوير إداراتهم، ومعرفة الرد المناسب لكل موقف وكل سؤال من الجمهور، مضيفاً أنه ومن خلال التجربة الإعلامية أن القطاعات العسكرية أكثر تنظيماً وأكثر تفهماً لأهمية دور الإعلام وأكثر انفتاحاً من الجهات الحكومية الأخرى وأسهلها في خدمة التعامل مع الصحفي أو المتابعة بالتعقيب على الكاتب. تلميع إعلامي وأكد علي الشمالي -أحد منسوبي التدريب التقني والمهني- أنه يجب أن نسد أوجه النقص والقصور في وسائل الإعلام، مشيراً إلى أن مسؤولي العلاقات العامة في الوزارات والإدارات الحكومية يعتقدون أن مهمة الإعلام هي التلميع، مطالباً بأهمية الشراكة النزيهة بين الطرفين. وأضاف: إن العلاقة مشوهة ومتوترة من أمور عدة؛ فالصحافة تدار برؤوس مالية، وهذا ما يجعل إدارات حكومية تضغط عليها بشكل مباشر، وهذا للأسف يؤكد أنها أشبه بدكاكين إعلانات، وتخفق إخفاقاً واضحاً من حيث تأهيل الطاقات، مؤكداً على أنه من المفترض على الصحف أن تمارس نقداً فاعلاً، فهناك بعض الصحفيين يغطون ما يريده المسؤول ويتجاهلون الآراء والانتقادات، وهذا للأسف لا يخدم الإعلام، ولا يخدم الوطن، مشيراً إلى أنه من المحتم علينا الإيمان بأن النقد هو أساس الصحافة، وهذا ما يجب على الجهات الحكومية أن ترحب به، مطالباً الكتاب بأن يتسم نقلهم بالموضوعية وتوفر المعلومة. مسؤوليات الصحفي أمام القارئ والمجتمع تفرض عليه تجاوز علاقاته الشخصية مع المسؤول علاقة المسؤول بالإعلام بحاجة لأطر جديدة من الشفافية د. توفيق السويلم د. عبدالله المغلوث علي الشمالي العميد متقاعد عبدالله القصادي بندر آل مفرح