لا أظن أن سباكا يعمل في المملكة تعلم السباكة في بلاده أو في معهد تدريبي. أخذوها بالفراسة على حسابي وحسابك وطوبى لمن أجاد. إذا كان لأجور العمالة المتدنية فائدة ظاهرة فإن مساوئها أكثر من أن تحصى. الأجور المتدنية تسهل الخروج من العقد وتسهل الإهمال وتسهل التنازل عن الاتقان وحتى عن الفلوس نفسها. عند فشل العامل في إصلاح المطلوب فلن تطول المسألة، لن تذهب إلى البوليس أو المحكمة. أقصى ما تستطيع أن تفعله أن تقوله له (فارقنا ولعد أشوفك). البلاد بدأت تأخذ وجهة جديدة. بدأنا نسمع أصواتا تشتكي من الغلاء ومن الصعوبات في الميزانية المنزلية. لكي نراجع الأمر علينا نسأل هل كنا في حالة رخاء؟ الكهرباء الرخيصة والعمالة الرخيصة والمياه الرخيصة وغيرها من الأساسيات الرخيصة هل كانت رخاء بالمعنى العملي لهذه الكلمة. إذا كان والدك يصرف عليك هل تسمى هذا رخاء. هل الرخاء هو التخلي عن المسؤولية. الخدمات والاحتياجات الأساسية هي الحياة. فبقدر تقديرنا للحياة يجب أن يكون تقديرنا للخدمات الأساسية. هذه الخدمات من الضرورة أن نحصل عليها ونحترمها في نفس الوقت. في مسألة العمالة واحتياجات الصيانة مثلا يمكن ان نحصل على معظمها وأجودها تقريبا بالمجان. ثمة إصلاحات لا حصر لها يمكن أن يقوم بها أهل البيت بأنفسهم. الرجل والمرأة على حد سواء. كنت أشاهد في أفلام السينما أو المسلسلات الأمريكية لقطات في كراج السيارة المنزلي. ألمح أن الكراج أقرب أن يكون ورشة. معدات إصلاح سيارات ومعدات سباكة وكهرباء وغيرها وشاهدت هذا في كندا أيضا. لاحظت في كندا أن هناك محلات تؤجر الأدوات الاحترافية الثمينة التي لا يمكن أن لأحد أن يقتنيها في المنزل إلا إذا كان يعتمد عليها في عمله الاحترافي. اكتشفت أن حرص الكنديين على القيام بهذه الاعمال بأنفسهم يعود إلى العمالة. السباك أو الكهربائي في كندا يتقاضى أجر كراج قلب. حتى عند إصلاحه توافه المشاكل في منزلك سوف يهز ميزانيتك. ليس لأنه عامل جيد وإنما لأن الأجور في كندا عالية جدا. بدأت أعرف سبب امتلاء كراجات بيوت الأمريكان بالمعدات. العائلة الأمريكية المتوسطة الدخل تضطر أن تصلح أشياءها بنفسها. لا تلجأ إلى المحترفين إلا في الحالات الضرورية. قبل عصر النت توفرت في مكتبات الغرب موسوعات تعرف (أصلحه بنفسك). سباكة وكهرباء وإصلاح سيارات ونجارة وغيرها مما يحتاجه المرء في حياته اليومية أو في المنزل. تحولت كل هذه الكتب والمراجع إلى النت وأصبحت مجانا. تستطيع العائلة في المملكة الآن أن تقلل من مصاريفها في الصيانة إلى أدنى حد وتضمن في نفس الوقت صيانة حقيقية وجيدة. كما هي حال العائلات الكندية المتوسطة. لم تأت روح المبادرة عندهم لأنهم متحضرون إلى آخر المديح المعهود بل أجبرهم ضغط المصاريف. لماذا أعطي هذا السباك أو ذاك الكهربائي خمسمائة ريال وأنا قادر أن احتفظ بها. تستطيع أن تدهن البيت وتبلط المساحات الصغيرة وتصلح انسدادات الحمامات وتركب أدوات المطبخ. لا تنسى فهذا السباك الذي تستعين به في الغالب إنسان غير متعلم. ما تعلمه يمكنك أن تتعلمه وبسهولة. تزايد الأسعار الأساسية يمكن التصدي له بقليل من الحكمة أولها تغيير نمط الحياة والبدء بالاعتماد على النفس.