جميعنا يعرف التعليم الخفي ذلك الشبح الذي تحرك في بعض مدارسنا واقتنص بعض أبنائنا وبناتنا وحولهم لخصوم لنا.., بل وبالغ في شره وحول بعضهم لذئاب وأحزمة ناسفة...., وجميعنا يعرف عن مدعي العلم الذي يشاركنا توعية شبابنا في وضح النهار ويشاركنا طعامنا وخيرات بلادنا ويستظل بسمائنا ثم في الخفاء يجند أبناءنا لتنفيذ أجندات خصومنا بل ويضربنا في الصميم تحت شعارات دينية لا أساس لها من الصحة. وجميعنا يعرف أيضا عن التمويل الخفي الذي كان يقتطع جزءا من صدقاتنا وحبنا للخير فيأخذه بحجة حفر بئر أو إطعام يتيم في أقاصي الكرة الأرضية..., والاقتصاديون يعرفون كثيرا عن الاقتصاد الخفي.., والأطباء يحذروننا من القاتل الخفي. العمل في الخفاء يعني الاحتماء من أشعة شمس القوانين وتشريعات المحاسبة, الخفافيش تكثر حركتها ونشاطها في جنح الظلام. اليوم سأحدثكم عن التعميم الخفي وهذا التعميم يكثر في الشأن النسائي حيث تتسع قاعدة المسرح ويكثر الأبطال ويسهل التأليف وتتسع قاعدة سد باب الذرائع في الشأن النسائي لدرجة أن البعض يفتتح إبداعاته الإدارية بذلك...؟ وتلك التعاميم تصبح مع الوقت ذات سلطة عالية ويصعب الخروج عنها رغم أنها من الناحية النظامية ليست قوانين وبالتالي الخضوع لها ليس ملزما فيما لا نص نظامي له والتعميم يجبه تعميم. التعميم الخفي ينطلق بسرعة الصاروخ في منظومة المؤسسات الحكومية في كل شأن نسائي حيث الحذر عال والتوقعات السلبية غالبا حاضرة في ذهن البعض والقلق من ضعف المرأة وانكسارها ووهن عقلها مازال موجودا عند البعض رغم كل الإنجازات التي حققتها المرأة السعودية ورغم انتصار صانع القرار السياسي لها....., وآخر إبداعات التعميم الخفي هو منع النساء من البيع في ما يعرف بسيارات (الفود ترك) المنع يأتي الآن تحت مظلة تعميم خفي, مع أن فتياتنا قمن بهذا النشاط قبل أكثر من سنتين ..؟؟ هل حدث خطأ من إحداهن حاسبوها وإن تطلب الأمر عاقبوها وفق القانون وليس التقدير الشخصي ولا تغلقوا باب عمل عن كل النساء....؟ عشرات المفحطين تسببوا في حوادث مميتة لم نجد تعميما خفيا يمنع الشباب من القيادة....؟ التعميم الخفي حان الآن وقت اجتثاثه من أساسه وعدم الأخذ به انطلاقا من الأمر السامي (33322 ) الذي أكد حق المرأة في الحصول على خدمات الجهات الحكومية دون الزامها بموافقة ولي أمرها. فليس من الحكمة بعد الأمر السامي أن تستمر بعض المؤسسات الحكومية في تعاملها مع المرأة تحت سلطة تعاميم وتطلب موافقة ولي أمرها في كل شأنها, وتتجاهل أنظمة تم اعتمادها من سلطات أعلى, خاصة وأن مضمون الأمر السامي أكد تأسيس مستوى متقدم من أحقية المرأة في الانتفاع من الخدمات الحكومية باعتبارها مواطنة مستقلة... بل وحث على توعيتها بذلك وأيضا توعيتها بالاتفاقيات الدولية بعد أن سادت لسنوات معلومات خاطئة خاصة عن اتفاقية السيداو. مثلا المحكوم عليها وبعد انقضاء محكوميتها لا تخرج إلا بحضور ولي أمرها واستلامها وفي حال رفض تبقى إلى أن تقوم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بتوفير مكان لها أي خروج من سجن عقابي إلى سجن آخر علما أنها ارتكبت الخطأ دون علم وليها وعوقبت دون الالتزام بموافقته..؟ أيضا السؤال هل يتم ذلك مع الرجل...؟ بعد قرار وزارة التعليم الأخير لا بد أن تقوم بقية المؤسسات الحكومية بمثل ذلك وأولها إلغاء التعاميم الخفية والإبقاء فقط على الأنظمة التي أيضا نتمنى من مجلس الشورى العمل عليها أكثر وعدم التركيز على التوصيات.