[ من يتابع بتعمق واقع الحال ويستقرئ بعمق المشهد الاجتماعي في الشأن النسائي سيجد أن أغلب الشأن النسائي يخضع للعرف أكثر من خضوعه لمظلة القانون.... ففي الوقت الذي يؤكد نظام الحكم على المساواة بين المواطنين نساءً ورجالاً في الكثير من أمور حياتهم نجد أن الشأن النسائي يخرج بقوة من عباءة القانون ليرتقي بكل ثقه في تلابيب عباءة العرف الاجتماعي والغريب أن المجتمع يحترم هذا العرف بل وبكل ثقة لا يجد رجل الجوازات أي حرج في طلب ترخيص السماح لتلك المرأة بالسفر وقد تجاوزت الخامسة والأربعين والنظام يسمح لها بالسفر ولكن العرف الاجتماعي قفز بقوة من كاونتر رجل الجوازات في المطار ثم رفض سفرها لأنه لا يوجد موافقة ولي أمرها بالسفر.... السيدة كانت ذاهبة مع ابنها للعلاج ومعها ملف كامل يثبت ذلك ولكن لا شيء يستطيع الوقوف أمام سطوة العرف في الشأن النسائي.... إليكم جزءًا آخر من المشهد إذا أرادت سيدة تأسيس مشغل نسائي فعليها الحصول على إذن من عدة جهات تأتي في مقدمتها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر....، بينما إذا أراد رجل أن يفتتح محل خياطة سيكفيه موافقة جهة حكومية واحدة.... بالطبع لا أريد تعقيد الأمور على إخوتنا الرجال بل أريد تبسيط الأمر على نسائنا والتعامل معهن وفق منظور قانوني يتسق مع أنظمة البلاد التي تساوي في الكثير من أمورها بين الجنسين وبما يتفق فعلاً مع الشريعة الإسلامية وليس العرف الاجتماعي... العرف الاجتماعي محور مهم في منظومة الثقافة المحلية بل وفيه الكثير من القيم الفاضلة ... ولكن يبقى عرفاً وبالتالي ومن منطلق تكوين المجتمع الحديث ودولة المؤسسات فإن إعطاء العرف درجة عالية من الهيمنة على الشأن النسائي إلى درجه أن القانون يتدثر خجلاً أمامه...يثير أكثر من علامة استفهام... في كثير من حقوق المرأة التي كفلها الشرع نجد أن خلف ضياعها العرف... مثلاً كثير من النساء لا يأخذن حقهن في الإرث بل ويحرمن منه بكل صلافة تحت طائلة العرف... وأيضاً يتم عضل بعضهن وحرمانهن من الزواج أيضاً بسبب العرف فابنة العم لابن العم بينما ابن العم يمكنه أن يتزوج ممن شاء بل ويمكنه أيضاً أن يحصل وبالنظام على حق الزواج من الخارج أما هي وبسلطة العرف وقوته... عليها أن تقبل قرار ولي أمرها في كل شأنها... وحين تخطئ وترتكب أي جريمة نجد أنها كاملة الأهلية في استحقاق العقاب بالنظام... ثم وبسلطة العرف نجد تلك المراة التي انقضت محكوميتها تحتاج لمن يستلمها عند الخروج وحينها ولأن العرف لا يقبل حماقات النساء فقد لا نجد من يستلمها لتعود مرة أخرى لمؤسسات اجتماعية تحتويها بصرف النظر عن الملائمة من عدمها ... العرف مكون ثقافي اجتماعي بمعنى انه يحكم بكل مكوناته الكثير من سلوكيات الأفراد رجالاً ونساء ولكنه في مجتمعنا لم يكتف بذلك مع النساء حيث بات نداً قوياً للكثير من التشريعات والنظم وبات صاحب سطوة فهو يمنع النساء من السفر والميراث والزواج واستكمال التعليم.. بل ويقف بكل شموخ أمامها متسائلاً سيدتي أنا العرف أنا من جعلهم يتغنون بك درة مكنونة وجوهرة مصونة... أنا العرف من جعلهم ينسون حقوقك الشرعية ويتذكرون واجباتك فقط...