الموت لا ريب فيه، ويقين لا شك فيه؛ (ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون).. ففي صباح الأحد الموافق 8/10/1438ه، وبعد معاناة مع المرض انتقلت تلكم الجوهرة الثمينة والدتي "الجوهرة بنت عبدالله بن حمد العقيل" إلى رحمة الله تعالى، فرحمها الله رحمة واسعة وأسكنها فسيح جناته.. فلم أجد سبيلاً يخفف على قلب ضعيف فقد "أمه" إلا الكتابة، فأسكب فيها الروح والألم والحسرة، فلقد طرق بابنا الحزن حين وقفنا على حقيقة مرة، ولعلمي وإيماني بقضاء الله وقدره سلمت وفوضت أمري إلى الله سبحانه وتعالى إيماناً به وبقضائه وقدره والحمد الله على كل حال. لقد مضت أمي إلى رب كريم رحيم، مضت أمي إلى الله العلي القدير، وأغلق دوننا باب من أبواب الجنة، وهنا مبلغ الحسرة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف قيل من يا رسول الله قال من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة). رحمك الله يا أمي، ولا أنسى في أحد المواقف السابقة حين أقبلت عليها في إحدى المرات وقد رأتني مهموماً مكتئباً عندما رأيتها متعبة ومريضة فقالت لي: يا ولدي وأنا أمك لا تحزن فما من شيء تخشى علي منه، فقد كبر سني وطال عمري والرحيل لا بد منه يا ولدي. لقد فقدت أنسي بفقد "أمي" فرحلت من كانت تدعو لي في حلي وترحالي (يا ولدي الله يوفقك ما وفق عباده الصالحين) وهذه دوماً دعوتها لي فرحمة الله عليك يا أمي. إن فقد الأم غربة وأي غربة؟ إنها غربة مؤلمة موحشة، فلقد انطفأ السراج المنير الذي أضاء دروب حياتي، فمن فقد أمه انطفأ نوره، فكيف بي وأنا أودعك الثرى يا أمي؟ يا أمي.. إن قمة التسامي أن تبتسم وفي عينيك نهر من الدموع، وقمة الصبر أن تمشي يا أمي بين الناس راض وفي القلب جرح يتكلم، وقمة الوفاء يا أمي أن يتواصل برك وإحسانك لكل الناس.. وإذا علمنا أن رحمة الله واسعة انشرح الصدر وهدأت النفس وزال اليأس ونعلم أنك في ضيافة أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، ويا أمي أنت وديعة المعطي والله سبحانه لا يضيع ودائعه.. إن من المؤلم أن تصبح أمك من الذكريات وحين تريد التحدث عنها تبدأ ب كانت أمي. اللهم ارحم أمي واغفر لها، وارضَ عنها وأحلها دار كرامتك وأمانك، ومواطن عفوك وغفرانك، وأسبغ عليها لطائف بِرّك وإحسانك، واجعل يا الله ما أصابها من أمرا ض وأسقام تكفيراً لها ورفعة في الدرجات.