جمعتني المصادفة على إحدى رحلات الطيران بأحد الاخوة العرب من أهل الأهواز الأقليم المحتل من قبل إيران منذ نحو 90 عاما، وبعد سؤاله عن اننا لم نسمع مؤخرا لهم حراكا يرفض المحتل ويطالب بالاستقلال.. رد وهو المتخصص بالتقنية والتواصل المعلوماتي وكأنه يحاول أن يخرج عظمة من حلقه، وتنبهت الى أن هذا حدث من فرط الألم الذي سببه له سؤالي الجائر.. حيث قال: لم نتوقف أبدا عن المطالبة باستقلالنا عن الفرس، ولم نترك مناسبة قومية أو ذكرى الضم " 1925عام الاغتصاب" الا وجابهنا المحتل.. لكن لأن لا مؤيدين لنا ولا صوت خارجياً يدعمنا خاصة من اخواننا العرب فأمورنا من سيئ الى أسوأ. هو شدد على أن إيران تقتلع اقتلاعا كل ما يربطهم بالهوية العربية، وقد أفقرتهم وهم أغنى وأخصب ارض وقتلت قادتهم وسجنت كل من يفتح فمه.. حتى لفظ عربستان الذي تعرف به بلادهم اصبح من المحرمات التي يسجن ويعذب قائلها. وأكد بصوت عربي اجش حزين" نحن عرب ولسنا فرساً" وهم يريدون اذابتنا في اثنيتهم الفارسية وبكل وسائل القمع والترهيب. فالنظام نقل عشرات الآلاف من الاذاريين والفرس إلى بلادنا لأجل تغيير التركيبة السكانية لصالح غير العرب ومنحهم كافة أسباب العيش والسكن والراحة والوظائف . بعد حديث الأخ الأهوازي" الذي ردد الأهواز وليس الأحواز" طفقت اتساءل ما الذي لا يجعل من قضية الأهواز العربية المحتلة من قبل إيران تظهر الى السطح بقوة وتوازي ما هي عليه القضية العربية الكبرى الأخرى فلسطين في ظل الاحتلال الصهيوني ؟..لماذا لا تأخذ هذه القضية الحيز الذي تستحقه، ولماذا هي مغيبة عن المحاكم الدولية ومواضيع الاممالمتحدة، وحتى نقاشات جامعة الدول العربية؟ هل الأمر مرتبط بضعف عربي مركب تجاه إيران؟!. فمن الضروري الالتفات والاهتمام العربي الجاد بالأهواز كقضية ومصير. بحيث يكون هناك مشروع تتبناه جامعة الدول العربية ينطلق من قرار سياسي بأن تمنح دولة الاهواز العضوية الكاملة في الجامعة وحالها كما حال فلسطين حينما كانت عضوا كامل الأهلية حتى الى ما قبل الاتفاق الفلسطيني الاسرائيلي في كامب ديفيد.. وأجزم أن منح الاهواز وعبر قياديها الذين يعيشون في الخارج هربا من الظلم الفارسي التمثيل السياسي الرسمي سيكون السبيل الأول لعملية استعادة جزء عربي مهم من أيدي الفرس الباغين، ناهيك عن أن مثل هذا الأمر سيدعم المشروع الأهوازي ويجعل صوت هذا الشعب العربي المظلوم يبدأ بالارتقاء ليسمعه العالم كله وتتبناه المنظمات الدولية.. غير ذلك فإن مثل هذا المشروع بلا شك سيعيد حسابات إيران التوسعية التي لم تترك بلدا عربيا الا وأوجدت فيه مشكلة ناهيك عن تلك التي افسدتها تماما. نؤكد على ذلك ونحن حينما نطالب بالحقوق الأهوازية فنحن لا نتجنى على الجغرافيا ولا على التاريخ فسكان الاهواز عرب حقيقيون بطائفتيهم السنية والشيعية يعانون كل أنواع الظلم والتمييز العنصري، والتاريخ يثبت أنها بلاد عربية كانت بمسمى عربستان وحتى الدولة الصفوية تعاملت معها على ذلك، غير أن المكر الفارسي غير الاسم الى خوزستان لأجل طمس المعالم العربية منها؟!. العبث الإيراني والظلم لأهل الاهواز قد قلب المعادلة بين أهلها الى فقر مدقع مقابل أن ارضهم "الأهواز" في مقاييس الثراء الطبيعي هي الأثرى تماما على وجه الخليقة ففيها ثاني أكبر احتياطي غاز في العالم، واحتياطي نفطي يبلغ 183 بليون برميل ، ناهيك عن الثروات الزراعية والأنهار الجارية وكمية المعادن الكبيرة المكتشفة في أرضها. أقول بعد أن تمادى الفرس إن افضل وسيلة لكبح جماح الارهاب الإيراني هو العمل على نقل المعركة معه الى الداخل، ومن خلال الحقوق الاصلية التي ابتلعتها كما حق الاهوازيين بايقاف المد الفارسي لطمس الهوية العربية، وهو الأمر الذي يفعله نظام طهران بذكاء خوفا وتحسبا لأي إجراء مستقبلي من المرجح أن تقوم به الأممالمتحدة في الإقليم وهو تطبيق الحق في تقرير المصير من خلال الاستفتاء العام الذي تطالب به القوى الوطنية المحلية. علينا ان نجعل من قضية الاهواز قضية عربية كبرى أولى ننشئ لها المكاتب الرسمية ونعلي من القيمة الدبلوماسية لها بتواجدها في جامعة العرب وكل الهيئات والمنظمات الدولية التي نستطيع التأثير فيها.. والامر لن يكون صعبا في ظل أن الأهوازيين بجهود ذاتية بسيطة اصبحت قضيتهم تمثل عنصرا مهما في ملف حقوق الإنسان في الأممالمتحدة ، غير انتزاعها أول اعتراف دولي بالقضية تمثل في انضمام الشعب العربي الأهوازي بصفة رسمية لعضوية منظمة UNPO "منظمة الشعوب والأمم غير الممثلة في الأممالمتحدة" وكذلك طرح القضية الأهوازية بشكل متزايد في التقارير الصادرة عن الدوائر الغربية ومنها وزارة الخارجية الأميركية ووزارة الداخلية البريطانية والمؤسسات الحقوقية. ختام القول فالقضية الأهوازية لا تحتاج إلى منظومة بناء سياسي معقدة أو حتى جديدة حتى يتردد صاحب القرار في الجامعة العربية بصفة عامة ودول مجلس التعاون الخليجي بصفة خاصة بتبنيها.. فقط نفعّل دورنا كعرب تجاه من ينتمون لنا بإعلاء المنابر لايصال صوتهم.. وتمكينهم من طرح قضيتهم العادلة في كل مكان وحين أي اجتماع سياسي او حقوقي.. والأهم دعم النضال الداخلي لهذا الشعب المظلوم، بالعمل على كل ما بوسعه مدهم بالسلاح والعتاد والمال، ولا نعتقد أن هناك أفضل من هذا الوقت الذي بدأ الغضب العالمي على السلوك الإيراني يتنامى بفعل جرائمها وارهابها ولا سيما انها الآن تسيطر على اربع عواصم عربية دمشق وصنعاء وبيروت وبغداد.. واذا لم تنشغل بداخلها فإن ارهابها سيمتد ليبلغ عواصم أخرى.