عرف محمد المسحل كرة القدم ومارسها عبر نادي الاتفاق، قبل أن ينضم لعضوية مجلس الإدارة متسلحاً بتأهيله الأكاديمي والخبرة في العمل لدى كيانات وشركات كبرى، قبل اختياره رئيساً لإدارة المنتخبات الوطنية في اتحاد كرة القدم إبان رئاسة الأمير فيصل بن فهد، ويعود ذلك إلى أنه مهتم بالتخطيط الاستراتيجي، وقدم مشروعاً مختلفاً لتطوير المنتخبات، ولكنه فجأة ابتعد من دون أن يرى مشروعه النور، ثم عين أميناً عاماً للجنة الأولمبية السعودية ولم يستمر. "الرياض" التقت بالمسحل وطرحت على طاولته العديد من الأسئلة في محاولة للكشف عن العديد من خفايا عمله في منظومتي الرياضة وكرة القدم السعوديتين. * دخلت الوسط الرياضي عبر المنتخبات، واختفيت فجأة، يبدو أن ثمة أموراً منفرة لم تتمكن من التعامل معها. «المتخصصون» أفشلوا خطط الكرة السعودية.. والشفافية في المنتخبات معدومة بعض مسؤولي هيئة الرياضة يجهلون الأنظمة.. والاتحادات بلا جمعيات عمومية «الأولمبية» الدولية أنذرتنا ثلاث مرات.. وخمسة أشخاص ورطونا بعقد ريكارد * للتوضيح فأنا لست مستجداً في الوسط الرياضي وكنت لاعبا اتفاقيا عام 79، ومارست كرة القدم والتايكوندو طبقاً للأنظمة القديمة، وحققت ثلاث بطولات على مستوى المملكة وشاركت مع منتخب التايكوندو وكنت أصغر اللاعبين وقتها تقريباً وربما أصغر من حصل على الحزام الأسود، وفي كرة القدم وصلت إلى درجة الشباب في الاتفاق، بعدها انضممت لعضوية الإدارة الاتفاقية ل11 عاماً وعملت مع أسماء كبيرة مثل عبدالله الدبل رحمه الله وعبدالعزيز الدوسري وهلال الطويرقي وعبدالرحمن البنعلي ويوسف السيد وخليل الزياني وغيرهم، ولا زلت داعماً للاتفاق وكنت مسؤولاً عن الفئات السنية في الاتفاق وغيابي المفاجئ، لأن هناك تحديات وأموراً منفرة ليس لصعوبتها بل لأنها مؤسفة وأحياناً تكون مقززة، مثلاً اطروحات الإعلام الرياضي وطريقة تفكير المسؤولين وتحريك الجماهير، كان أمراً يمثل حاجزاً أمام أي مسؤول ينشد التغيير، عندما انتقلت إلى الرياض للعمل في المنتخبات وفوجئت بحجم الحنق من كثيرين تجاه أندية معينة، وموضوع الميول مؤثر جداً في المجتمع ويتجاوز نطاق الملعب، وهذا كان صاعقاً، والأمر الآخر يتعلق باتخاذ القرارات، فكل قرار يُتخذ يتم التعامل معه بالميول، أو كما أسميه ب"النظارات الملونة"، هذا يسبب القلق لكل من يعمل وكنا نتعرض لاتهامات تصل إلى الأسرة وتؤثر حتى على الصحة خصوصاً في تلك المرحلة. * كيف رأيت الأوضاع عندما تسلمت إدارة المنتخبات الوطنية؟ * كان المنتخب الأول للتو تعرض لأكبر نكسة برأيي في تاريخه، وهي الخروج من كأس آسيا مطلع 2011، وبعدها توالت الإخفاقات، حاولنا تقديم عمل على مستوى الفرق السنية، حققنا نتائج جيدة خليجياً وعربياً وإلى حد ما دولياً مثل تأهلنا لكأس العالم للشباب في كولومبيا، لكننا لم نوفق في ملف المنتخب الأول الذي كنت لا أرغب بتوليه، وعدم التوفيق أسقط كل ما عملنا على تطويره. * هناك من يقول إن سياستك المبنية على التخطيط طويل المدى لم تناسب اتحاد أحمد عيد، ما دفعك للابتعاد، ما تعليقك؟ * لا بد من التوضيح أن العمل مع الفئات العمرية هو على المدى الطول، هذه الفئات متعددة ولا بد للشارع الرياضي أن يدرك هذا الأمر لأن العمل في هذه الفرق مختلف طبقاً لتاريخ الميلاد، ونحن أخذنا بثلاث تجارب من الاتحادات الكروية في ألمانيا وهولندا وإيطاليا، وعملنا مبني على خطط بعيدة المدى، ولا يمكن أن يكون على فترات قصيرة، وفيما يتعلق باتحاد أحمد عيد فهو حضر بعد مضي 20 شهراً من عملنا وكنا نحقق نتائج مميزة للغاية إقليمياً وتأهلنا لكأس العالم وكدنا أن نتأهل إلى كأس العالم مرة أخرى لولا عدم تعاون بعض الأندية في الحصول على خدمات اللاعبين، وعندما حضر أحمد عيد سلمته خطة عملنا وملف متكامل، وعرضت عليه استمرارية إشراف اللجنة الأولمبية على المنتخب الأولمبي والفئات السنية لوجود أشخاص عملوا معي في المنتخبات وانتقلوا معي إلى الجنة الأولمبية وخبراتهم واسعة في هذا المجال، أعطاني عيد الموافقة مبدئياً، لكن يبدو أن أعضاء الاتحاد رفضوا الفكرة، ولا أخفيك أن هناك اتفاقاً مبدئياً بهذا الخصوص، هذا كل ما حدث لأنني كأمين عام للجنة الأولمبية لا يمكن أن أعمل في الاتجاهين وكان بالإمكان أن يكون هناك فريق عمل من اللجنة يشرف على هذه المنتخبات التي يصل عددها إلى ثمانية. * لكن جميع الخطط التي وضعتموها بتقسيم المنتخبات وتغيير ثقافة اللاعب السعودي واقتباس التجارب الخارجية لم تنجح أو لم تستمر، هل القصور في بيئة العمل التي لم تعد قابلة للتطوير وعلاج القصور في الأندية والمنتخبات؟ * بصراحة الخطط كانت طويلة المدى، مثلاً منتخب مواليد 97 الذين بلغوا الآن 20 عاماً وكنا نخطط لتأهلهم لأولمبياد "طوكيو 2020"، هذا الفريق كان بعمر ال13 عاماً وبتلك الفترة بدأت الخطة لتحقيق الهدف، فإذا لم تستمر الخطة ببساطة ستفشل، الخطط لا تفشل إلا بغياب الدعم والاستمرارية أو غياب المتخصصين، مجرد غياب إحدى هذه الركائز تفشل الخطط، بوادر النجاح ظهرت خلال أشهر وهذا ما يميز الفرق السنية، استمر النجاح الذي أدهش الأخوة في دول الخليج وكانوا يسألوننا عن طريقة عملنا، لكن للأسف لم يكن هناك تعاون خصوصاً من الأندية، نعم بيئة العمل لم تكن قابلة للتطوير وصعبة وكنا بحاجة لقوة أكبر ودعم إعلامي ومالي حتى تصل الأفكار للأندية، لنضع الإعلام جانباً لأن النتائج ستجعله يعطيك حقك حتى وإن كانت بعض الجهات الإعلامية تتصيد الأخطاء، لكن الدعم بشكل عام غاب من الأندية والإعلام بجانب الشح المالي. * محمد المسحل ورط اتحاد الكرة بعقد الهولندي فرانك ريكارد حتى عانى منه الأخير كثيراً.. الوسط الرياضي وجه الاتهام لك، لكن هل هناك من شخصن الأمر معك؟ * سأختصر الإجابة على هذا السؤال، عندما حضرت لإدارة المنتخبات لم أحضر من أجل المنتخب الأول، لكن بعد مرور فترة معينة كان هناك لجنة خماسية مكلفة باختيار مدرب للمنتخب، لكن اللجنة لم توفق بإيجاد هذا المدرب فطلب مني الأمير نواف بن فيصل تولي الملف، كنا ندور حول القارات بحثاً عن مدرب، فاوضنا الأرجنتيني بييلسا والهولندي غوس هيدينك والمكسيكي خافيير أغييري ورفضوا جميعاً، فاوضنا الكثير من الأسماء الكبيرة لكنهم رفضوا، ثم فاضلنا بين البلجيكي برودوهوم الذي ذهب للشباب والبرازيلي ريكاردو غوميز الذي ارتبط معه النصر، وتقابلت مع برودوهوم لكننا وقعنا مبدئياً مع غوميز، وطلب أسبوعا قبل حضوره للمملكة والوقت كان ضيقاً قبل تصفيات كأس العالم وكان يقود المنتخب مدرب المنتخب الأولمبي روجيرو، رفض الأمير نواف أي تأخر لحساسية المرحلة وضيق الوقت، بعدها تواصل معنا وكيل ريكارد وأبدى موافقتهم ووضع شروطه المالية، على الرغم من أنني لم أتواصل معه، فاتضح أن من تفاوض معهم هي اللجنة الخماسية، وكانت قيمة العقد مرتفعة، وحينها كنا تلقينا توجيهاً من الجهات العليا بالتعاقد مع أي مدرب يلبي طموح الشارع الرياضي ودفع قيمة عقده من خارج ميزانية اتحاد القدم. وبعدها توصلنا لاتفاق ووقع معه الأمير نواف وكان من أفضل الأشخاص الذين تعاملت معهم ويمكن للجميع أن يسأل اللاعبين عن تعامله وعمله، لكن المشكلة أنه حضر بعد انتكاسة كبيرة للمنتخب في كأس آسيا 2011 وأصبحنا مع ريكارد جميعاً في وجه المدفع والشارع الرياضي محتقن، واللاعبون تحت الضغط والجماهير غاضبة، كانت أسوأ ظروف من الممكن أن يتخيلها الشخص فضلاً عن الاحتقان من إعلام الأندية. * شخصياً كيف تقييمك للبيئة في تلك المرحلة؟ * قدمت للرياض من المنطقة الشرقية، واكتشفت أن بيئة العمل الرياضي مختلفة تماماً، التعصب كان حاضراً عند معظم الناس، كان القرار والتصريحات خاضعة لتفسيرات على حسب ألوان الأندية، بعد التوقيع مع ريكارد ازدادت الضغوط من الإعلام عن سكنه وتنقلاته وذهابه للبحرين، وأقسم أن الرجل كان يسكن في الخبر، جزء معين من موظفي إدارة المنتخبات عجزوا عن تحمل الضغوط وأصبحوا خارج أجواء العمل. * ما ردك على من يقول إنك لجأت ل"البهرجة" الإعلامية في بداية عملك وأنك تقدم الوعود، وهذا كان سبباً في عدم نجاحك؟ * عندما حضرنا في البداية، اكتشفنا أن الشارع الرياضي لديه مطالب تجاه اتحاد الكرة فيما يتعلق بموضوع المنتخبات وتحديداً تجاه انعدام الشفافية وعدم التعامل مع الإعلام بشكل مهني أو التواصل بشكل جيد، وحينها أنشأنا إدارة إعلامية تتجاوب مع وسائل الإعلام من دون استثناء وتقدم كل المعلومات، وحرصنا على عقد مؤتمرات صحافية بعد كل مهمة سواء نجحنا أو اخفقنا للإجابة على أي تساؤل، عندما تقوم بهذا الأمر يتم اتهامك ب"البهرجة" وإن لم تفعل سيتم اتهامك بعدم الشفافية وعدم احترام الإعلام، ففضلنا الاتهام بالبهرجة على الاتهام بعدم الشفافية، ولم نقدم أي وعود لأنه لا يوجد شخص قادر على أن يقدم وعداً حاسماً في العمل الرياضي غير الاجتهاد والبحث عن الأفضل، كان بعض الزملاء يعمل ل16 لأكثر من 20 شهراً حتى تحولت الإدارة لمنظومة مميزة شكلاً ومضموناً وتثير إعجاب الكثيرين، لا أمتدح نفسي لكن عندما أتذكر التعاطي مع عملنا أشعر بغصة. * هناك من يتهمك بأنك تتفرد بالقرار وتسعى للعمل بمعزل عن اتحاد الكرة. ما تعليقك؟ * جميع من عملت معهم لم أكن أعرفهم مطلقاً سواء في اللجنة الأولمبية أو في الاتحاد باستثناء شخص واحد، لذلك بإمكانك توجيه هذا التساؤل لهم، وهم خير من يجيب، وبالنسبة للعمل بمعزل عن الاتحاد، كانت توجيهات الأمير نواف بن فيصل واضحة وهي أن تكون هذه الإدارة مستقلة تماماً وتعمل بحرية تامة وتتم محاسبة ومناقشة عملها، فيما تكون مهام أمانة الاتحاد مقتصرة على التواصل مع الأندية والاتحادات القارية والدولية، ربما كان هناك صعوبات بالتعاون مع الأمانة بسبب اختلاف وقت العمل فنحن نعمل منذ الثامنة صباحاً حتى السادسة مساء ونحتاج لأعمال روتينية مثل الأختام، ناهيك عن التعامل الإلكتروني كان بطيئاً بيننا وأن لا ألوم أحداً هنا، فهم يعملون وفق إمكاناتهم. o ماذا عن عملك كأمين عام للجنة الأولمبية، كنت تنوي الاستقالة في عهد الأمير نواف بن فيصل وقدمتها للأمير عبدالله بن مساعد.. ألهذه الدرجة لم يكن العمل مناسباً في "الأولمبية"؟ * الأمير نواف بن فيصل طلب مني تعزيز التواصل مع المجتمع عبر اللجنة الأولمبية وهذا أمر جديد في حينه عن العمل في الفترة التي سبقتها، واللجنة كانت تحت مظلة رعاية الشباب –حينها- وكانت الرئاسة ممسكة بجميع مفاصل اللجنة وهذا مختلف عن ما يتم في العالم، الاتحادات الرياضية والأندية يتم التعامل معها من خلال جهة رياضية وليس جهة حكومية كرعاية الشباب (هيئة الرياضة حالياً)، نحن نعلم أن الأخيرة مسؤولة عن توفير البنية التحتية، الإشراف على البرامج الشبابية، والتنسيق مع اللجنة الأولمبية بما يخص مسيرة الرياضة، أي أن هذه الجهة هي الوسيط بين اللجنة الأولمبية ووزارة المالية وكذلك بشأن التوجه الذي يخدم الدولة ولكل دولة توجه وفهم خاص للرياضة، وهي غير مسؤولة عن العمل الرياضي، واللجنة الأولمبية مهمتها الإشراف المباشر على الاتحادات التي لا تملك جمعية عمومية، أما من لديه جمعية عمومية فلديه ممثلون للجنة، وأي خلل يحدث يتم التعامل معه عبر الجمعية العمومية التي لو تعرضت لمشكلة يأتي دور اللجنة الأولمبية، عدا عن الدورات والألعاب الأولمبية وهي مسؤولية اللجنة وكذلك المحكمة الرياضية ولجنة المنشطات، وبالتالي اللجنة مسؤولة عن كل هذا العمل الكبير، والأمير نواف طلب تكريس هذا العمل حتى نبدأ بعزل الاتحادات عن اللجنة بشكل تدريجي، وأقول هذه المقدمة لأن أي حديث عن هذا الأمر الحساس أو "التابو" يلقى رد فعل عنيفاً من قبل أناس في الرئاسة (الهيئة) اعتادوا على أن لهم القرار في الاتحادات، المشكلة هنا أن هؤلاء معظمهم لا يعلمون عن القوانين الدولية التي يجب مراعاتها، جاءنا أكثر من ثلاث إنذارات في عهدي من اللجنة الأولمبية الدولية تتساءل عن قرارات تجاه اتحادات وأندية عن طريق الرئاسة (الهيئة) وليس عن طريق اللجنة الأولمبية السعودية. * وكيف كنتم تتعاملون مع هذه الإنذارات؟ وماذا عن استقالتك؟ * كنا نتعامل مع هذه الإنذارات بطرق مختلفة حتى نتفادى أي عقوبة تصل إلى إيقاف الرياضة السعودية ونجحنا، بالنسبة للاستقالة، كنت أنوي تقديمها في أواخر 2014 لأن اللجنة الأولمبية حينها برئاسة الأمير نواف بن فيصل الذي دعمني ولن أوفيه حقه، كانت تحصل على دعم محدود للغاية فوجودي حينها لم يكن مجدياً، وبعد أن ترك الأمير نواف الرياضة منتصف 2014 عملت مع الأمير عبدالله بن مساعد لخمسة أشهر تقريباً وقدمت استقالتي وطلب مني التريث مرتين لكني أصررت وبصراحة كلا الرجلين لم يقصرا معي وكانا يحملان هم رياضة الوطن. * تتفق مع من يقول إن العمل في اللجنة الأولمبية عشوائي، فضلاً عن الترهل الإداري في الأندية والاتحادات ما تسبب في عرقلة الكثير من الخطط؟ * لا أستطيع القول إن العمل عشوائي في جميع الفترات، ولكن يمكن تقسيم الفترات إذ طلب نواف بن فيصل وضع خطة وتنفيذها، وهذا رد على من يتهم اللجنة بالعشوائية، وأبسط الأدلة أن حضور اللجنة الإعلامي والمؤتمرات وورش العمل كان لافتاً حتى بالنسبة لكم كإعلاميين على العكس من بعض الفترات التي لا تحضر فيها اللجنة الأولمبية إلا مرة أو اثنتين في العام، هذا يدل على أن ثمة عملاً وعلى الأقل نجحنا في لفت نظر الشارع الرياضي إلى أن هناك لجنة أولمبية تعمل من أجل نهضة الرياضة السعودية، وبعد إعفاء نواف واستقالتي، كانت طريقة عمل الأمير عبدالله بن مساعد قريبة من هذه الخطة، في فترة نواف بن فيصل الميزانيات كانت محدودة وكنا غير قادرين على تفعيل هذه الخطط بشكل قوي، لكن عبدالله بن مساعد استطاع تفعيل الخطط بعد توفر الميزانيات، تحفظي على طريقة عمل اللجنة يتعلق بوجود كوادر مميزة لكنها حضرت من خارج المنظومة الرياضية، ومعظمهم لا يملك الخلفية الرياضية فكان من الصعب إعادة الحياة للعمل الأولمبي ونشر الثقافة الأولمبية عبر أشخاص غير رياضيين، وهذا ما تسبب بعرقلة الخطة، أتفق مع من يقول إن الأندية والاتحادات تعاني من ترهل كبير، كثير من الأسماء كان يجب أن يقدم لها الشكر ويتم تجديد الدماء، والأمير نواف بن فيصل نجح بتجديد 50% من الدماء في اللجنة وكانت النية بمواصلة التجديد لكن ربما لا يحدث التوفيق في اختيار الكوادر، لأن العيوب تظهر أثناء العمل وليس قبله. * لكن هل لايزال الخلل موجوداً؟ أذكر أن هناك غربلة في فترة عبدالله بن مساعد استفادت منها بعض الاتحادات وتطورت وأصبحت تعمل، وفي المقابل هناك اتحادات أصبحت لا تعمل، الخلل موجود ولا أستطيع إنكاره ولكن خلال العامين والنصف الأخيرين لا أعلم كيف تسير الأمور داخل اللجنة؟. * هل هناك أشخاص خذلوا محمد المسحل في عمله الرياضي سواء في المنتخبات أو اللجنة الأولمبية؟ ومن هم؟ * هناك أشخاص "بيضوا وجه" إدارة المنتخبات واللجنة الأولمبية، وهم الشريحة الأكبر ولا أريد التركيز على الشريحة الأصغر، هؤلاء هم من يعلمون ويستحقون الشكر، هم يعملون لخدمة وطنهم وليس محمد المسحل أو غيره، هدفنا خدمة المملكة العربية السعودية وشبابها وليس لخدمة أشخاص أياً كانوا، أما من خذلني فأنا "مسامحه" لكن من خذل وطنه فهذا سيحاسبه الله، وفي النهاية المنظومة الرياضية السعودية تحتاج رجالاً يستحقون العمل لخدمة راية المملكة ورفع شأنها. * وهل شعرت يوماً أن العمل الرياضي لا يمكن تطويره على الرغم من كل الندوات وورش العمل والمؤتمرات؟ ولماذا؟ * لا أخفيك، شعرت أكثر من مرة أنه مهما عملنا فلن نتقدم في شيء، لكن ما يجدد الأمل لديّ هو مقابلة شباب سعوديين يتقدون حماساً وثقافة واطلاعا على العمل الرياضي ويرغبون بالتطوير على الرغم من كل شيء وهذا ما يجعل الأمل موجوداً بالله أولاً ثم بهذه الكوادر، الأمر يتعلق بالتثقيف الذي يبدأ من البيت ثم المدرسة ثم النادي حتى يصل لمستوى المنظومة الرياضية، لا نستطيع أن نثقف أي شخص ونعلمه طالما أنه لا يملك الأسس في العمل المهني والأخلاقي في الرياضة، نحن لم نحضر لنثقف العاملين ونعلمهم، حضرنا على أساس تنفيذ أجندة وخطط رياضية، وأرى أن هذا الأمر مقلق لكن الأمل موجود بالتحسن. * قلت في حديث سابق ل"الرياض" إنه لا توجد استراتيجية واضحة للكرة السعودية. هل لازلت عند رأيك بوجود الاتحاد الحالي؟ * لا زلت عند رأيي أنه لا توجد استراتيجية واضحة في الكرة السعودية، وهذا لا يعني التقليل من الكوادر الموجودة حالياً فاتحاد الكرة لا يمكن الحكم عليه كونه في بداية فترته، وأملنا به كبير، لكن بأمانة حتى الآن لم أشاهد أي استراتيجية، وكنت أتمنى أن يملك رئيس اتحاد الكرة الفائز في الانتخابات الصلاحية في اختيار أعضاء إدارته ليتم إعطاؤه الفرصة كاملة لتنفيذ استراتيجيته وأجندته من دون معوقات، لكن هذا لم يحدث، وبالتالي من الصعوبة الحكم على عمل الاتحاد. * عندما كنت مسؤولاً عن المنتخبات تحدثت عن بناء ملاعب مغطاة ومكيفة في المناطق، ألم يكن طموحك مبالغاً فيه في وقت يفتقد عدد كبير من الأندية للمقرات؟ * المملكة كبيرة من حيث المساحة الجغرافية، والرئاسة (الهيئة حالياً) تملك المئات من قطع الأراضي المخصصة في كثير من المناطق، الأندية عندما ترغب ببناء ملعب مغطى لممارسة كرة القدم فهذا لا يكلف أكثر من عشرة ملايين ريال، هذا الملعب سيكون بيئة متاحة طوال ال24 ساعة وقابلاً للاستخدام، الظروف المناخية أحياناً تمنع تطبيق أي نهج جديد سواء في الأندية من خلال التدريبات الصباحية أو حتى في التربية البدنية، حتى على مستوى المنتخبات والأفراد العاديين، الأوروبيون فعلوا الأمر ذاته واستخدموا الملاعب المغطاة للوقاية من الظروف المناخية، خذ مثلاً لاعب التنس الأرضي أو ألعاب القوى الذي يسير على برنامج معين ويتطلب الأمر أداءه لحصة تدريبية ظهراً، كيف سيؤدي تدريباته مع صعوبة الأجواء، ناهيك عن أن الأجواء غير صافية ومليئة بالغبار بمعدل 200 يوم في السنة، هذا هو الحل الوحيد للتعامل مع هذه العقبة، وشخصياً بدأت الاستثمار في هذا المجال. * كيف ترى برنامج تخصيص الأندية في المرحلة المقبلة؟ وما هي نسبة نجاحه المتوقعة وما أبرز العوائق؟ * التخصيص لا بد منه، ولا بد من نجاحه ولدينا رؤية 2030 وهي تحتاج لعمل وتحدي ورجال يؤمنون بأن هذه الرؤية هي مخرجنا من كثير من المشكلات خلال الأعوام ال13 المقبلة ليس في الرياضة فقط بل بمختلف المجالات، نحن نحتاج بشدة لهذا البرنامج، كثير من الأندية ذهبت ضحية لنظام الاحتراف وفقدت لاعبيها بانتقالهم لأندية أخرى والتخصيص سينقذها لوجود موارد لا تقل كثيراً موارد بقية الأندية، ولا ننسى أن الدولة تصرف المليارات على الرياضة والتخصيص سيخفف من الأعباء عليها.، أرى أن التخصيص سينجح لأنه برنامج طموح وسيخدم المنظومة الرياضية والأندية والشباب والدولة، نعم سيواجه بعض العقبات التي لن تكون سهلة لكن متأكد أننا سنتجاوزها. * أخيراً، لو كنت المسؤول الأول عن الرياضة السعودية، ما القرار الصعب الذي ترى أنه لا بد من اتخاذه؟ * أولاً دعني أتحدث عن رئيس هيئة الرياضة محمد آل الشيخ، هذا الرجل يحمل "CV" ثقيلاً ومميزاً جداً خصوصاً في الملفات الصعبة، متفائل جداً بوجود هذا الرجل في هيئة الرياضة واللجنة الأولمبية، وبالمناسبة هو لن يتخذ قرارات سهلة إذ إن كل القرارات ستكون صعبة وأولها هو غربلة المؤسسة الرياضية الرسمية سواء من الجانب الحكومي ممثلاً بهيئة الرياضة أو من الجانب الرياضة وأعني اللجنة الأولمبية، نحن نحتاج غربلة شاملة وحتى تتم لا بد من وضع معايير للأشخاص العاملين في الرياضة ومؤهلاتهم وأهدافهم ونظرتهم للرياضة وشريحة الشباب وكيفية خدمة الرياضة من خلال هؤلاء الشباب، دعني أتساءل عن الأبطال الأولمبيين السابقين، أين هم؟ ولماذا لا يعلمون في المؤسسة الرياضية؟ ماذا عن المنشآت الرياضية والفرق بين منشآت مخصصة للأبطال وأخرى مخصصة للنشء وثالثة مخصصة للمجتمع؟ ماذا عن مستوياتها وتوزيعها الجغرافي والشركات التي تتولى تشغيلها. نحن بحاجة لتغيير الكثير من الفلسفات القديمة التي أكل عليها الدهر وشرب، خذ مثلاً طريقة التعامل مع اللاعب والجمهور واستغلال المنشآت الرياضية لتعزيز موارد الدولة، تخيل أن ملعباً مساحته ضخمة لا يوجد به سوى منفذ واحد للمأكولات ومدخل وحيد للجماهير، لماذا لا تستغل هذه المساحات، وتستغل المناطق المحيطة بالملاعب لتكون مناطق تجارية وترفيهية ومقاهي ومطاعم بهوية رياضية. هناك الكثير من الأفكار ورياضتنا تحتاج لقفزات وقرارات صعبة لكنني دائماً متمسك بالأمل. عدم التأهل إلى نهائيات كأس العالم أثر على الكرة السعودية كثيرا ريكارد حضر بمبلغ كبير ولم يستمر طويلا