تزداد الشكوك أمام تنظيم قطر ل»مونديال 2022» يوماً بعد آخر، فمنذ أن سحب الرئيس السابق للاتحاد الدولي «الفيفا» جوزيف بلاتر ورقة الاقتراع وأظهر اسم قطر كبلد مستضيف للحدث العالمي والأصوات المعارضة ترتفع يوماً بعد آخر وتزداد لا سيما مع كثرة التقارير التي تشير إلى الطريقة الفاسدة التي سلكتها الدوحة للحصول على حق الاستضافة العالمية، وجاء قرار الدول الخليجية ومصر الداعية لمكافحة الإرهاب لقطر ليزيد من الشكوك حول قدرة الأخيرة على استضافة المونديال بمفردها، أمام هذه الشكوك يتردد سؤال في الأوساط الرياضية العالمية: لماذا يجب على «الفيفا» أن يسحب ملف المونديال من قطر ؟ .. لهذا السؤال جواب يتكون من نقاط متعددة، لعل أهمها التقرير الأخير للمحامي الفيدرالي مايكل جارسيا الذي أوضح الطرق اللا نظامية التي سلكتها الدوحة أثناء تجهيز ملفها لاستضافة «مونديال 2022»، فبناءً على التقرير الذي أثار الضجيج من جديد فإنها دفعت مبالغ خفية لأعضاء نافذين في الاتحاد الدولي للحصول على أصواتهم، وهذا الأمر يتنافى كلياً مع قوانين «الفيفا» ومع لجنة الأخلاق التي أنشئت مؤخراً، وكان فوز قطر بملف المونديال قد أحدث صدمة عالمية للمجتمع الدولي الذي لم يرحب أبداً به. ثاني الأسباب التي تدعو «الفيفا» لسحب ملف المونديال من قطر، هو علاقتها المنقطعة مع دول الخليج وبعض الدول العربية، وهذا الأمر يسبب عائقاً كبيراً أمام قدرة الدوحة على إكمال مشروعات المونديال، وبناءً على تقارير اقتصادية فإن قطر تعتمد بنسبة كبيرة على جلب مواد البناء من المملكة العربية السعودية وتجد في ذلك تسهيلات وتعاون كبير، وهو الأمر الذي تفتقده عقب القرار الأخير، إضافة إلى أن ملفها المونديالي كان يعول الكثير على دولتي الإمارات والبحرين ليكونا سنداً معها في استقبال الوفود المشاركة والجماهير الحاضرة للمونديال، فتمثل المنامة إحدى آمال قطر لتكون مساندة للدوحة في احتواء الجماهير وتسكينهم، وكانت الأخيرة تعمل على إنشاء جسر تواصل بين الدولتين ليكون مسانداً في نقل الجماهير بين البلدين، ومع قرار الدول الداعية لمكافحة الإرهاب فإن قطر خسرت مسانديها في التجهيز والاستعداد للحدث العالمي مما سيكون له أثر في قدرتها على الاستضافة. ثالث الأسباب هو سوء الطقس الذي تشهده قطر في فترة الصيف، فدرجة الحرارة ترتفع بشكل كبير مما يكون عائقاً أمام تنقلات الجماهير بين الملاعب ومن وإلى الفنادق، وكان هذا الأمر محل اعتراض رئيس الاتحاد الإنجليزي السابق غريغ دايك الذي يرى أن شدة حرارة الطقس الصيفي في الدوحة يشكل خطراً حقيقياً أمام الجماهير الحاضرة لمشاهدة مونديال كرة القدم. وعلى الرغم من لجوء قطر لفكرة إنشاء ملاعب خاضعة لدرجة تكيف عالية البرودة إلا أن هذا الأمر لا يراه دايك كافياً من وجهة نظره، فهو يرى أن تنقل الجماهير في قطر أثناء البطولة يعد أمراً خطيراً على حياة الجماهير لذا كانت أهم مطالبه هو إعادة فتح باب الاقتراع على ملف الاستضافة بعد استبعاد قطر. الدوحة لا تعترف بحقوق الإنسان «الفيفا» جرّد الإكوادور ونيجيريا من استضافة النهائيات.. وحرم كولومبيا سوء معاملة الدوحة للعمالة التي تعمل على إنشاء مشروعات «مونديال 2022» يعتبر رابع الأسباب، فمنذ أن بدأت الدوحة بعملية الاستعداد للحدث العالمي وهي خصم لمنظمات حقوق الإنسان التي ترى أنها لا تمنح العمالة داخل حدودها أي حقوق للمعيشة في حياة كريمة، وقد طالبت المنظمات في أكثر من مناسبة المجتمع الدولي بالوقوف ضد انتهاكات الدوحة لاسيما على العمالة من الهند والنيبال، ووفقاً لتقارير صحافية سابقة إن معدل الوفيات في الدوحة بلغ رقماً مهولاً نتيجة إجبار العمال على تشييد الملاعب والمنشآت الرياضية تحت أشعة الشمس الحارة وفي أجواء غير مناسبة للعمل، وكانت صحيفة الغارديان البريطانية قد كتبت وفق توقعاتها بناء على الحياة التي تعيشها العمالة في الدوحة أن نسبة الوفيات ستكون بمعدل وفاة عامل كل يوم وهو رقم كبير وخطير في التوقيت ذاته، وكانت منظمات الحقوق العالمية قد ناشدت «الفيفا» بسحب «ملف المونديال» من قطر لإيقاف الانتهاكات التي تتعرض لها العمالة الأجنبية. رعاية الدوحة للإرهاب ودعمها المستمر، هي خامس الأسباب التي ربما تؤدي إلى سحب ملف المونديال منها ومنعها من استضافته، فقواعد الاتحاد الدولي لكرة القدم يعارض كلياً الإرهاب ويقف خصماً له، وقطر -ووفقاً لشهادة دول الجوار- هي أحد أهم مصادر رعاية الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط والعالم بأكمله، وقد جاء هذا التأكيد على لسان وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الذي لم ينف أن دولته داعمة للإرهاب بل أكد على أنها أقل الدول دعماً له، وهذا الاعتراف الرسمي من الدوحة سيضع «الفيفا» أمام ضغوطات المجتمع الدولي وسيرفع نسبة المطالبات بتجريد قطر من حق استضافة المونديال، وقد كانت آخر الأصوات المعارضة هو صوت كلوديا روث نائبة رئيس مجلس البرلمان الألماني والتي طالبت «الفيفا» بتجريد قطر من رعاية المونديال باعتبارها إحدى الدول الراعية للإرهاب. أخيراً، هل يمتلك «الفيفا» الحق في تجريد قطر من ملف المونديال؟ لا شك أنه وفقاً لقوانينه الموضوعة فإن له حق تجريدها من الاستضافة إذا تعرضت الدولة المستضيفة لحدث طارئ وهو ما فعله الاتحاد الدولي في كأس العالم للناشئين 1991م فقد انتشر وباء «الكوليرا» في أرجاء الإكوادور البلد المستضيف مما أجبر» الفيفا» على نقل البطولة إلى إيطاليا، وكذلك نقل الفيفا بطولة كأس العالم للشباب عام 1995 من نيجيريا إلى قطر تحت ظرف طارئ بعد أن انتشر مرض الالتهاب السحائي، ويحق كذلك سحب تنظيم البطولة إن واجهة الدولة المستضيفة مشاكل معينة وهو الأمر الذي تواجهه الدوحة اليوم على أصعدة متعددة، ففي عام 1986 لم تستطع كولومبيا استضافة المونديال لظروفها الاقتصادية فتدخل «الفيفا» ونقلها إلى المكسيك.