في الوقت الذي تستعد فيه أندية المملكة الأدبية لانتخابات مجالس إداراتها في دورتها الثانية من اعتماد الانتخابات يرى البعض أن ثمة تكتلات من أجل رفع أسماء معينة وقد أطلق عليها "تكتلات ثقافية" ولعل الهدف من ذلك حسب رأي الكثير ممن يتزعمون هذه التكتلات ينطوي تحت مصلحة الثقافة ومن هذا الإطار استنطقنا بعض المبدعين والمثقفين والذين تحدثوا بصراحة متناهية في هذا الأمر. تضاد في البداية تحدث رئيس أدبي تبوك سابقاً د. أحمد حسين عسيري، وقال :"إذا ما نظرنا إلى طبيعة الانتخابات وبكافة مستوياتها وأغراضها لوجدنا أنها عرضة للتضاد، وبناء على عاملي الربح والخسارة كطرفي نقيض؛ وهو ما يتمخض عن طرفين يرى كل منهما أنه الأولى بالفوز وكفته أرجح وفق ما أعده من تصورات نظرية وتخطيطية وآلية تنفيذ للوصول إلى قناعات الناخب. وأضاف :" إلى هنا يظل الأمر في مساره المعتاد بتشكل مجموعات متقاربة إيجابياً فيما تراه، وهو أمر طبيعي طالما أن الفكرة أو الرؤية الأساس وما انبثق عنها من خطوات لاحقة تشكل عماداً لما يصب في الارتقاء بالمستوى الأدائي للأندية الأدبية، إلا أنه من الضرورة الأخذ والتسليم بوجود أهداف مشتركة بين الطرفين ويُجمِعان عليها، بمعنى أن الأمر لا يتوقف كهدف نهائي وإيجابي على عناصر أحد الطرفين منفرداً، بل لربما أن هناك من هو موازٍ أو حتى أكثر قدرات وفاعلية ضمن الطرف المغاير لتحقيق هذه الأهداف المشتركة وبأداء وتجانس مقنعين مع العناصر الآخرين؛ وبأن يتم تحري الواقعية والحيادية في العمل لتوسيع دائرة وتنوع المشاركة والانتقاء لتكون على أسس منطقية خارج إطار المجموعات المعدة سلفاً وألا تتوقف حصراً على مبررات لا تمت للأهداف المرجوة بصلة، وهذا هو المطمح الأمثل لمُخرج الانتخاب النهائي والأثر المحمود لمختاريه. استحواذ معيق وبرأيي أن من يرى في إمكاناته ونهجه ومريديه كمالاً أمثلاً وبشكل مطلق، وبمعزل عن كوادر لها تاريخها ومنجزها، وعدم تقبل التطلعات الجادة والمتجددة، إن هو إلا استحواذ معيق، وتعطيل مُبَيت لإمكانات يُتوقع منها الكثير، والنظر إلى الأمور من زاوية أحادية شرعنتها تكتلات الدائرة الضيقة المحيطة، والتي غالباً ما تكون نتائجها عكس المأمول. ومعلوم أن الانتخاب في الأندية الأدبية تعتبر تجربة حديثة نسبياً إلا أنها كافية لإحداث فارق ملحوظ فيما يتعلق بالترشح والانتخاب، وذلك عطفاً على ما شهدته بعضها من تداعيات لاحقة، والتي يمكن تجاوزها في المرحلة القادمة، بل وإمكانية تجييرها كخبرات تراكمية تحليلية ومقارنة لتفادي الأخطاء وتعزيز ما كان إيجابياً لمراحل لاحقة متوقع أن تشهد مزيداً من النضج الانتخابي بأداء واقعي يسعى للتكامل لا للتفاضل المجرد؛ وحتى لا تصبح مجالس إدارة الأندية الأدبية غاية نهائية بحد ذاتها، واعتبارها وسيلة ومحطة أولية تسعى إلى منتظر مأمول بتحقق مراحل مفصلية في الشأن الثقافي العام". لعبة ماتعة وصف عضو الجمعية العمومية بنادي الأحساء الأدبي القاص حسن علي البطران الانتخابات بأنها لعبة ماتعة وفيها تشويق، ومع ذلك لها قوانينها وأنظمتها، إن طبقت هذه القوانين سارت في طريق معبد وأظهرت أهدافها بغض النظر عن طبيعة النتائج التي تسفر عنها ولصالح من.. المهم أنها تطبق بآلية صحيحة وبمصداقية، وإن كانت طبيعة الانتخابات فيها تجاوزات ولكن هنالك من بنود تردعها رغم أن فلسفتها تكمن في الخروج إلى تكوين القوائم والتكتلات وهي أمر طبيعي في عالم الانتخابات تقام لأي مؤسسة مهما كانت نشاطها وتوجهها، ولكن هل هذه التكتلات تخدم العملية الانتخابية وتؤدي الدور الإيجابي منها أو من أجل إقصاء آخرين أم أنها تكون لصالح المؤسسة المعنية أياً كان نشاطها؟ طبعاً ما نراه اليوم من تكتلات هي فقط من أجل إقصاء آخرين لصالح فئة معينة فقط، فأحياناً تجد أن من حشدت الأصوات له ليس له مؤهلات تخدم أو تطور هذه المؤسسة أو تلك، عموماً إن التكتلات التي وصفت بالثقافية تكون على شكل قوائم وقروبات وتجمعات وعادة ما تكون على طيف واحد ولها توجه معين، وليس بالضرورة طبعاً أن تكون سوداء بل ربما يخالطها البياض وإن قل في بعض المناطق فهو يكثر في أخرى، وهذا ما جعلني أميل إلى الرأي الذي يقول بانتخاب النصف وتعيين النصف الآخر في مجالس الأندية الأدبية، تحاشياً لأي تكتل محتمل لا يخدم، ومع هذا ظهرت نتائج في بعض الأندية التي جرت فيها انتخابات نتائج مرضية إلى حد كبير، نعم الانتخابات سياسة عالمية ولها من الإيجابيات الشيء الكبير وكذلك الهفوات. وأكد جابر محمد مدخلي روائي سعودي- أن الثقافة والأدب هما مصدر إلهام لكل الأقوام، وبيئتها تمثل الطهارة الفكرية لأن جميع أطياف المجتمع يرونها مرجعهم وملاذهم الذهني. والمثقف عليه أن يكون حاملاً لهذه الهوية ومتى ما حاد عنها فهناك خلل كبير وخطأ أكبر يرتكبه بحق تجربته ومسيرته الأدبية. وللأسف الشديد هذا هو الحاصل والطاغي على مشهدنا الثقافي مما يحتاج معه وضع قوانين حازمة تقطع الطريق على هذه التكتلات وبرأيي الشخصي لتعود الأوضاع إلى حالة الهدوء وتنتهي التكتلات يجب أن يتم إنشاء لجنة انتخابات جديدة خاصة بالأندية الأدبية مهمتها الأساس البحث في سجلات أعضاء الجمعيات العمومية والتأكد من صلاحية العضوية وانطباق كامل الشروط التي حددتها الوزارة لكي لا يدخل الانتخابات والتصويت إلا من هو أهل للثقافة والأدب ثم فيما بعد عقد عدة جلسات واجتماعات مع أعضاء كل جمعية قبل انطلاق انتخابات ناديها بأسبوع على الأقل تقدم فيها رؤية تامة تشرح الهدف المنشود من وراء الانتخابات نفسها؛ لكي يتم اختيار أعضاء الإدارة لكل ناد عن ذهن ثقافي يعي ما هية ترشيحه وأن الهدف الأسمى هو الثقافة والأدب. وجاهة اجتماعية وأكدت مريم خضر الزهراني "كاتبة وقاصة" أن للأندية الأدبية الثقافية تاريخاً عريقاً يهتم بها الأدباء والمثقفون منذ بدايتها ومستمرة إلى يومنا هذا، ولم يسبق أن سمعنا بما يسمى تكتلات في صروحها لتقوم عليها مسيرة فكر وأدب وثقافة وفنون عديدة من فنون الأدب، فالتكتلات أو بمعنى أصح (الشليلية) تؤثر تأثيراً كبيراً على الثقافي من حيث الأداء والتطوير، لذا ضرورة الدقة والحرص في انتخاب المثقف الذي له فكر وإنتاج ثقافي يخدم الثقافة والحراك الثقافي ولينهض بالحركة الثقافية، ويساهم في بناء المشهد الثقافي، وحقيقة هناك مثقفون ينظرون إلى الثقافة على أنها وجاهة اجتماعية دون أن يكون لديه أي موهبة بالشعر، أو القصة، أو الرواية، أو النقد الأدبي. فالثقافة تحتاج إلى مسايرة ومواكبة متطلبات العصر والإطلاع على كل جديد في ميدان المعرفة، فصروح أنديتنا الأدبية تقدم عطاءات قيّمة لروادها، وتنظم فعاليات هادفة تليق بمقامها ومكانة روادها من مختلف فئات المجتمع نحو الأفضل. لذلك الانتخابات تبتعد عن ما يجرحها ويجب أن تلبس لباس الأمانة والدقة والموضوعية في حسن الاختيار ولا ضرورة للحمية والتكتلات التي تقوم بدافع الفزعة أو النخوة فهي مشتتة للنتاج الفكري بقدر ما هي مفيدة، والعضو المرشح من الضروري أن يقدم للنادي ما هو أهم ليجسد معطياته الثقافية وأساليبها المختلفة في كافة شؤونها ولتصب في مسار واحد هو الارتقاء لأعلى درجات الفكر والأدب، والبعد عن حمى التكتلات التي تقتل الإبداع وتفسده. التعيين أفضل وبدأت سعاد العوض مشرفة تربوية حديثها مستشهدة بالآية الكريمة :(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الأنعام : 153 ، وقالت:" إن نظام التعيين السابق أفضل من نظام الانتخابات لأن في نظام الانتخابات فزعات أو تكتلات (وهي عبارة عن مجموعة من الأشخاص تتفق على رأي واحد ويدافعون معاً عن مصالحهم) تنتج أسماء غير فاعلة ولا تمتلك ما يؤهلها لهذا العمل، أو تكون غير متفرغة له أو ليس لها ولاء لهذا العمل، وأهداف التكتلات واضحة لمصالح شخصية! أين من رشح نفسه لرئاسة أو عضوية مجلس إدارة لناد قبل ذلك؟ أين موقفه من الأعمال الثقافية التطوعية فالرئاسة أو عضوية مجلس الإدارة تحتاج أشخاصاً مخلصين لهم رؤى وولاء للنادي والوطن ولهم مبادرات تضيف للمشهد الثقافي وتحتضن موهوبينا الناشئة من الأديبات والأدباء في مقتبل العمر ودعم المثقفين والمثقفات في المنطقة، ومن يتصف بكل ذلك يستحق الترشيح والتصويت، وكل منا يدعو لديمقراطية لأنها مسلك حضاري وإنساني، ولذلك من هذا المنبر نأمل من وزارة الثقافة والإعلام أن تستحدث لائحة توضح إستراتيجية انتخابات قائمة على الكفاءة والخبرة والمصداقية وتاريخ من يرشح نفسه، ولقد مررت بتجربة مماثلة عندما رشحت نفسي لعضوية المجلس البلدي، التكتلات جاهزة قبل طرح قيد الناخبين، فقد حسم الأمر لمن سيفوز بالعضوية قبل التصويت، تكتلات لا تقوم على الكفاءة، ماكينة الترشيح تقوم على عدد الأصوات !! إن المسؤولية تكليف وليس تشريفاً، الذي يصنع البيئة المنتجة هو الوعي وليس مصالح من يصنع التكتلات التي أدت لتكتلات عملت على مقاطعة مجلس نادينا سابقاً، فامتلاك الناتج الأدبي لأي مثقف ليس مفاضلة على مثقف لا يمتلك ذلك الناتج، وقد يمتلك الأخير رؤى وطنية ترتقي بالوطن والمواطن. جابر محمد مدخلي حسن البطران