"ألسنا بشراً؟ هل نحن غرباء؟ ألسنا إيرانيين؟"، هكذا عبر أحد المشردين في العاصمة الإيرانيةطهران مخاطباً حكومة روحاني المحسوب على التيار الإصلاحي في إيران، بعدما تم طرده من المقبرة التي كان يتخذ من أحد قبورها ملجأً له. بينما يعيش أبناء الملالي والمسؤولون في نظام ولاية الفقيه والأثرياء في إيران حياة الترف بشكل بعيد تماماً عن الصورة التقليدية التي يحملها العالم عن إيران، هنالك شريحة واسعة من أبناء الشعوب غير الفارسية والأقليات في جغرافية إيران السياسية يعيشون ويلات الفقر والإهمال والتهميش المتعمد في البلاد؛ حيث ترتفع نسبة البطالة والفقر والفساد في البلاد بشكل كبير، وسط تباين واضح في الفروض الاجتماعية وغياب العدالة بين طبقات المجتمع، الأمر الذي يزيد من قلق وغضب تلك الطبقة الفقيرة من الواقع الذي فرض عليهم الفقر. ومع استمرار الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد نتيجة للسياسات الخاطئة التي يتخذها النظام في الداخل من قمع وتهميش، يترتب عليها أضرار اجتماعية عديدة، منها انتشار ظاهرة "بيع الأطفال والرضع" في مختلف المدن الإيرانية بسبب الفقر الذي ينتشر بشكل كبير في تلك المدن. وفي ظل ارتفاع نسبة الفقر في البلاد يحذّر النواب في مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) من انتشار تلك الظاهرة الخطيرة في البلاد؛ وذلك نتيجة الفقر المدقع الذي تعاني منه شريحة واسعة من المجتمع، ويضحي قسم كبير من هذه الشريحة بأجزاء من أعضاء جسده، والقسم الآخر بفلذات أكبادهم. وتنتشر في شوارع طهران والمدن الكبيرة لافتات دعائية يعرض الفقراء من خلالها كُلاهم للبيع، بينما الآخر يعرض أفصاص من كبده بأسعار متدنية لا تخطر في بال أحد، حيث يرى فيها الكثيرون إحدى الوسائل للخروج من دائرة الفقر المدقع المنتشر في البلاد. الحرمان والتهميش ينهشان أجسادهم وقلوبهم وعقولهم وأعلن نواب إيرانيون بحسب تصريحات نقلها موقع البرلمان الإيراني "خانه ملت"، عن انتشار غير مسبوق لظاهرة "الاتجار بالأطفال والرضع" في إيران، وإنها أصبحت تجارة رائجة في البلاد، مطالبين بوضع حد للفئة التي تستغل الفقراء، ووضع عقوبات رادعة لها. لكن يبدو أنّ الملالي والسياسيين الإيرانيين لا يريدون حل هذه المعضلة، لأنهم بكل بساطة مشاركون في تلك التجارة الرابحة. ويؤكد بهمن طاهري وهو عضو اللجنة القضائية القانونية في البرلمان، أنّ حالات بيع الأطفال في إيران أصبحت ظاهرة خطيرة، وأصبحت تجارة مربحة لا يعاقب عليها القانون الإيراني. وهذا يدل على أن أيادي في السلطة الحاكمة وراء هذه التجارة التي وصفها طاهري بالمربحة. ولا تختصر تلك التجارة على "بيع الأطفال والرضع"، وإنما وصل الأمر إلى بيع الأطفال وهم في بطون أمهاتهم ويتم تعيين سعر محدد لهم قبل الولادة، وفقاً لما كشفت عنه نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والعائلة شهيندخت مولاوردي، عن ارتفاع نسبة بيع الأطفال، و"هم لا يزالون في بطون أمهاتهم". ورغم انتشار هذه الظاهرة والمخاطر الاجتماعية المترتبة عليها، إلا أن رئيس دائرة الشؤون الاجتماعية في محافظة طهران سياوش شهريور، طالب بحقن النساء والرجال من الفقراء والمشردين بإبر العقم، كحل لأزمة أطفال الشوارع ومعضلة بيع الأطفال، وقال إن "هؤلاء النساء ينجبن الأطفال كماكينة التفريخ، فضلاً على الإدمان والدعارة والإسكان في المقابر". وكشفت تقارير إيرانية بأن جهات إيرانية رسمية متورطة في تجارة بيع الأطفال، مشيرة إلى أنه يتم بيع هؤلاء الأطفال بأسعار متدنية جداً تتراوح بين 30 إلى 60 دولاراً فقط، وأنّ النساء اللواتي ينمن في الشوارع بين الكراتين، يبعن أطفالهن في مستشفيات طهران بعد الولادة مباشرة. ويقول التقرير الذي أعده موقع "عصر إيران" الإخباري، تحت عنوان "بيع الأطفال في طهران"، رصد فيه أحد المستشفيات في شارع مولوي وسط طهران والذي فتح سوقاً خاصاً لبيع وشراء الأطفال، وكشف أن المستشفى يحظى بدعم من الملالي ومسؤولين كبار في النظام الإيراني. وبالإضافة إلى انتشار الفقر والحرمان والتهميش الممنهج فهنالك شريحة واسعة من الشعوب غير الفارسية والأقليات في إيران تعاني من انتشار مختلف الأمراض التي تفتك بهم، بسبب وضعهم المادي والمستوى المعيشي المتدني، وبسبب عدم قدرتهم على تحمل تكاليف العلاج، فترى المرضى يموتون بسبب الأمراض التي أصبحت جزءاً من تاريخ الطب البعيد، فهم ينتظرون الموت لعدم قدرتهم على تحمل نفقات العلاج، ليكون موتهم وصمة عار في جبين السلطة المركزية في طهران. وتتركز المعدلات المرتفعة للفقر في المناطق والمحافظات الحدودية، خصوصاً بالقرب من العراق، فقد كشفت إحصائيات إيرانية رسمية عن وجود نحو 11 مليون مواطن من أصل 80 مليوناً يعيشون تحت خط الفقر، أغلبهم من العرب الأحوازيين والبلوش والأكراد، ويقول مسؤول لجنة "خميني" الإغاثية في إيران برويز فتاح، إن حوالي 11 مليون مواطن لا يستطيعون تأمين حاجاتهم المعيشية الأساسية، كالمواد الغذائية والسكن والتعليم والصحة والمواصلات وغيرها من الحاجات اليومية. ومع استمرار سياسة التمييز العنصري التي يمارسها النظام الإيراني ضد الشعوب والأقليات الدينية والمذهبية، كالأحوازيين العرب، الأذريين، الأكراد والبلوش السُّنّة، فثورة الجياع قد تندلع في البلاد في أية لحظة بسبب انتشار الفقر والتهميش وانعدام فرص الحياة الكريمة التي تنص عليها الكثير من المواد في الدستور الإيراني، وتعبر عن أن النظام في إيران ملتزم بصورة كاملة بأن يكفل لكل فرد من الإيرانيين عملاً مناسباً وحياةً كريمةً، لكن يبدو أن تلك المواد المذكورة في الدستور الإيراني لا تشمل أبناء الشعوب غير الفارسية. ويعاني أبناء الشعوب غير الفارسية والأقليات اليوم أكثر من أي وقت مضى من الفقر والبطالة والحرمان والتهميش، وتتفاقم الأزمة يوماً بعد يوم، ويرجع ذلك إلى عدم توزيع الثروة بشكل عادل على الشعب وانعدام المساواة بين شرائح المجتمع. ..حتى في القبور طاردهم النظام الإيراني قاسم المذحجي الأطفال يُباعون بين 30 و60 دولاراً الشعب على خط الفقر وأمواله تُصرف على الملالي أكراد يعيشون في مخيمات