انعكست تمويلات إيران لحروبها العسكرية في المنطقة، من خلال دعم الميليشيات العسكرية بالمال والسلاح في عدد من العواصم العربية على الوضع الاقتصادي الداخلي، الذي طال بدوره المواطن البسيط مباشرة، مما حدا بالحكومة الإيرانية إلى أن تخطط لقتل الفقراء عبر وسائل غير مباشرة، بحقن المفقرين والمشردين من مواطنيها بحقن تمنع الإنجاب وتسبب العقم الدائم، للتخلص من أزمة التكاثر المثقل لكاهلها، فقد باتت عاجزة عن منع مظاهرها التي انتشرت بسرعة على الشبكات الاجتماعية. وأكدت عدة وسائل إعلام إيرانية محلية من ضمنها وكالة العمال الإيرانية "إلنا" الإخبارية، أن مدير الشؤون الاجتماعية لدى محافظ طهران سياوش شهريور، طرح اقتراحا مؤخرا من أجل حقن نساء العائلات الفقيرة بإبر خاصة تساعد على منعهن من الإنجاب مستقبلا، إلى جانب مطالبته الحكومة بحقن الرجال المفقرين أيضا، من أجل التخلص من تكاثرهم الذي أصبح يؤرق ساسة الحكومة، بسبب العوذ والحاجة واللجوء إلى بيع الأبناء في بعض الأحيان من أجل توفير الحاجيات الأساسية. من جانبها، تعمل المؤسسات الحكومية الإيرانية على غرار وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية والدينية والمشيخات، على حث العائلات الغنية والموظفين الحكوميين على عدم التفكير في الإنجاب، الأمر الذي دفع بالحكومة إلى تخصيص مبالغ معينة للعائلات التي تواجه صعوبة في الإنجاب. ويأتي ذلك، تزامنا مع تقارير صدرت من الأممالمتحدة تتعلق بسكان الدول حول العالم، محذرة من أن سياسة منع الانجاب التي تتبعها الحكومة الإيرانية قد تضعف النمو السكاني في العقدين المقبلين، فيما يتوقع أن يتقلص أعداد السكان إلى النصف ويتراجع إلى ما دون 31 مليون نسمة بحلول عام 2100، في وقت يكرر المرشد خامنئي في خطاباته، أن الدولة الإيرانية تتسع إلى أكثر من 150 مليون نسمة.
أسباب مجهولة بحسب التقارير المطلعة، يعاني نحو 2 مليون إيراني من مشاكل العقم والإنجاب، في وقت أكد فيه وزير الصحة محمد أغاجاني أن العائلات التي تعاني من العقم يمكنها أن تستفيد من مساعدات الدولة، وهو الأمر الذي استغربته عدة جهات مطلعة حول مقدرة الدولة على دفع مثل هذه التكاليف الباهظة واندفاعها في ترويض العائلات العقيمة. ويأتي ذلك، فيما سجلت أعلى معدلات للإنجاب في إيران عام 1983 بعدما تجاوزت النسبة 6.8%، قبل أن تبدأ النسب في التراجع حتى وصلت 1.9%. كما كشفت دراسة تابعة لمنظمة الصحة العالمية أجريت في عام 2012، عن تزايد حالات العقم لدى الشابات الإيرانيات، مما ساعد في زيادة عمليات التخصيب الاصطناعي بشكل مرتفع سنويا، الأمر الذي أرجعه محللون إلى الأمراض المنقولة جنسيا إلى جانب الأسباب الوراثية العادية. تباين المناطق بحسب الدراسات الميدانية، اكتشف الباحثون أن معدلات الانجاب تراجعت في المناطق المحتضنة للطائفة الشيعية مقارنة بالمناطق السنية بواقع 1.3% مقابل 7%، وهو مؤشر يقلق ساسة طهران من احتمالية تزايد المكون السني وتحوله إلى أغلبية في المجتمع الإيراني، في وقت يعيش فيه 15 مليون نسمة تحت خط الفقر بمعدل 20% من إجمالي أعداد السكان التي ستتخطى حاجز ال 80 مليون نسمة بحسب الإحصاءات الأخيرة. وأرجع نواب برلمانيون وسياسيون آخرون معدلات الفقر المتفاقمة إلى سقوط قيمة العملة الإيرانية وتردي الخدمات السياسية لهم، فضلا عن غلاء الخدمات الطبية والغذائية، وتهميش النظام للأوضاع الداخلية والالتفات إلى التسلح العسكري وتمويل الحروب في المنطقة. تناقض الشعارات منذ انطلاق ما يسمى ب"الثورة الإيرانية" عام 1979، وحملها لشعارات العدالة والقضاء على التمييز ونشر الرخاء، تجد أن الإحصاءات الرسمية تناقض كل تلك الشعارات، حيث يعيش نحو 18 مليون فرد في إيران في أماكن غير رسمية وفي عشوائيات قريبة من المدن، وهي مؤشرات تؤكد حجم الحرمان الذي يعيشه ساكنو تلك المناطق العشوائية الفقيرة ومدن الصفيح، بالإضافة للنزوح الجماعي الكبير من مناطق الأرياف نحو المدن الرئيسية، مما ساهم في تكدس أعداد السكان بشكل كبير وأدى إلى تدني الخدمات الأساسية. وكان وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي، قد أكد في تصريحات سابقة، أن 600 ألف إيراني يقبعون في السجون سنويا، إلى جانب 11 مليون نسمة يعيشون في المناطق العشوائية، فضلا عن 3.5 ملايين شاب معطل عن العمل، ومليون ونصف المليون مدمن للمخدرات في البلاد. وتتناقل وسائل التواصل الاجتماعي طريقة عيش المشردين والفقراء في إيران، حيث يعيش نسبة منهم في الجبال والأودية، بالإضافة إلى بيوت الصفيح، أو الاستعانة بقطع الكراتين والنفايات وبيوت الحصير، من أجل الوقاية من برد الشتاء وحر الصيف، في وقت تنعكس فيه مثل هذه الحالات المزرية على الأوضاع الأمنية الداخلية، لتنتشر حالات السرقة والتحرش والاغتصاب، وإدمان المخدرات وغيرها. الاختناق الشعبي بسبب تدني المستوى المعيشي والاجتماعي، بات الشارع الإيراني يشهد مظاهرات احتجاجية ومسيرات متعددة، تنديدا بسياسات الحكومة الخاطئة، واستنكارا لحالات الفساد المستشرية داخل أجهزة الدولة، حيث يتهم المحتجون نظام طهران بتفضيل فئة معينة عن باقي الشعب، والاستفادة من مقدرات الدولة بعيدا عن الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي باتت تندثر وتتسارع نحو الانهيار. ويؤكد خبراء أن الانتفاضة الشعبية للفقراء والمساكين من الأمور التي تقلق النظام ويحاول بكل الطرق إخمادها قبل أن تنتشر بشكل واسع في أرجاء البلاد، في وقت تعددت فيه أشكال التظاهرات المنددة بالحكومة، مثل الاشتباكات المباشرة مع قوات الأمن، والإضرابات المتعددة في قطاعات الدولة والاعتصامات متعددة الأشكال. وبحسب مراقبين، فإن اعترافات مسؤولي النظام الإيراني بمعدلات الفقر والفساد من الأمور المستغربة، وقد يأتي بسبب الاطمئان بعدم الملاحقة، حيث يصرح عدد من المسؤولين الحكوميين بوجود حالات متفاقمة من الفقر والبطالة وتردي المعيشة دون تقديم حلول جذرية تساعد ولو في التقليل من نسب الفقر والبطالة. تضاؤل الدخل السنوي بعد مجيء حكومة حسن روحاني إلى السلطة في عام 2013، لم تف الأخيرة بوعودها التي أطلقتها حول تحسين المعدل المعيشي للمواطن، بل تضاءل الدخل السنوي للعائلات المتوسطة، بسبب سوء توزيع الثروة واحتكارها في عدد قليل من الأغنياء المهيمنين على أكبر قطاعات الدولة. وتشير التقديرات بحسب نشطاء إلى وجود نحو 6 ملايين ثري في إيران، يتصدرهم المرشد علي خامنئي بثروة تقدر ب95 مليار دولار تقريبا، وهو ما أكدته مجلة "فروبس" المتخصصة بأصحاب الأعمال والثروات. وأشارت المجلة إلى أن رجال الدين في إيران، باتوا يمتلكون ثروات كبيرة جدا بعد وصولهم إلى السلطة، على الرغم من رفع شعارات الزهد والقناعة في المجمعات الدينية والخطب الرسمية. وكان وزير داخلية حكومة روحاني قد اعترف في أحد التصريحات المسبقة بأن مسألة البطالة والعيش في الضواحي والعشوائيات وأزمة المياه، تعد من الأمور التي تثير القلق والتوتر في البلاد. خلفيات الفقر بحسب الدراسات والتقارير المتخصصة، تعتمد الحكومة الإيرانية على سياسات خاطئة في انتشال مشكلة الفقر المدقع من أساسها، ولا تعتمد على أسس علمية ودراسات اقتصادية، وهو ما تسبب في تضخم القيمة الشرائية للمواطن، وارتفاع معدلات العجز في الحكومة، وتفاقم معدلات البطالة بين الشباب، وإغلاق عدد من المصانع والمعامل الإنتاجية أبوابها نتيجة الإفلاس، وذلك بالتزامن مع العقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب نشاطات الحكومة والحرس الثوري الإرهابية في المنطقة. ودفعت هذه الأوضاع المتدنية بالعديد من المواطنين للتظاهر والمطالبة بدفع الأجور المتأخرة، واتهام كبار المسؤولين بالرشاوى وتهريب الأموال المتأتية من الموارد الأساسية للدولة. كما فاقمت الأمور المعيشية السيئة من نسب الانتحار واليأس لدى المواطن الإيراني، بدليل انتشار وصف إعلامي في الشبكات الاجتماعية يطلق على المعدلات المرتفعة للانتحار باسم "تسونامي الانتحار"، بسبب تزايد النسب بواقع 6 منتحرين لكل 100 ألف نسمة. وتناقلت وسائل الإعلام الإيرانية والعالمية في الآونة الآخيرة، صورا هزت العالم بأسره، تتعلق بأشخاص باتوا يلجأون إلى المقابر للسكن فيها بسبب غياب ملاجئ ومساكن تأويهم، فضلا عن وجود مقابر أخرى جاهزة تنتظر من يأتي ويقطنها بدلا من دفن الموتى فيها، فيما أدى انتشار تلك الصور إلى مسارعة رجال الأمن في إخراج أولئك الناس من المقابر عنوة قبل أن ينهالوا عليهم بالضرب، حتى لا يتضخم الأمر ويصبح وبالا على الحكومة. تكميم الأفواه أحدثت حركات الاحتجاج في العالم تخوفات جسيمة لدى ساسة طهران من تحول تلك الرياح إلى الداخل، مما دفع الحكومة الإيرانية إلى تشديد وطأتها على المعارضين السياسيين، وتقديم دراسات استراتيجية من قبل الحرس الثوري إلى مكتب المرشد خامنئي، تتعلق بالتصرفات العاجلة فيما لو اندلعت شرارة الانتفاضة في البلاد تمهيدا لإسقاط النظام. وبحسب المحللين الإيرانيين، فإن قوات الحرس الثوري والباسيج، من أقوى أذرعة الحكومة في التصدي للتحركات الاحتجاجية، في حين تشكل العرقيات الأخرى المتكون منها النسيج الإيراني على غرار عرب الأحواز والبلوش وغيرهم، هاجسا آخر لدى النظام يراوده بين الحين والآخر. وبحسب المؤشرات العالمية، يقبع النظام الإيراني في أدنى المؤشرات العالمية المتعلقة بحقوق الحريات الصحفية والشعبية، والأشد فتكا بالمناهضين لسياساته. ثروات الحرس الثوري بحسب تقارير إعلامية مطلعة، تشير التقديرات إلى أن ميليشيات الحرس الثوري تحقق مبالغ خيالية من الثروات الناتجة عن عقود النفط والغاز والسلاح وغيرها، حيث حققت في عام واحد فقط نحو 12 مليار دولار وهو ما يشكل سدس الناتج المحلي الإجمالي الإيراني. ويأتي ذلك، فيما اتهمت وزارة الخزانة الأميركية في وقت سابق شركة النفط الوطنية الإيرانية بأنها مجرد ستار وواجهة للحرس الثوري، بسبب اختبارها لقادة وجنرالات الحرس في إدارة النفط بالحكومات المتعاقبة. ويملك الحرس الثوري شبكات وهمية وعلاقات مع كل المجالات بدءا من عقود النفط والغاز ومرورا بالإنشاءات والعقارات، وانتهاء بالاتصالات والأدوية والغذاء، فيما تسبب خروج شركات النفط الأجنبية من البلاد بسبب العقوبات الدولية، فرصة سانحة للحرس الثوري من أجل الهيمنة على العقود الحكومية دون مناقصات تعرقل من وصوله إلى العقود الرسمية. الحملات المناهضة ومن دلائل خوف النظام الإيراني من الحملات المناهضة له، تعجله في إنشاء ميليشيات الحرس الثوري بعد صعود الخميني في 1979 إلى سدة الحكم، قبل أن يتغلغل في مفاصل الدولة ويسيطر على نحو 70% من الاقتصاد الوطني، من أجل ضمان الولاء المطلق للنظام وطواعيته في قمع أي احتجاجات شعبية مناهضة، فضلا عن حدوث الانقلابات العسكرية. ويبدو خوف النظام بإعدام المعارضين بشكل كبير، حيث شملت الإعدامات خلال أسبوع واحد فقط مؤخرا 30 شخصا بتهم التخطيط ضد النظام، في وقت تعتبر فيه إيران ثاني دولة في العالم من ناحية الإعدامات بعد الصين الشعبية، وشنت عدة منظمات وهيئات حقوقية عالمية عدة إدانات بسبب انتهاكات حقوق الإنسان. كما قامت السلطات الإيرانية مؤخرا بإرسال رسائل تهديد لعدد من الصحفيين في الداخل، محذرة إياهم من ارتباطهم بأي وسيلة اتصال مع أي جهة خارجية تعادي النظام -حسب اعتقادهم-، وتوعدتهم بالملاحقة القضائية والإعدامات إن تطلب الأمر ذلك. فضح القيادات كشف نجل القيادي في عهد الخميني آية الله منتظري في وقت سابق، عددا من التسجيلات التي كانت بحوزة والده، تفضح تنديدات القيادي منتظري بالجرائم والإعدامات التي ارتكبتها أجهزة الخميني أثناء فترة حكمه في الثمانينات ضد حركة مجاهدي خلق المعارضة. وأدت خطوة نجل خاتمي الجريئة إلى رفع دعاوى قضائية والحكم بسجنه 10 سنوات بتهمة التحريض على النظام، و10 سنوات أخرى بتهمة بث تسجيلات صوتية سرية إلى العلن وتعريف الشارع الإيراني بها، من أجل التحريض ضد النظام. وسلطت التسجيلات الضوء على وصف القيادي منتظري للخميني بأنه رجل دموي ومجرم، الأمر الذي دفعه لخسارة موقعه كمقرب من المرشد الأعلى آنذاك والمرشح المحتمل لخلافته قبل أن يوافيه الاجل في عام 2009.