كتب ستيڤن ليكوك يقول: ما أعجب الحياة! يقول الطفل: عندما أشبُّ فأصبح غلامًا. ويقول الغلام: عندما أترعرع فأصبح شابًّا. ويقول الشاب: عندما أتزوج.. فإذا تزوج قال: عندما أصبح رجلًا متفرغاً. فإذا جاءته الشيخوخة تطلَّع إلى المرحلة التي قطعها من عمره، فإذا هي تلوح، وكأن ريحًا باردة اكتسحتها اكتساحًا. إننا نتعلم بعد فوات الأوان أن قيمة الحياة في أن نحياها، نحيا كل يوم منها وكل ساعة". من هذا المثال نجد أنهم وضعوا حياتهم في قائمة الانتظار، علقوا آمالهم على مراحل مقبلة، فقدوا الاستمتاع باللحظة والعيش في حدود يومهم، تعلقوا بالغد الذي هو في ضمير الغيب، ونسوا الحاضر الذي يعيشون فيه بكل جماله، ضيعوا أعمارهم في القلق وجعلوا أعمارهم مراحل ناقصة تبحث عن لحظة كمال. إن الحياة هي ما نعيشها الآن ليس ما ننتظرها غدًا. العيش في حدود اليوم لا يعني تهميش المستقبل، فالترتيب للمستقبل أمرٌ مهم، ولكنْ هناك فارق كبير بين الترتيب له والقلق منه. لا تُمَني النفس بوهم أن حاضرك ناقص، وأنك لن تسعد إلا بتحقيق أمر ما في المستقبل. أنت سعيد في حاضرك، ورتب وخطط لمستقبلك، لتسعد كما سعدت بحاضرك. ولكن لا تجعل حياتك معلقة بمرحلة غائبة وتربط السعادة بها، فكل مرحلة من عمرك لها متعتها ورونقها وبهاؤها. ذهبت سيدة للاستمتاع بجلسة تدليك في أحد الفنادق بين يدي أبرع المدلكات في هذا الفندق، وحينما خرجت سألتُها: ما رأيك؟ أليست تجربة تستحق التكرار؟ قالت بكل سخط: ما هذا؟ لم أشعر بأي نوع من الاسترخاء! لن أكرر التجربة. لم أتوقع ردها المتذمر ولكن ركبنا السيارة ونسينا ما حدث. بينما كنا في الطريق كانت تحكي بأنها في هذه الحياة في حالة ركض مستمر، وأنها لا تستطيع التوفيق بين عملها ومنزلها وأبنائها، وأنها بحاجة لخادمة على وجه السرعة، وكانت تفكر في شراء بعض الأغراض، وتحكي قصصًا قديمة بائسة، وباتت تسطر لي كل أبجديات الشكوى. سألتها ما إذا كانت حاملةً كل هذه الأفكار والتخطيطات معها داخل غرفة التدليك؟ فأجابت: "نعم، المدلكة تدلكني وأنا أفكر في كل ماقلته لك". حينها علمت أنها أثقلت كاهلها برواسب الماضي وتطلعات المستقبل، ولم تعش اللحظة! وهكذا ضاع الحاضر بسبب الانهماك في التفكير في أحداث الماضي والمستقبل، وأهدرت فرصة التدليك الممتعة.