مع كل رمضان تعود الذكريات العتيقة أخذة بنا الى عادات جميلة في المدينةالمنورة من بينها أهازيج الشهر ودوي المدافع، وتبخير الأزيار والدوارق وكاسات شرب الماء بالمستكة والكادي والورد وتزيين مداخل الحارة بألوان الزينة المعروفة والفوانيس والأتاريك، وتبادل أطباق الطعام -الطُعمة-، إضافةً إلى نصب الخيام والمباسط والمراجيح وجمعة الأقارب والجيران، وخياطة الملابس والثياب لدى الجارات، وغيرها. و قال فؤاد المغامسي -باحث تاريخي - في السابق كان التوقيت يعرف بالتوقيت الغروبي أو التوقيت العربي، وكان اعتماد الناس على الإفطار بترقب وقت الغروب وإنارة اللمبة الحمراء في المنارة الرئيسة للمسجد النبوي الشريف مزامنا صوت المدفع الى جانب تنوع المائدة الرمضانية وتبخير الأزيار والدوارق وكاسات شرب الماء بالمستكة، وتطعيم الماء بالكادي والورد، والاتجاه بعد الإفطار إلى المسجد النبوي لصلاة العشاء والتراويح. وأكد د.إسحاق خوجة -باحث ومهتم بتاريخ المدينةالمنورة- إن أهالي طيبة الطيبة كانوا يستعدون لاستقبال الضيف الكريم منذ منتصف شعبان بأشياء كثيرة منها طواف الأبناء ببن المنازل والأحواش والأزقة ومناداتهم لأصحاب البيوت للحصول على الحلويات والمكسرات وبعض النقود المعدنية مرددين الأهازيج الحجازية القديمة المعروفة: «سيدي شاهن يا شربيت»، وقد اندثرت هذه العادات تماماً، كذلك تزيين مداخل الحارة بألوان من الزينة المعروفة والفوانيس والأتاريك التي تزيد إضاءة الحارة ومداخلها، وكنا نرش الماء أمام البيوت لتخفيف الحرارة على المارة، وكنا نتبادل الأطعمة بين الجيران، ومن العادات التي لم تعد كالسابق تفقد المحتاجين من الجيران ممن فقدوا معيلهم أو ظروفهم المادية غير ميسرة ومن المأكولات التي عادت «البليلة» تلك الأكلة المعروفة والمشهورة، التي كنا نتسابق لشرائها بقروش معدودة بعد أن نسمع تلك الأهازيج الجميلة عن هذه الأكلة المحببة للنفس، وكان من المشهورين ببيعها السيد «حكم» في نهاية طريق قربان النازل. وقال د.ماهر مدني -رجل أعمال اختفت الكثير من العادات ومن بينها نصب الخيام والمباسط والمراجيح الرمضانية وتزيين الأحياء وإضاءتها بألوان خاصة، حيث يتعاون الأهالي على تزيين الحي وإضاءته بينما يقوم البعض بنصب الخيام والبعض الآخر بتصنيع المباسط والمراجيح يدوياً من الأخشاب والمقاضيب والحبال والمسامير بأشكال وأحجام مختلفة في وسط الحي وأطرافه يتصدرها عبارات التهنئة والترحيب بالضيف الكريم. وأوضح م.كمال القبلي -خبير هندسي- أن الإمكانات المادية سابقاً رغم بساطتها كانت تفيض خيراً وبركة، يعزز ذلك ما يعرف ب»الطعمة»، حيث يرسل الجيران لبعضهم ما طهوه من مأكولات، وكان رمضان في الماضي يحفل باللقاءات الشخصية والاجتماعات المستمرة بين الأقارب والأصدقاء. صوت المدفع يُعيد ذكرى الأيام الجميلة سفر رمضان تكشف مدى التكافل الاجتماعي