ينطلق الإعلام الأسود في سياسته من أهداف تختلف جذريا عن الأهداف المعروفة التي يحاول الإعلام الطبيعي تحقيقها. فاذا كان الإعلام الحر والنزيه يسعى الى تقديم المعلومة الصحيحة ونقل الصورة الحقيقية للحدث مما يكوّن لدى المتلقي صورة واقعية فإن الإعلام الأسود على النقيض من ذلك. حيث يسعى هذا الإعلام جاهدا الى تقديم المعلومة غير الصحيحة للمتلقي من أجل غسل عقليته ليصل في النهاية الى صورة ذهنية للأحداث المحيطة به لا علاقة لها بالواقع. ألم يقل "غوبلز"، وزير الإعلام فى عهد "هتلر": "أعطنى إعلاماً بلا ضمير، أعطك شعباً بلا وعي"؟! ومن هذا المنطلق تجد الإعلام الأسود لا يتورع عن استخدام أي ورقة في سبيل تحقيق أهدافه دون مراعاة لأي حرمة دينية أو اجتماعية او اخلاقية. ومن صور عملية "الفجور" هذه ما تقوم به آلة الإعلام القطرية من محاولة لاستخدام بيت الله الحرام في حملتها المحمومة ضد المملكة العربية السعودية بعد قرار مقاطعة الدول الخليجية وبعض الدول الإسلامية لقطر على خلفية سياستها المريبة في المنطقة. حيث يتحدث الإعلام القطري عن ما أسماه منع المملكة العربية السعودية للشعب القطري من زيارة بيت الله الحرام وأداء مناسك العمرة. ولكن فات هذه الآلة الإعلامية السوداء ان علاقة المملكة العربية السعودية ببيت الله الحرام أكبر من ان تطالها محاولات التشويه. حيث ينطبق عليها قول المثل "الشمس لا تحجب بغربال". حيث اثبت التاريخ ان بيت الله الحرام وزائريه لم يحظيا على مر تاريخهما بعناية كتلك التي حظيا بها منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله. حيث كانت العناية بمكة المكرمة إحدى أهم ركائز الحكم السعودي. وقد سار جميع ملوك المملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس الى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ال سعود حفظه الله على هذا النهج. ولم تكن العناية فقط مادية بل هناك عناية نفسية وصحية واجتماعية وأمنية لا يوجد لها مثيل في أي دولة من الدول. ومن صور هذه العناية ما نراه على وسائل الإعلام من حمل زوار بيت الله الحرام على كفوف الراحة وهو الأمر الذي يشيد به جميع من زاروا الحرم المكي الشريف. فلم يحصل منذ عهد المؤسس ان قامت حكومة المملكة العربية السعودية بمنع المسلمين أي كانوا من زيارة الحرم المكي. أو أنها قامت بالتمييز بن الحجاج والمعتمرين المسلمين على اساس اللون او العرق او الجنس. ويشمل هذا الأمر الحاج والمعتمر السعودي الذي لا يحظ بأي امتياز كونه سعودياً. ان مثل هذا الواقع في سياسة المملكة العربية السعودية تجاه الحرمين الشريفين وضيوفهما تتلخص في قول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله: "سخرت المملكة العربية السعودية كل امكاناتها لخدمة ضيوف الرحمن، والسهر على راحتهم، وتوفير كل السبل لتسهيل أدائهم لمناسكهم بكل يسر وطمأنينة، ونسأل الله ان يعيننا على ذلك". فهل تريد آلة الإعلام الأسود القطرية بعد كل هذا "ان تحجب الشمس بغربال"!! ان محاولة الزج بالحرم المكي من قبل منظومة الكذب القطرية لتحقيق أهداف سياسية يعتبر امرا مخزيا حيث لم يراع قدسية المكان، بل وقدسية الزمان حيث جاءت هذه الأكاذيب في شهر رمضان المبارك. كما ان مثل هذه الادعاءات الباطلة لم تراع الجانب العقلي ولا النفسي لمليار مسلم. حفظ الله مليكنا ووطننا ومقدساتنا.. * الأستاذ بقسم التاريخ بجامعة الملك سعود