في إحدى حلقات برنامج (من القائل) تحدّث الشيخ عبدالله بن خميس عن قصيدة من قصائد الشاعر حميدان الشويعر وقال عنها: "قصيدة منحدرة تافهة تمثل الشعر المشبوه الذي نشك في أن حميدان الشويعر بيطار الأشعار ينحدر إلى هذا المستوى، وقد أُلصق به وألحق بشعره من أمثال هذه القصيدة محاولة في الحط من شأنه وتقليل مستواه". ومن يتأمل في بعض قصائد الهجاء التي تُنسب لشعراء مبدعين راحلين، ومقدار ما فيها من البذاءة والإسفاف لا بُد أن يتفق مع رأي ابن خميس وأن يستغرب نسبتها إليهم، إذ لا يمكن للمرء تصور أن يكتبوا الشعر بلغة هزيلة وركيكة حتى لو كان ذلك في غرض الهجاء، ومن المؤسف أن بعض المتلقين يحرصون كل الحرص على تداول أسوأ ما في تجربة الشاعر من قصائد في مقابل إعراضهم عن القصائد الجيدة التي هي أولى بالحفظ والتداول، وحتى لو صحت نسبة بعض القصائد التي تتضمن هجاءً أو تجاوزاً من أي نوع للشاعر المبدع فإن في ميراثه الشعري ما يُغني المتذوق عن القصائد التي لو استقبل الشاعر من أمره ما استدبر لما حرص على نشرها. قبل أيام كتب زميلنا القدير سعود المطيري مقالاً رائعاً عن (قصائد التأزيم)، يتحدّث فيه عن ظاهرة القصائد المنحولة التي تهدف لإثارة الفتنة بين الشعراء وبين القبائل، واستشهد بحادثة جرت مؤخراً اُستُهدف فيها الشاعران لافي الغيداني وسعود القت بقصائد سعت لتأزيم العلاقة بينهما وبين قبيلتيهما، والحادثة التي استشهد بها حالة من حالات عديدة توضح وجود أشرار يملكون الكثير من الوقاحة والوقت لابتكار طرق تساهم في إثارة الفتنة بين الناس، وتسعى لتشويه سمعة الشاعر بنسبة أقبح القصائد إليه. وإذا كان هؤلاء الأشرار من شياطين البشر لا يتورعون عن نظم الشعر السيىء على ألسنة شعراء أحياء يعيشون بيننا فكيف نتوقع منهم التورع عن نسبة قصائدهم الشيطانية للشعراء الراحلين؟! احترام الشعر كأدب رفيع يحتم على المتلقي أن يكون على وعي عميق بمثل هذه الأساليب المخادعة، وأن يجتهد في البحث عن القصائد الناضجة والمميزة وعن أجمل ما في تجربة الشاعر من القصائد، فهي التي تُعد من محاسن الشاعر، وهي التي يفخر بها وينبغي لنا أن نذكره بها لأنها هي التي تعكس حجم إبداعه وموهبته، أما تلك القصائد الرديئة أو التي تتضمن إساءة لأي طرف فلا أظن بأن الشاعر العاقل يسعد بتداولها سواء أكان ذلك في حياته أم بعد مماته. أخيراً يقول محمد الذرعي: إليا اختلط حابل ذنوبك مع النابل قل: يا كريم، وتنصّى يمّة القِبله الله غفور ورحيم وللدعاء قابل والتايب اللي قرب لله يقرّب له