لم يعد الفساد الرياضي القطري كما هو الفساد في المجالات الأخرى وليد اللحظة أو حالة طارئة تستمد "لعبتها" بعيدا عن الأنظار ولكنه لعبة انكشفت وأمير قطر السابق الشيح حمد بن خليفة وقرينته يتسلمان كأس العالم إيذانا بفوز قطر باستضافة نهائيات كأس العالم، فمن تلك اللحظة فاحت رائحة الفساد ولم تبق صغيرا وكبيرا إلا وخنقته داخل أروقة الاتحاد الدولي "الفيفا" ووضعته وسط دائرة الشبهات، وهناك من نفذ بجلده بطريقته الخاصة وآخرون وقعوا في الفخ وتلطخت سمعتهم بحبر الفساد الذي رمى بهم إلى مزبلة التاريخ، ونظرا لخطورة هذه الفساد الذي جاء برعاية قطرية خالصة أصدر اتحاد الكرة الدولي "الفيفا" في يوليو عام 2011 قرارا صادما ضرب الرياضة الآسيوية في مقتل وكشف عورتها، وفساد القرارات التي تصدر هنا وهناك، حين أعلن إيقاف القطري محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي وعضو الاتحاد الدولي "الفيفا" آنذاك وحرمانه من ممارسة أنشطة اللعبة مدى الحياة على خلفية تورطه بتهم فساد ورشاوى قدمها أثناء حملته الانتخابية لرئاسة الاتحاد الدولي ومنافسة السويسري جوزيف بلاتر وهذا ما يتنافى مع الأخلاق الرياضية وشرف المنافسة حسب "الفيفا"، وقال حينئذ بتارايوس داماسيب رئيس لجنة الأخلاق في السلطة الأكبر رياضياً أن الاتحاد الدولي قرر إيقاف القطري بن همام عن مزاولة أي نشاط رياضي على خلفية اتهامه بتقديم رشاوى وأموال بالخفاء لصالح اتحادات وأعضاء مقابل منحه أصواتهم. المهندي سار على خطى بن جلدته و «الفيفا» يدفع ثمن الفساد «الأخلاق» الدولية: ابن همام دفع الأموال مقابل التصويت ل«مونديال 2022» عضو أفريقي موقوف منح صوته للدوحة.. وآخر أراد دعم أستراليا فأبعدوه بداية الفضيحة بدأ الفساد القطري ينكشف حين نُشر على مواقع الانترنت صوراً لظروف تحمل بداخلها 40 ألف دولار يؤكد ناشروها أنها أرسلت من المسؤول القطري بن همام إلى أعضاء اتحاد الكونكاف لشراء أصواتهم في حملته الانتخابية على رئاسة الاتحاد الدولي، ورفض بن همام حينئذ أن يحضر لجلسة الاستماع أمام لجنة الأخلاق المكلّفة بالتحقيق معه وتغيب عن الحضور مما دفعها لإصدار قرارها بإيقافه مدى الحياة، كان هذا القرار القاسي على الرياضة الآسيوية التي تقودها قطر ممثلة بابن همام هو الأول من نوعه في اتهام مسؤول آسيوي رياضي قاري بتهم الفساد والعبث بما يتنافى مع قواعد الاتحاد الدولي والتي كان "الفيفا" ومازال يشدد عليها وعلى التمسك بها، إلا أنّ القطري بن همام خالف ذلك وأساء بقرار الإيقاف إلى سمعة الرياضة الآسيوية ووضعها موضع شك وتهمة. من الشهرة إلى الإيقاف يعتبر محمد بن همام المولود في الثامن من مايو عام 1949م أحد أشهر الرياضيين القطريين فقد تدرج في مناصبه الرياضية من أعماق رياضة بلاده وترأس في أوائل حياته نادي الريان لمدة 15 عاماً ابتدأت منذ عام 1972م ، وجمع مع رئاسته للريان رئاسة الاتحاد القطري للتنس لمدة أربعة أعوام انتهت إبان رئاسته للريان، وترأس اتحاد الكرة في بلاده لمدة أربعة أعوام من عام 1992 إلى 1996. الدفع نحو الفساد مع نهاية ولاية بن همام رئيساً لاتحاد الكرة القطري عُين في مجلس الشورى (البرلمان القطري) بتوصية من أمير دولة قطر حمد بن خليفة آل ثاني، وفي العام ذاته انتخب عضواً في اللجنة التنفيذية ل"الفيفا" حتى عام 2002، وفي عام 2002 بدأ مسيرته رئيسا للاتحاد الآسيوي وامتدت فترة رئاسته حتى عام 2011م حين صدر القرار بإيقاف أنشطته ومنعه من ممارسة الرياضة مدى الحياة. وترى صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية أن بن همام لعب دوراً بارزاً في حصول بلاده على حقوق تنظيم كأس العالم 2022، فقد أفردت تقريراً صحفياً قبل بدء مونديال كأس العالم في البرازيل عام 2014 كشفت فيه عن أدلة جنائية تؤكد وجود علاقة خفية بين بن همام وجاك وارنر الذي تلقى 450 ألف دولار مقابل تصويته على ترشيح قطر لاستضافة المونديال، وقالت الصحيفة البريطانية: "أنها حصلت على عدد كبير من الوثائق تتضمن رسائل إلكترونية وخطابات وتحويلات مصرفية تؤكد أنها دليل على دفع القطري بن همام مبالغ مالية وصلت إلى خمسة ملايين دولار لمسؤولين مقابل دعمهم لملف قطر لاحتضان نهائيات مونديال 2022، وعلى الرغم من نفي قطر حينئذ لتكليف بن همام بالقيام بأي عمل من هذا النوع إلا أن ذلك لا تراه الصحيفة البريطانية سبباً مقنعاً لنزاهة الملف القطري وتقول: "استراتيجية بن همام كانت الحصول على دعم المسؤولين الأفارقة في الاتحاد الذين يشاركون في التصويت وقد تبين من خلال الوثائق التي حصلنا عليها أنه دفع مبلغ 305 آلاف يورو لتغطية مصاريف قضائية لمسؤول سابق في الاتحاد الدولي عن أوقيانوسيا يدعى رينالد تيماري وهو من تاهيتي فقد كان ممنوعاً من التصويت لإيقافه بسبب قضية رشوة ووفر له بن همام الدعم المالي لتقديم استئناف قضائي لتعليق الإيقاف حتى لا يصوت نائبه ديفيد تشانغ بدلاً منه والذي كان سيمنح صوته لاستراليا بدلاً من قطر". واتهمت الصحيفة ذاتها بن همام بوضعه مبالغ في حسابات 30 اتحاداً أفريقياً وواصلت نشر الحقائق التي تمتلكها حول دور بن همام في استضافة قطر لمونديال 2022 فتقول: "مبلغ يصل قرابة مليون ونصف المليون دولار وضعها بن همام في حساب جاك وارنر نائب رئيس إتحاد "الفيفا" ورئيس اتحاد الكونكاكاف السابق كان منها 450 ألف دولار قبل التصويت لملف قطر". مليون دولار يغري وارنر وتفصل صحيفة "تيليغراف "البريطانية في المبلغ الذي تلقاه جاك وارنر من نظيره القطري قائلةً: "تلقى وارنر رشوة بقيمة مليوني دولار من شركة قطرية يملكها بن همام للتصويت لملف قطر كان منها مليون و600 ألف دولار حصل عليها وارنر شخصياً بعد فوز قطر بملف الاستضافة فيما استلم ولداه 750 ألف دولار فيما استلم أحد الموظفين لدى شركة وارنر مبلغ 400 ألف دولار". وترى الصحيفة ذاتها أن شركة بن همام قد سبق لها وأن دفعت مبلغ مليون ومئتا ألف دولار لوارنر عام 2011 . وعوداً إلى تقرير صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية فتقول إن بن همام استضاف في ديسمبر عام 2009 ثلاثة من أبرز الناخبين الأفريقيين ومعهم 35 مسؤولا لكرة القدم في الدوحة بتمويل من اللجنة القطرية لاستضافة ملف المونديال، ونشرت الصحيفة رسائل الكترونية جرت بين القطري بن همام وجون موينغو رئيس إتحاد الكرة في ناميبيا – إحدى دول جنوب غرب أفريقيا – وعد فيها موينغو القطري بن همام بالتصويت لملف قطر ودعمه مقابل طلب مساعدات مالية وصلت قرابة خمسين ألف دولار لبناء ملاعب كرة قدم وقد تعهد له بن همام بدفعها في أسرع وقت. رشاوي شملت الكل وكشفت الصحيفة عن مراسلات بين القطري بن همام والإيفواري جاك أنوما عضو اللجنة التنفيذية بالفيفا آنذاك عقبه إقامته في الدوحة وتمت المراسلة بينهما عن طرق الأمين العام لاتحاد ساحل العاج ووعده أنوما بالمساندة التامة للملف القطري مقدماً في رسالة البريد ذاتها عن شكره وامتنانه لكرم الضيافة الذي تلقاه وزوجته إبان وجودهما في العاصمة القطرية، وكان أنوما أحد المتهمين الثلاثة بحصوله على مبلغ مالي مقابل التصويت لقطر، ديفيد فاني رئيس إتحاد الكرة في جمهورية بوتسوانا – جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا الجنوبية – بعث عبر بريده الالكتروني رسالة شكر إلى القطري بن همام معرباً عن إعجابه بما شاهده في الدوحة وقال:" ليس لدي أي شك في أن بلدكم سيكون جاهزاً حتى من دون تصويت، وسأكون سعيداً بمنحكم مساندتي الكاملة وسأراسلكم في العام الجديد بشأن تقديم المساعدة إلى جمعية بوتسوانا لكرة القدم وفقاً لنقاشنا بهذا الشأن". أول مسؤول آسيوي فاسد ويعتبر القطري محمد بن همام هو أول مسؤول آسيوي يواجه الإيقاف عن ممارسة كرة القدم مدى الحياة بتهمة الفساد وخرق قواعد "الفيفا" في بقاء الرياضة نزيهة وبعيدة كل البعد عن مواطن الريبة والشك، وعلى الرغم من إيقافه عن مزاولة النشاط إلا أنه في عام 2013 حاول التدخل في انتخابات رئاسة الإتحاد الآسيوي وهو الذي قابلته الكويت بالرفض التام وخاطبت "الفيفا" بتجاوزاته مما أجبر الاتحاد الدولي بمخاطبة الاتحاد القطري والتشديد على أن تدخل بن همام من قريب أو بعيد بعملية الانتخابات الآسيوية يعتبر خرقاً واضحاً لعقوبة "الفيفا" المفروضة عليه. المهندي تلميذ بن همام لحق ببن همام في قائمة العقوبات مواطنه القطري سعود المهندي نائب رئيس الاتحادين القطري والآسيوي ففي نوفمبر عام 2016 أعلن "الفيفا" عن عقوبة المهندي بإيقافه لمدة عام مع غرامة مالية ب20 ألف فرنك سويسري نتيجة عدم تعاونه مع غرفة التحقيق في الدعوى المنظورة ضد طرف ثالث، ونتاج هذه العقوبة تم إقصاء المهندي من الترشح لعضوية مجلس الاتحاد الدولي "فيفا". المهندي.. تعلم من الرئيس الموقوف طرق الفساد ابن همام وبلاتر.. فساد نخر في جدران الاتحاد الدولي لكرة القدم كيف فازت قطر بتنظيم «المونديال».. الجواب لدى الأعضاء الموقوفين